استنكار لمنع الاعتكاف بالأقصى.. أوقاف القدس

نفت دائرة الأوقاف الإسلامية في المسجد الأقصى، اتهامات وجهت لها، بالتماهي مع الاحتلال في طرد المعتكفين من المسجد الأقصى، مؤكدة أنها ليس لديها أي علاقة مع شرطة الاحتلال.

وفي 26 أذار/ مارس (ليلة الأحد 3 رمضان)، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إخراج المعتكفين من المسجد الأقصى، لكن أوساطا مقدسية ذكرت أن الحراس التابعين لوزارة الأوقاف الأردنية، عملوا على إفراغ المسجد القبلي من المعتكفين.

وقال زياد ابحيص الباحث المختص في شؤون المسجد الأقصى ومدينة القدس، في تغريدة على “تويتر”، إن 30 مرابطا بينهم 10 نساء حاولوا الاعتكاف في المسجد الأقصى.

وتابع بأن 10من الحراس التابعين للأوقاف الأردنية حضروا إلى المسجد القبلي لإقناع المعتكفين بالمغادرة بحجة أن “الاعتكاف سيؤدي لاقتحام المسجد من عناصر شرطة الاحتلال بأحذيتهم”، وطلبوا منهم المغادرة إلى المساجد الأخرى في البلدة القديمة.

وأضاف أن “الحراس وشرطة الاحتلال حرصوا على عدم التصوير أو التوثيق؛ وأجبروا اثنتين من المرابطات على حذف المقاطع التي صوروها لمحاولة إخلاء المعتكفين من الأقصى”.

وأشار إلى أن المعتكفين والمعتكفات توجهوا لاحقا إلى مسجد القرمي في طريق الهكاري، الذي تبلغ مساحته نحو 50م2، ولم يستمع لهم مما أجبرهم على المغادرة للضفة أو قرى الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.

وتساءل ابحيص: “حتى متى يمنع الاعتكاف في الأقصى؟.. وبأي مسوغ؟.. وهل باتت مهمة الأوقاف أن تحقق إرادة المحتل بيد ناعمة؟”.

وتابع: “الاعتكاف شعيرة إسلامية؛ وفضيلة مضافة اختصت بها المساجد الثلاثة بالسفر إليها والمكث فيها؛ فلماذا يمكث من يشد الرحال للمسجدين الحرام والنبوي بينما يطرد من يشد الرحال للأقصى إلى قارعة الطريق بعد منتصف الليل؟!”.

وكانت الحركة الإسلامية في القدس المحتلة، طالبت إدارة الأوقاف الإسلامية في المدينة، بتقديم التسهيلات كافة من أجل الاعتكاف، منذ الليلة الأولى لشهر رمضان، وعدم اقتصار ذلك على العشر الأواخر، وتوفير الأئمة والسدنة والخدمة للمعتكفين طوال الليل والنهار.

تسجيل صوتي

ونشر الباحث ابحيص تسجيلا صوتيا على حسابه في “تويتر”، قال إنه لموظف تابع لأوقاف الأردن، وهو يحاول إقناع المعتكفات بمغادرة المسجد الأقصى إلى مساجد القدس الأخرى.

وتساءل ابحيص: “هل الأوقاف تتولى إدارة المسجد الأقصى كمقدس إسلامي نيابة عن الأمة بما يحفظ مكانته وقدسيته؛ أم تمكن الاحتلال من جرها لموقع الوسيط؟ وهل ينقلب الاعتكاف “تهلكة” حين لا ترضى عنه شرطة الاحتلال؟!”.

وتابع: “هذا الموقف ليس معزولا؛ فقد سبقه في العام الماضي إعلان الأوقاف إغلاق باب الاعتكاف حتى 20 رمضان وذلك ليلة الأحد 10-4-2022 الموافق للتاسع من رمضان 1443، ومطالبتها المعتكفين بالتوجه لمسجد الشيخ لولو ومسجد المئذنة الحمراء في البلدة القديمة؛ وهي نفس فحوى كلام الحارس الليلة”.

