أعلنت الحكومة العراقية عطلة رسمية في عموم مدن البلاد، غداً الاثنين، بمناسبة عيد العمال العالمي، في وقت يعاني فيه عمال هذا البلد من مشاكل كثيرة وعدم وجود ما يضمن حقوقهم الكاملة.
وفي إحصائية رسمية صادرة عن اتحاد نقابات العمال في العراق، فإن عدد العمال المسجلين رسمياً في العراق ضمن قاعدة بيانات الضمان الاجتماعي لا يتجاوز 650 ألف عامل. وتعاني الطبقة العاملة في العراق من الحرمان وعدم ضمان الحصول على الحقوق وغياب فرص العمل.
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، ستار دنبوس، إن “عمال العراق يواجهون الكثير من الصعوبات والتحديات، في مقدمتها دخول العمال الأجنبية والحد الأدنى للأجور وبيئة العمل والإقصاء التعسفي”.
أضاف دنبوس، أن من بين أكبر المشاكل التي تواجه العمال في العراق، تسريح العمال وسط غياب القوانين التي تضمن تفعيل القطاع الخاص ووسائل الإنتاج الصناعي والزراعي والإنشائي، وبيّن أن “المنتجين وأصحاب العمل يشكون من عدم حماية الدولة للقطاع الخاص والمنتج المحلي، ما يدفعهم إلى عدم استمرارية العمل، ما يضر كثيراً بالواقع الاقتصادي”.
غياب الضمان
وعن دور الدولة في حماية حقوق العمال، أكد دنبوس أن قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015 شمل عدداً من المزايا التي تضمن حماية العامل العراقي وحقوقه، إلا أن هذا القانون تشوبه العديد من المشاكل، والعمل جارٍ على تعديل القانون بالتعاون بين اتحاد نقابات العمال ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية للتنسيق مع البرلمان العراقي.
وقال عبد الرزاق المشهداني، الذي يعمل في الشركة العامة لصناعة الزجاج غربيّ البلاد، إن العمال في العراق يعانون من عدم إمكانية حصولهم على الضمان الاجتماعي.
عمال العراق في عيدهم… البطالة تدفعهم إلى الهجرة
وأكد المشهداني أن “كبار السن من العمال أو من يتعرضون للحوادث في أثناء العمل لا يجدون أي ضمانات أو حقوق تساعدهم على تحمّل مشقات الحياة بعد فقدانهم القدرة على العمل”. فيما أكد كمال حميد، وهو عامل في إحدى المؤسسات الإنتاجية التابعة للقطاع الخاص، أنهم على الرغم من سنوات العمل الطويلة، إلا أن شركات القطاع الخاص تمتنع عن تسجيل العاملين لديها في صندوق الضمان، ولا توجد لهم حقوق تقاعدية تؤمن لهم احتياجاتهم المستقبلية.
وأضاف حميد أن العمال يمتنعون من جانبهم عن التسجيل في صندوق الضمان بسبب عدم قدرتهم على تحمل الاقتطاعات المالية المطلوبة للضمان، نتيجة انخفاض الأجور والظروف الاقتصادية الصعبة.
تهديدات وضعف نقابي
وأضاف المتحدث ذاته أن هناك فئة كبيرة من العمال يتعرضون للابتزاز وسوء المعاملة في مواقع العمل، فضلاً عن وجود تمييز بين العمال على أساس الولاء العشائري والطائفي والمذهبي، أو الحزبي. وأكد أن عدداً كبيراً من العمال تعرضوا لتهديدات بإنهاء عقودهم أو نقلهم إلى أقسام وأماكن عمل أخرى ضمن ذات المؤسسة مقابل الحصول على الرشوة أو الولاء.
ويرى كاظم العزاوي، الذي يعمل هو الآخر في القطاع الخاص، أن العمل في العراق اليوم لم يعد كما كان في السابق، ودور النقابات العمالية أصبح هامشياً بسبب التأثيرات السياسية والحزبية.
وأوضح العزاوي أن النقابات العمالية كانت لها تأثيرات سياسية واجتماعية واقتصادية، فضلاً عن تغيير الأنظمة السياسية، لما تمتلكه من قوة وموارد بشرية كبيرة نابعة من قوة القطاعات الإنتاجية في العراق، إلا أن وضع العمال اليوم سيّئ للغاية، ودور النقابة غائب تماماً عن أي تأثير يمكن أن يستفيد منه العاملون.
وأشار إلى أن “انعدام فرص التطوير وإعادة تأهيل العمال لكي يستجيبوا لحاجات سوق العمل ومتطلباته، جعل من العمال ذوي المهارات عالة على سوق العمل، ومهددين دوماً بالاستغناء عن خدماتهم وحرمانهم استحقاقاتهم المالية”.
ضعف تشريعي
وأكد الباحث الاقتصادي علي العامري عدم وجود رؤية حكومية أو برلمانية لحل مشكلة الضمان الكامل للعمال في العراق بشكل يعينهم على مواجهة مصاعب الحياة وظروفها من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور وفرض حد التأمين والاستقطاعات التقاعدية، من خلال رفع مرتبات العاملين بما يتلاءم من ضمان إمكانية سداد مستحقات التأمين.
عمال العراق بين بيئة ضارة وتشريعات غائبة
وأضاف العامري، أن هناك ثمانية اتحادات ونقابات تمثل شريحة العمال في العراق، وعلى الرغم من ذلك فالعامل العراقي يعاني من مشاكل عديدة متراكمة تتمثل بالتمييز وجشع أصحاب العمل، بالإضافة إلى ضعف القانون الذي ساهم في تهميش العمال وحرمانهم حقوقهم.
وأشار العامري إلى أهمية تفعيل دور النقابات العمالية وإبعادها عن السياسة، فضلاً عن رفع الحد الأدنى للأجور وإنصاف العاملين، بالإضافة إلى فتح مجالات الاستثمار وفرص العمل في القطاعات الإنتاجية الخاصة والمختلطة، من أجل تخفيف الضغط على القطاعات الحكومية وفتح آفاق التوظيف العمالي في المنشآت الإنتاجية.