تسجيل بيانات الصحفيين الأفغان، هل هو فخ تنصبه طالبان؟
Share
باشرت مجموعة طالبان منذ سيطرتها على أفغانستان “سياسة اضطهاد” الصحفيين ووسائل الإعلام الأفغانية؛ السياسة التي من المقرر متابعتها الان من خلال مشروع جديد.
وقررت وزارة إعلام وثقافة طالبان حديثا تسجيل بيانات جميع الصحفيين والإعلاميين الأفغان لإصدار بطاقات صحفية لهم.
وذكر بيان للوزارة أن هذا القرار اتخذ في جلسة ترأسها وكيل وزارة الإعلام والثقافة بالنيابية مولوي خير الدين خير خواه.
وقد اتخذت وزارة إعلام وثقافة طالبان هذا القرار بينما قامت الدوائر المختلفة لا سيما استخبارات طالبان، لحد الان بملاحقة الصحفيين واعتقالهم.
وما يزال مرتضى بهبودي الصحفي الأفغاني – الفرنسي، معتقلا لدى سلطات طالبان. وقد أعتقل المذكور أثناء مراجعته وزارة الإعلام والثقافة لتمديد بطاقته الصحفية.
وإضافة إلى ذلك، ألقت قوات طالبان قبل أيام القبض على سيف الله رضائي مراسل إذاعة “نسيم” بولاية دايكندي بوسط أفغانسان لعدة ساعات تعرض فيها للاضطهاد والإيذاء.
مشروع تسجيل بيانات الصحفيين، كيف يمكن أن يشكل أداة ضغط؟
وقوبل مشروع وزارة إعلام وثقافة طالبان لتسجيل بيانات الصحفيين، بمواقف رافضة عبرت عنها المؤسسات المدافعة عن حقوق الصحفيين والإعلاميين وكذلك عدد من المراسلين والإعلاميين الأفغان.
وأصدر مركز الصحفيين الأفغان، بيانا قال فيه أن مشروع تسجيل بيانات الصحفيين بوزارة الإعلام والثقافة “يمهد لممارسة الضغط” على الإعلاميين والمراسلين.
وأضاف أن “مركز الصحفيين الأفغان، يرى أن هذا المشروع بشكله المُعلن، يقع خارج نطاق صلاحيات وزارة الإعلام والثقافة ويتعارض وروح استقلال وحرية عمل الصحفيين ويشكل أداة ضغط عليهم” مطالبا بإلغائه.
وتابع مركز الصحفيين الأفغان أن جميع الحالات المتصلة بنشاط وحقوق الصفحيين والمخالفات الإعلامية والصحفية، وردت في قانون وسائل الإعلام بأفغانستان، وأن القرارات المتعلقة بالإعلام والمراسلين، يجب أن تتخذ بما يتفق مع هذا القانون.
وقال صحفي أفغاني حرّ لمراسل شفقنا إن مجموعة طالبان تريد في ظل تطبيق هذا المشروع “نصب فخ كبير” للصحفيين.
وأضاف هذا الصحفي الذي أراد عدم الإفصاح عن اسمه أنه إن أقدم الصحفيون على تسجيل أسمائهم وعناوينهم وبياناتهم لدى وزارة إعلام وثقافة طالبان، فان بوسع هذه المجموعة القبض عليهم متى ما شاءت وسيتم بالتالي اعتقال وتعذيب عدد كبير من المراسل والصفحيين بذرائع مختلفة.
كما أبلغ صحفي أفغاني حرّ آخر مراسل شفقنا أنه مع تطبيق هذا المشروع فان “الصحافة الحرة والمستقلة” سترحل عن أفغانستان وإلى الأبد وأن المراسلين والإعلاميين الذي تسجلوا لدى وزارة الإعلام والثقافة لن يتمكنوا أبدا من إعداد تقارير وأخبار عن مظالم وفظاعات هذه المجموعة.
وأضاف أن هذا المشروع سيزيد من الرقابة وقمع الصحفيين ووسائل الإعلام؛ لانه ثبت اليوم للجميع أن مجموعة طالبان لا تعير أي أهمية وقيمة لحرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة والإعلام.
كيف مارست طالبان لحد الان الضغط على الصحفيين؟
وقد فرضت مجموعة طالبان لحد الان قيودا صارمة على الصحفيين ووسائل الإعلام الأفغانية واعتقلت مرارا الصحفيين أثناء إعدادهم الأخبار والتقارير.
ومنذ الأيام الأولى من استحواذ طالبان على السلطة، ألقت هذه المجموعة القبض على عدد كبير من المراسلين الذين كانوا يعدون أخبارا وتقارير حول احتجاجات النساء في كابل وسائر المدن الأفغانية.
كما داهمت هذه المجموعة مرارا مقار عدد من وسائل الإعلام وطالبتها بإصدار صحفها ونشراتها بما يتطابق مع تعليماتها وأوامرها.
وقد مارست طالبان المزيد من الضغط على الصحفيات والإعلاميات الأفغانيات وأرغمتهن على ارتداء الملابس السوداء الطويلة وكذلك الأقنعة السوداء أثناء تقديمهن البرامج التلفزيونية. وعلى إثر هذه الضغوطات، تراجع اليوم عدد الصحفيات والإعلاميات الأفغان بشكل ملحوظ في البلاد.
إن تعاطي مجموعة طالبان بعنف مع الصحفيين آخذ بالتزايد، وتم تسجيل حالات عديدة من ذلك من قبل المؤسسات المدافعة عن حقوق الصحفيين.
وتفيد إحصاءات مركز الصحفيين الأفغان أنه تم خلال عام 2021 تسجيل 319 حالة عن ممارسة طالبان العنف ضد الصحفيين 160 حالة منها تمثلت في الاعتقال غير القانوني لهم.
كما سجل هذا المركز عام 2022، نحو 237 حالة لانتهاك حرية الإعلام والصحافة بما يشتمل على التهديد والاعتقال والتعامل القسري.
وبعد هيمنة طالبان على أفغانستان، غادر معظم الصحفيين الأفغان البلاد إلى الخارج وأن العديد من الصحفيين الأحرار الموجودون الان في أفغانستان، يعيشون في الخفاء خوفا من الاعتقال والتعذيب على يد طالبان.
ويبدو اليوم أن مجموعة طالبان تسعى من خلال اتخاذ سياسات وتطبيق عدد من المشروعات، شرعنة أدوات الضغط على الصحفيين، لتدرج بذلك الرقابة وقمع واضطهاد الصحفيين والإعلاميين ضمن قوانينها وأنظمتها ولوائحها.