دائرة الأوقاف ترد

وحول موقف دائرة الأوقاف في القدس من اقتحام الاحتلال وإخراج المعتكفين، أكد الشيخ عزام الخطيب، مدير عام دائرة الأوقاف، أن “كل اقتحام للمسجد الأقصى ننظر له بخطورة بالغة، سواء كان ليلة الأحد أو في أي وقت، وهذا اقتحام غير موافق عليه وفيه تدنيس للمسجد الأقصى المبارك”.

وعن اتهامات بشأن أن إخراج المعتكفين من الأقصى كان بـ”التنسيق” مع إدارة دائرة الأوقاف، نفى الخطيب في تصريح خاص لـ”عربي21″ صحة هذا الكلام.

وقال: “نحن ليس لنا علاقة مع الشرطة الإسرائيلية، وكلام الشرطة الإسرائيلية من الواضح أنه كذب في كذب، وهو تدليس على الأوقاف الإسلامية في هذا الظرف الحساس في المسجد الأقصى المبارك”.

وأوضح الخطيب، أن “دائرة الأوقاف تقوم بواجبها تجاه المسجد الأقصى، وعملت بشكل كبير على تحضير وتهيئة المسجد لاستقبال الوافدين للمسجد الأقصى”.

وردا على سؤال “عربي21”: “هل المسجد الأقصى مفتوح أمام المعتكفين من بداية شهر رمضان؟”، أجاب: “نحن من سنوات ماضية، المسجد مفتوح كل خميس وجمعة وفي العشر الأواخر دائما مفتوح، لكن الشرطة الإسرائيلية هي التي تمنع وليست دائرة الأوقاف التي تمنع الاعتكاف”.

وأضاف: “ليلة الجمعة وليلة السبت، الاعتكاف موجود منذ فترة طويلة ولا تستطيع أن توقفه الشرطة الإسرائيلية، كما أن الاعتكاف في العشر الأواخر يجري منذ 1967”.

وللوقوف على حقيقة ما قام به أحد الأشخاص ليلة الأحد، والذي جرى الحديث أنه يتبع دائرة الأوقاف بالطلب من المعتكفات المرابطات الخروج من الأقصى، و”عدم إلقاء أنفسهنَ إلى التهلكة” بحسب زعمه، بين مدير عام دائرة الأوقاف، أنه قام بنفسه بالتحقق من حقيقة الأمر بسؤال رئيس الحرس الذي تواجد في هذه الليلة وأيضا من بعض الموظفين، “تم نفي هذا الكلام بشكل قاطع، وهذا الشخص ليس من موظفي دائرة الأوقاف”.

طرد المعتكفين ظاهرة خطيرة.. الأوقاف الأردنية مطالبة بموقف جاد

وفي تعليقه على قيام الاحتلال بمنع الاعتكاف في الأقصى وطرد المعتكفين، أكد الشيخ أحمد العمري، رئيس لجنة القدس وفلسطين في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن “ما يقوم به العدو الصهيوني من اعتداءات واقتحامات وإخراج المعتكفين والعابدين من المسجد الأقصى وفي هذا الشهر المبارك، ظاهرة خطيرة جدا، تدل على غطرسة وعربدة هذا الكيان”.

وأوضح في تصريح خاص لـ”عربي21″، أن “الكيان الصهيوني يخرق كل الأعراف والقوانين الدولية، بالاعتداء على الآمنين داخل الأقصى، وهي أيضا دلالة على إفلاس هذا العدو؛ سياسيا وأخلاقيا واجتماعيا ومن كافة النواحي”.

ونبه العمري، أن “خطورة ذلك، أنها تقع على الأمة الإسلامية والأنظمة العربية والإسلامية، التي عليها أن تدافع عن قدسنا وأقصانا، وعن المصلين المعتكفين داخل المسجد الأقصى، وعلى وجه الخصوص الأوقاف الأردنية، كون أنها المشرفة على هذه المقدسات، ولا بد لها أن تقدم كافة أنواع الدعم والحماية والرعاية للمصلين المعتكفين”.

