أعلنت وزارة التخطيط العراقية، أمس الأحد، عن انخفاض نسبة الفقر في البلاد إلى 22 بالمائة، بعد أن بلغت 25 بالمائة من عدد السكان العام الماضي.
ونقلت وسائل إعلام عراقية عن المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي أن “التوقعات في ما يتعلق بالفقر، ونحن نستعد لإطلاق المسح الاقتصادي الاجتماعي للأسرة قريباً، أن نسبة الفقر انخفضت، وهذا مبني على مؤشرات لدينا”.
وأكد الهنداوي أن “نسب القريبين من خط الفقر هي الأخرى بدأت تنخفض، حيث كانت في عامي 2007 و2009 تشكل 7 بالمائة، انخفضت في عام 2014 إلى 6 بالمائة، ثم انخفضت في عامي 2017 و2018 إلى 5 بالمائة”، موضحاً أن “التوقعات تشير إلى وجود تراجع في معدلات الفقر شهده العراق خلال السنة الأخيرة”.
ويفسر مسؤولون في الوزارة أن الانخفاض البسيط في معدلات الفقر جاء بسبب الخطط التي رسمتها حكومة محمد شياع السوداني بفتح المجال أمام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لزيادة المعونات المالية للمستحقين، إضافة إلى إطلاق حملة التعيينات في القطاع الحكومي الذي زاد عن 800 ألف درجة وظيفية جديدة، لكن معدلات البطالة زادت من جرّاء عدم الاهتمام بالقطاع الخاص من قبل الدولة.
وقال مسؤول في وزارة العمل العراقية إن “نسبة البطالة في العراق غير مسيطر عليها، بسبب الزيادات الحاصلة من تخرج عشرات الآلاف من الشباب والشابات من المعاهد والكليات بمعدل سنوي، إضافة إلى النمو السكاني السريع في البلاد”، مبيناً أن “الحكومة العراقية الحالية تراعي هذه النسبة، لكنها لحد الآن لم تتجه نحو تفعيل وتقوية القطاع الخاص، وفتح المعامل والمصانع العراقية المعطلة”.
وفي وقت سابق، أشارت وزارة التخطيط إلى أن نسبة البطالة بين صفوف الشباب للأعمار بين 18 إلى و30 سنة تتجاوز 20 بالمائة، بينما تنخفض النسبة للأعمار المتقدمة من شريحة القوى العاملة، فيما توضح من خلال بياناتها الرسمية أن “استئناف العمل بالمشاريع المتوقفة وخلق الفرص الاستثمارية داخل البلاد من شأنهما أن يوفرا فرص عمل جيدة للعاطلين”.
من جهته، أشار عضو البرلمان العراقي محمد الصيهود إلى أن “الحكومة الحالية تمضي باتجاه حلّ أزمة الفقر والبطالة بالإمكانيات المتوفرة والمتاحة، وهناك فرص استثمارية تسعى حكومة السوداني لخلقها في عدد من المحافظات، ومنها الموصل والبصرة وبغداد وصلاح الدين، لاستيعاب الشباب العاطلين”.
وأكمل الصيهود، أن “مجموعة إجراءات اتخذتها الحكومة في الأشهر الماضية، ومنها توسيع نسبة المستفيدين من رواتب الرعاية الاجتماعية، إضافة إلى تعيين المتعاقدين مع الدولة واستيعاب درجات وظيفية أكثر”، معتبراً أن “مسألة المعامل والمصانع العراقية المعطلة تحتاج إلى إرادة حقيقية، كما أنها بحاجة إلى تخصيصات مالية لإعادة تأهيلها، لاسيما أن بعضها خارج عن الخدمة من تسعينيات القرن الماضي”.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بيَّن رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، ستار دنبوس براك، أن “هناك 6 ملايين عاطل من العمل في العراق، وإن هذا الملف لم تكن له معالجات حكومية”، مؤكداً في تصريحات أن “أزمة العاطلين تتفاقم في البلاد، لا سيما مع دخول العمالة الأجنبية إلى العراق من دون علم وزارة العمل”.
بدوره، لفت الباحث في الشأن الاقتصادي، علي الشمري، إلى أن “معظم الدراسات والإحصاءات التي تتحدث عنها الحكومة العراقية غير دقيقة، لأن الوضع على أرض الواقع أكثر مأساوية، وأن النسبة التقريبية للبطالة هي 40 بالمائة، لأن الحكومة تعتمد على نسبة الباحثين عن العمل فقط، وليس المستحقين للعمل، وأن هناك مهندسين ومعلمين يعملون في السوق بمهن كثيرة، بالتالي فإن هؤلاء يندرجون ضمن المستحقين للوظيفة الحكومية أو في الشركات والقطاع الخاص”.
وأكمل الشمري، أن “الحكومة لا تطبق قانون العمل الخاص بسنة 2015، وهي تمارس إسعافات بدائية بين فترة وأخرى للباحثين عن العمل، من خلال التعيينات التي ترهق الدولة، إضافة إلى المعونات المالية الشهرية للفقراء، دون التفكير بحلول تنموية تقضي على البطالة والفقر معا”.
ويُعَدّ ملف العاطلين من العمل في العراق واحداً من أبرز الملفات التي شهدت تفاقماً، لا سيما في السنوات الأخيرة، ومعظم هؤلاء من الخرّيجين الجامعيين والذين يحملون شهادات عليا. ورغم الوعود التي تطلقها الحكومات المتعاقبة لإيجاد حلول لهذا الملف، من بينها توفير فرص عمل وتعيينات حكومية لتخفيف نسب البطالة، فإنّ ذلك يأتي من دون جدوى.