سقوط آخر اوراق التحالف في اليمن
سقطت أوراق التحالف كأوراق الخريف عقب الاتفاق السعودي – الإيراني والذي بموجبه تنتفي مبررات العدوان على اليمن، وتفقد اسطوانة الذراع الإيرانية تأثيرها في تحفيز مليشياته للقتال بالانابة عنه، رغم أنه فقد ذلك التأثير باكرا في أوساط المواطنين الذين انطلت عليهم تلك الحيلة في بداية الأمر، وتحكمت في سلب عواطفهم فترة من الزمن وتحديدا في السنوات الأولى من الحرب، كانت حقائق العدوان قد انكشفت وتعرت أمام الشعب اليمني إلا من أولئك الخونة الذين “باعوا القلعة بعاس”.
فشل العدوان سياسيا وعسكريا في تحقيق أهدافه الجيوستراتيجية، وتمرير أجندته الاستيطانية، لاحتلال اليمن، كان الصمود أقوى واشرس، وأكثر باساً وثباتا في التصدي للغزاة والطامعين وتلقينهم دروس الهزائم في معارك الفداء والبطولة ونبل الإنسان المحب لشعبه ووطنه وأرضه.
غرق الغزاة في الوهم، فظنوا أن اليمن ستستسلم لهم بسهولة، بعد محاولات التفكيك والانقسام الداخلي، وأن اليمنيين سيرحبون بهم تحت دعاية الغرب والتحالف عن مواجهة إيران، كانت تلك الذريعة والخديعة الكبرى لاحتلال اليمن، هي اليوم تسقط، وتعري السعودية والإمارات وأدواتهم، بأن مخطط احتلال اليمن كان معداً مسبقاً، وها هي اليمن تنتصر على تحالف العدوان ومن يقف وراءهم، واصبحوا مطالبين بمغادرتها، وتنفيذ الملف الإنساني هو الشرط والمدخل السليم على طريق الهدنة والسلام.
وبين عمان والسعودية بدأ ليندر كينغ جولة جديدة، وفي عنوان الدفع بعملية السلام ما يوحي بطي مرحلة اللاسلم، واللاحرب، واعتماد الاستحقاقات الإنسانية في اليمن، لكن المسار الأمريكي العسكري على الساحة اليمنية الممتدة من البر إلى البحر يقول غير ذلك، ومع التحضير لبدء أول تدريب تجريبي مع الرياض لمكافحة الطائرات المسيرة في مناورة تحمل اسم “الرمال الحمراء”، والتمهيد لمشروع قرار في مجلس الشيوخ يجبر إدارة بايدن على إعداد تقرير عن سجل حقوق الإنسان في المملكة تؤكد الولايات المتحدة تمسكها بسياسة اللعب بالأوراق في تعاملاتها وتحالفاتها المحكومة بالمصلحة والنفوذ. إلا أن تلك الالتفافات لن تسمح بها صنعاء، ولن تمرر أي مراوغات في استمرار سياسة العبث، التي تنهي جسور هذه العلاقات التي قد تتحول إلى جحيم شامل.
لا يزال تحالف العدوان يلعب على الورقة الأخيرة التي يمسكها ويفاوض بها، في الحصار والتجويع والارهاب الاقتصادي ضمن الرهانات الاولى في طريق محاولات كسر اليمن بحبس لقمة العيش، وهو سلاح على صلة بخلاف الشجاعة والنبل. وكان اليمن واليمنيون كبارا حتى في هذه الزاوية من العدوان الشامل الذي سيدخل عامه التاسع خلال أيام ورغم قسوته، لم ير العدو على أي طاولة مفاوضات كلمة استجداء يستشف منها مساومة بالكرامة مقابل أي شيء.