وطالب وزارة الأوقاف الأردنية بـ”موقف جاد في التعاطي مع العدو الصهيوني أمام هذه المسألة”، منوها أنه “من الواجب أيضا على الأمة بقياداتها وعلمائها ودعاتها، مناصرة أحبتنا في الأقصى بكسر شوكة العدو، بالضغط على الحكام والأنظمة كي يقوموا بواجبهم، كما هو الواجب لدى جميع المقدسيين وجميع الإخوة في مناطق 48 وفي الضفة وغزة”.

وشدد رئيس لجنة القدس وفلسطين، على أهمية “شد الرحال إلى المسجد الأقصى والاعتكاف فيه والمكوث فيه مهما كلف ذلك من التضحيات الجسام، وهم على رباط وجهاد، ويمثلون رأس الحرب في هذه المسألة”.

تفاصيل حصرية

كما كشف مواطن مقدسي معتكف في المسجد الأقصى المبارك، تفاصيل الأحداث التي جرت ليلة الاثنين-الأحد الماضي، عندما تم إخراج المعتكفين من المصلى القبلي بالمسجد الأقصى.

وأوضح المعتكف في شهادته، أن إجمالي عدد المعتكفين الليلة الماضي بلغ نحو 30 معتكفا بينهم نحو 9 نساء، وفي حدود الساعة الحادية عشر من مساء الاثنين 27 آذار/مارس الجاري، دخل قرابة 10 من حراس المسجد الأقصى المصلي القبلي، ودار نقاش بينهم وبين المعتكفين.

وذكر في التفاصيل الحصرية التي حصلت عليها “عربي21″، أن “حراس الأقصى، زعموا أن هذا الاعتكاف بهذه الطريقة لن ينفع وهو خطأ، لأنه سيكون سببا في تدنيس المسجد الأقصى؛ وذلك باقتحام شرطة الاحتلال المصلي القبلي بأحذيتهم”.

وأفاد المعتكف، أن “النقاش احتد بين الحراس والمعتكفين واستمر نحو20 دقيقة، بالتزامن مع وجود قوات شرطة الاحتلال على أبواب المصلي القبلي، وعقب ذلك بدأ المعتكفين بالخروج تدريجيا من المصلى القبلي؛ وهو مكان اعتكافهم، ولم يتقبى سوى عدد قليل من الشباب نحو 4 والنساء، ومن ثم خرج الجميع”.

ونوه أن “نحو 40 من عناصر شرطة الاحتلال كانوا متواجدين على أبواب المصلي القبلي ينتظرون خروج المعتكفين”، موضحا أن “الخلل الذي حدث كان بسبب عدم إغلاق أبواب المصلى القبلي، علما بأن أول أمر يتم فعله عند دخول المعتكفين للمصلى القبلي هو إغلاق الأبواب حتى صلاة الفجر، ولا ندري لماذا لم يتم إغلاق الأبواب، لذا كان من السهل إخراج المعتكفين”، مضيفا: “الحراس على ما يبدو لم يسمحوا بإغلاق الأبواب”.

وبين المعتكف، أن “حراس المسجد الأقصى تحدثوا مع بعض النساء القادمين من غزة عقب صلاة التراويح، أنه لن يكون هناك اعتكاف الليلة، وذهب هؤلاء إلى مسجد الهكاري الذي فتح لاستقبال بعض القادمين للأقصى”، موضحا أن “المعتكفات في الأقصى بعد إخراجهم، حاولوا المكوث في مسجد الهكاري، لكن بسبب ضيق المكان، غادر بعضهم ليلا إلى أماكن إقامتهم”.

ولفت إلى أن “حراس المسجد الأقصى، كانوا معنيين جدا أن لا يوثق أو يصور أي معتكف ما يجري، وطلبوا من بعض المعتكفين إغلاق أجهزة الموبايل وعدم التصوير”.

الاعتكاف وسيلة ناجعة.. “عدم الخضوع لسياسات الاحتلال”

بدورها، أشادت مؤسسة القدس الدولية، بكافة الجهود الرامية إلى حماية المسجد الأقصى، “وعدم تركه فارغا أمام الاحتلال الذي يريد إفراغه لتسهيل اقتحامات المستوطنين”.

