من قلب حي “القنوات” الذي أسّسه الأثرياء من أهالي دمشق، حوّل الباحث الدمشقي “هيثم طباخة” منزله إلى متحفٍ صغير للتراث العريق، يشهد احتفالات استقبال شهر رمضان المبارك الذي اعتاد أهالي دمشق على استقباله بطقوس وتقاليد خاصة.
“يحيي أهالي دمشق القديمة طقوس استقبال شهر رمضان التي عايشوها أطفالًا مع أبائهم وأجدادهم في سبعينيات القرن الماضي، بحسب ما تحدث العم أبو محمد طباخة وذلك عبر ما أسماها “سهرة رمضانية” داخل متحفه”.
وبحسب أبو محمد، تتضمن سهرة رمضان فقرات إنشاد ديني وأداء لرقصة السماح (المولوية) ترحيباً بالشهر الفضيل، إضافةً للعراضة الشامية التي يمتاز بها الدمشقيون.
كما يتم تخصيص وقت للاستماع إلى (الحكواتي) الذي يقص القصص التاريخية التي تمزج الخيال بالواقع، فضلًا عن عروضٍ لمسرح خيال الظل وصندوق العجائب.
يؤكد أبو محمد طباخة أن كل قطعة في متحفه تحمل حكاية خاصة عن رمضان وعن فضائله، وعن حياة السوريين في هذا الشهر المبارك.
وفي معرض تناوله لجمالية مقتنياته ودلالاتها التاريخية، يشعر الباحث طباخة بالفخر حين يأتي على ذكر الشخصيات التي مرّت على متحفه.
كما تضم استعدادات الدمشقيين التقليدية لاستقبال شهر رمضان المبارك، طقسًا خاصًا آخر لطالما كان عادتهم المفضلة في سنوات ما قبل الحرب، ويدعى “تكريزة رمضان”.
و”التكريزة” تتلخص بالقيام برحلة إلى غوطة دمشق أو إلى إطلالة على نهر بردى، لتنطلق هناك مظاهر الاحتفالات والغناء والرقص، إلى جانب موائد تعجّ بألذ أطباق المطبخ الدمشقي الشهير.
يقول أبو محمد: “لم يعد بإمكان معظم السوريين تحمّل تكاليف التكريزة في الوقت الحاضر تبعًا للظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار وتراجع الدخول، مشددًا على أن القليل من العائلات الشامية ما زالت تحافظ على هذا التقليد الرمضاني”.
وخلال السهرة الرمضانية لهذا العام، لا ينسى أبو محمد تقديم شرح مقتضب حول مجموعة كبيرة من الصور التذكارية التي تحملها جدران متحفه المنزلي، وهي لعشرات المسؤولين السوريين والعرب الذين زاروه.
كما أتى الرجل الدمشقي على زيارة خاصة قام بها مسؤولون روس أبدوا إعجابهم بما يحتوي عليه متحفه من نفحات التراث الدمشقي، ويستذكر حينها كيف قدم لهم شرحًا عن مقتنياته وتاريخه، ولم يغب عن ذهنه ما لقيته هذه الزيارة من استحسان في نفوسهم وتقديرهم للموروث القديم وحبهم له وتفاعلهم معه، مغمورين بالحنين للزمن القديم.