الأمم المتحدة: العراق يواجه حالياً أسوأ موجة جفاف في العصر الحديث
Share
في ظلّ تغير المناخ وتأثيراته على العراق وأزمة المياه، يكشف رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بغداد، آوكي لوتسما، أن العراق يواجه حالياً أسوأ موجة جفاف في العصر الحديث، مشيراً إلى تناقص حاد في كميات حصة الفرد العراقي من المياه. من جهة أخرى، يتحدث عن وجود 27 ألف مواطن عراقي في مخيم الهول السوري في الوقت الحالي، وكثيرون منهم تحت سن 12 عاماً، مؤكداً دعم الأمم المتحدة جهود إعادتهم إلى البلاد بأسرع وقت ممكن.
ويقول: “نعمل على دعم المجتمع لإعادة دمج العائلات التي نزحت، من بينها تلك العائدة من مخيم الهول، وذلك يشمل دعم اتفاقيات السلام المحلية (المصالحات العشائرية) لمساعدة العائلات على العودة إلى مجتمعاتها وتوفير سبل العيش ودعم الصحة النفسية وإعادة تأهيل المساكن لجميع العائلات العائدة وأفراد المجتمع”.
ومنذ عامين، بدأت السلطات العراقية برنامجاً لإعادة مواطنيها الموجودين في مخيم الهول الواقع بمدينة الحسكة على مقربة من الحدود العراقية السورية، لكن عمليات الإعادة توصف بأنها بطيئة، إذ تمت إعادة نحو 600 عائلة فقط حتى الآن. وفي ما يتعلق بملف النزوح الداخلي بمدينة سنجار غربي الموصل، يشير إلى وجود 200 ألف نازح لا يزالون خارج المدينة حتى الآن على الرغم من تحريرها من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” منذ ما يزيد عن 7 سنوات. ويرى أن سبب عدم عودتهم يعود إلى “نقص الخدمات والتوترات داخل المدينة، وتأخر عودتهم يتطلب جهوداً جماعية لمعالجة الموقف”.
يضيف أن البرنامج الأممي في العراق “يدعم جهود إعادة تأهيل البنى التحتية والخدمات الأساسية في المناطق الأكثر تضرراً خلال الصراع ضد داعش بمحافظات العراق الخمس المحررة، أي الأنبار وديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين، ويركز على تسعة قطاعات رئيسية، وهي الكهرباء والصحة والمياه والتعليم والصرف الصحي وسبل العيش والبلديات والطرقات والجسور والتماسك المجتمعي، وبدعم من 30 شريكاً دولياً بما في ذلك العراق. ودعمنا حتى الآن عودة أكثر من 4.9 ملايين عراقي نزحوا بسبب صراع داعش، وإنجاز أكثر من 3526 مشروعاً لتحسين حياة أكثر من 8.3 ملايين عراقي”.
ويشرح وضع البلاد إزاء تحديات تغير المناخ والجفاف، مبيناً أن “العراق يواجه حالياً أسوأ موجة جفاف في العصر الحديث تقوض الإنتاجية الزراعية وتهدد الدخل والأمن الغذائي للسكان”. ويشير إلى أن “تغير المناخ يشكل تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان الأساسية والنمو المستدام والسلام والاستقرار في العراق”.
يتابع: “يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم مشكلة شح وتراجع جودة مياه نهري دجلة والفرات اللذين ينتجان أكثر من 90 في المائة من المياه السطحية للعراق”. وتشير التقديرات إلى أن زيادة درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة وانخفاض هطول الأمطار بنسبة 10 في المائة بحلول عام 2050 سيؤديان إلى انخفاض بنسبة 20 في المائة في المياه العذبة المتوفرة، وبالتالي انخفاض بنسبة 25 في المائة في كمية المياه التي تستخدم لقطاع الزراعة الذي يستهلك حوالي 80 في المائة من مياه العراق، ما يجعل تغير المناخ تهديداً حقيقياً للأمن الغذائي”.
كما يؤكد تراجع حصول البلاد على المياه من “حوالي 30 مليار متر مكعب عام 1933 إلى حوالي 9.5 مليارات اليوم. ومن المتوقع أن يصل نصيب الفرد من المياه إلى 479 متراً مكعباً بحلول عام 2030. والأمر بعيد كل البعد عن معيار منظمة الصحة العالمية البالغ 1700 متر مكعب سنوياً. وهذا يهدد الأمن الغذائي والحياة والتنمية”. يضيف أن “أهوار بلاد ما بين النهرين، والتي كانت في يوم من الأيام أكبر الأراضي الرطبة في الشرق الأوسط وموطناً للتنوع البيولوجي، قد تقلص حجمها بأكثر من 90 في المائة منذ سبعينيات القرن الماضي بسبب انخفاض تدفق مياه الأنهار”.
ويختم حديثه قائلاً إن “موضوع تغير المناخ يقع في صميم عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو قضية إنمائية شاملة. ندعم الحد من انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع آثار تغير المناخ وتعزيز القدرات المؤسساتية لمنع تأثيرات تغير المناخ والتصدي له، وتعميم مراعاة مخاطر هذا التغير في سياسات التخطيط والتنمية”.
يشار إلى أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي، كانتا قد أعلنتا أن العراق من أكثر دول العالم تأثراً بتغير المناخ، ما يعني أن الزراعة في البلاد قد تكون عرضة لأجواء متطرفة صيفاً وشتاءً، والأمر يستدعي مواجهة تبعات الأزمة.