تزايد حالات قتل النساء في تونس رغم صدارتها في حقوق المرأة
Share
تواجه النساء في تونس أزمة كبيرة متعلقة بتزايد مؤشرات العنف ضد المرأة، وارتفاع حالات قتل النساء على يد أزواجهن أو أحد أفراد العائلة.
حقوقيات تونسيات نددن بضعف تطبيق القانون عدد 58 سنة 2007، داخل المحاكم ولدى الجهات الأمنية، وقصور الإجراءات والجهود من الجهات المعنية للحد من الظاهرة.
قبل نحو شهر قتلت ثلاث زوجات على أيدي أزواجهن، في مناطق متفرقة من البلاد، فيما وصلت الحصيلة منذ مطلع العام 2023، وحتى الآن إلى نحو 9 نساء في مختلف أنحاء تونس، وفق جمعيات حقوقية تونسية.
تصنف تونس على أنها في مقدمة الدول العربي التي تراعي حقوق النساء، رغم ذلك يستمر مسلسل قتل النساء بشكل مخيف، كما في عديد الدول العربية، ففي 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، قتلت التونسية وفاء السبيعي حرقا على يد زوجها، الذي أضرم بها النيران وهي حية.
تفاقم الظاهرة
حقوقيات نددن بعمليات القتل المستمرة منذ سنوات، ومن بينهن رفقة الشارني التي أرداها زوجها قتيلة بالرصاص في 9 مايو/ أيار 2021، ويمينة البحروني التي قتلت ذبحا على يد زوجها أيضا في 10 يونيو/ حزيران 2022، إلى جانب عشرات الحالات على مدار السنوات الماضية.
من ناحيتها قالت أحلام الهمامي ناشطة نسوية تونسية، إن حالات قتل النساء في تونس مخيفة، بالنظر لوجود 9 حالات قتل في ثلاثة أشهر فقط، ما يؤكد تفاقم مؤشرات العنف ضد النساء بشكل عام.
وأضافت الهمامي أن القانون عدد 58 سنة 2007، تناول الجوانب القانونية الخاصة بالعنف ضد المرأة في شتى النواحي، لكن آليات التطبيق غير فعالة حتى الآن، من حيث الإجراءات وكذلك من الثقافة والتوعية.
ترى الهمامي أن العديد من الأسباب المتراكمة منذ أزمة كورونا وما تبعها من أعباء اقتصادية، فاقمت العنف ضد المرأة، التي باتت الضحية الأولى للتحولات الاجتماعية الحاصلة.
وتضيف الهمامي أن الحد من عمليات العنف يتطلب التطبيق الفعلي للقانون 85 لسنة 2007، والعمل على إنزاله على أرض الواقع للحد من تفاقم الظاهرة.
فيما يتعلق بجهود وزارة المرأة في تونس توضح الناشطة أن عمليات التوعية التي تقوم بها الوزارة غير كافية، خاصة أن الأمر لا يمكن حله عبر توعية الإدارات أو المؤسسات، ويحتاج لاستراتيجية شاملة.
ارتفاع حالات العنف
وشهدت تونس ارتفاع حالات العنف ضد المرأة خلال العام 2021 بنسبة 77%، حسبما أفادت جليلة الزنايدي، مسؤولة لجنة العنف داخل الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات.
وأشارت الزنايدي وفق تصريحات صحفية حينها، إلى أن مراكز الاستماع بالجمعية تلقت في سنة 2019، 640 تبليغا عن حالات تعرض للعنف فيما وصل العدد سنة 2021 إلى 1140 حالة.
وترى المسؤولة أنه ثمة علاقة بين ارتفاع حالات العنف ضد المرأة في تونس وتفشي جائحة كورونا وما جاء خلالها من أشهر حجر صحي خاصة شهري مارس/ آذار و أبريل/ نيسان 2021.
وانتقدت الزنايدي عدم تطبيق القانون رقم 58 قائلة إنه أصبح حبرا على ورق ولم يتم وضع الآليات اللازمة لتطبيقه “فيما يتواصل استعمال قوانين بالية”، على حد تعبيرها.
أرقام مفزعة
فيما أوضحت القانونية التونسية نعمة النصيري، أن مؤشرات العنف تتزايد بشكل لافت في الآونة الأخيرة، وأضافت أن “نحو 9 نساء قتلن منذ شهر يناير/ كانون الثاني، حتى شهر أبريل/ نيسان، وهي نسبة مخيفة”.
وقتلت امرأة في 2 يناير/ كانون الثاني بمنطقة “بوحجلة” على يد زوجها طعنا بالسكين، فيما قتلت أخرى في 27 من نفس الشهر، على يد نجلها، وقام بتقطيعها.
وفي 15 أبريل الجاري، قتلت امرأة على يد زوجها، فيما أصيبت صديقتها بجروح.
وترى القانونية التونسية، أن النساء في تونس تواجهن الموت أمام الدولة والمجتمع، في حين أن الصمت يساهم في قتل النساء، كما تساهم الذكورية في قتلهن أيضا.
وتابعت “بالنسبة للمؤشرات السابقة لارتفاع عدد قتل النساء وبشكل ملحوظ أيام الحجز الصحي للوباء العالمي الكوفيد، وحسب عدد النساء الوافدات عن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات سواء من أهالي من قتلن، أو تعرضن للقتل، بلغن نحو 20 امرأة”.
إضافة إلى “عدد الشكاوى الواردة إلى مندوبات المرأة، رغم أن القانون عدد 58 لسنة 2017 فرض على الدولة إيجاد مرصد وطني لتقديم الاحصائيات الرسمية والمتابعة للنساء ضحايا العنف”.
وترى أن المجتمع” أصبح يستبطن تقتيل النساء وتعنيفهن واغتصابهن، نتيجة تراجع المد الثقافي وإعادة إحياء الفكر الذكوري، وتدعيم السلطة الأبوية من خلال التصريحات المتخلفة لبعض من هم في الدولة أو السلطة السياسية”.
وترى أن هناك حاجة ماسة لتطبيق القانون وعدم التعامل مع نصوصه باستخفاف، وكذلك مراقبة الدولة من خلال تفعيل المرصد الوطني للنساء ضحايا العنف، لتفعيل آليات مراقبة تطبيق القانون وتفعيله لحماية النساء من القتل، وأن تضع الدولة القضية ضمن الأولويات باعتبارها قضية وطنية.
إحصاءات رسمية
وكانت وزارة المرأة والأسرة والطفولة التونسية قد كشفت، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عن رقم ضخم للشكاوى من العنف ضد المرأة في تونس.
وحسب بيان للوزارة، قالت: “يتلقى الخط الأخضر 1899 للتبليغ عن حالات العنف ضد المرأة، الذي يعدّ من آليات المرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة، أكثر من 15 ألف مكالمة سنويا”.