وشددت المؤسسة الفلسطينية على أهمية “عدم الخضوع لسياسات الاحتلال، ومعاودة الاعتكاف في المسجد الأقصى؛ لأنَ الاعتكاف حق لا ينتظر المسلمون موافقة من الاحتلال ليحصلوا عليه”.

وأوضحت في بيان لها وصل “عربي21” نسخة عنه، أن “الاعتكاف في المسجد الأقصى له خصوصيات مختلفة عن الاعتكاف في أي مسجد غيره؛ فالأقصى مخصوص بالبركة والقدسية والأجر المضاعف، وهو محلُ استهداف من احتلال يريد إفراغه تمهيدا لإزالته وإزالة الوجود الإسلامي منه”.

واعتبرت مؤسسة القدس، أن “عمارة الأقصى بالمعتكفين والمرابطين والمصلين والموظفين من أنجع الوسائل للتصدي لمخططات الاحتلال”، داعية إلى “معاودة الاعتكاف وتكثيف الرباط عشية “الفصح العبري”، فالاعتكاف طريقة مؤثرة في الإسهام في الدفاع عنه وصد قطعان المستوطنين المقتحمين”.

ونبهت أن “فتح أبواب الأقصى للمعتكفين من أول يوم في رمضان، ييسِّرُ على قاصدي المسجد من المناطق الفلسطينية التي يفرض الاحتلال على أهلها الحصول على تصريح في كل مرة يريدون فيها الوصول إلى الأقصى، وغالبا يمنعهم”.

واعتبرت أن “الاستسلام لقرار الاحتلال بمنع الاعتكاف في المسجد الأقصى، يعني إقرارا بـ”حقه” في إلغاء شعيرة إسلامية، وقبولا بمخطط إفراغ المسجد الأقصى قبيل الاقتحامات”.

وطالبت المؤسسة كافة “الهيئات الإسلامية في كل أرجاء المعمورة، ببذل كل الجهود لتمكين روَاد الأقصى من الاعتكاف فيه في كل الأوقات، ولا سيما طوال شهر رمضان”.

وشددت على أن “دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، مطالبة بتوفير كل التسهيلات للمعتكفين، والتصدي لمحاولات الاحتلال للتدخل في إدارة شؤون المسجد الأقصى، وتقرير من يدخل إليه ومن لا يدخل، ومتى يكون الاعتكاف ومتى لا يكون”.

هيئة علماء فلسطين تدين

وأدانت هيئة علماء فلسطين قيام الاحتلال الإسرائيلي بإخراج المعتكفين من المسجد الأقصى، ومحاولة بعض موظفي الأوقاف بإقناعهم بإنهاء اعتكافهم.

وقالت الهيئة في بيان :”ومما يبعث على الصّدمة أن يقوم بعض موظفي الأوقاف بالتوسط لقوات الاحتلال عند المعتكفين، ومحاولة إقناعهم بإنهاء اعتكافهم ومغادرة المسجد الأقصى المبارك”.

وأدانت الهيئة “موقف الأوقاف الإسلاميّة الذي ساند العدو الصّهيوني في إخراج المعتكفين من المسجد الأقصى المبارك”.

وطالبت الهيئة “وزارة الأوقاف في المملكة الأردنيّة الهاشميّة بوصفها صاحبة الإدارة على مسرى النبيّ صلى الله عليه وسلّم أن تتراجع عن قرارها وتوجهها بمنع الاعتكاف في غير العشر الأواخر من شهر رمضان”.

وأكدت أنه “ليست هناك أيّة جهة مخولة باتخاذ أي قرار من شأنه الإضرار بالأقصى المبارك أو تسهيل العدوان الصّهيوني عليه أيا كانت هذه الجهة ومهما كان مسمّاها”.

ودعت المرابطين في المسجد الأقصى إلى “فرض الاعتكاف في الأقصى المبارك بالقوة وجعله أمرًا واقعًا وعدم الاستجابة والرضوخ لأيّة مطالبات بالتوقف عن الاعتكاف في الأقصى المبارك أيًّا كان مصدرها”.

قد يعجبك ايضا