حرب التجويع.. الوجه الأقبح للحرب العبثية على اليمن

تخوض دول التحالف حرباً ضروساً على اليمن من وجه أخر، هي الحرب الأشد فتكاً بالشعب اليمني، والمتمثلة في حرب التجويع، التي تعد الوجه الأقبح للحرب على اليمن.

وعلى مدار ثمان سنوات، خلفت حرب التجويع كوارث اقتصادية وإنسانية، حيث يعاني شعب اليمن  يوماُ تلو الأخر من تصاعد حدة الفقر و فقدان القدرة على تأمين متطلبات الحياة الأساسية من الدواء والغذاء والمأوى.

رفع الدولار الجمركي

ورغم الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه اليمن، تواصل “الحكومة” التابعة للتحالف، اتخاذ المزيد من الإجراءات الاعتباطية والتي تعتبر من وجهة نظر خبراء اقتصاد، “ذات مفعول عكسي يضر بالمواطنين، ولا يقدم أي معالجة للاقتصاد”.

خبراء الاقتصاد وصفوا، قرارات “حكومة” التحالف الأخيرة بـ”الاعتباطية” وغير المدروسة، ستؤثر سلباً على الاقتصاد اليمني المتهالك وتزيد من الغلاء وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الاساسية.

مؤخراً اتخذت “حكومة” التحالف، قرارات اقتصادية جديدة أثارت سخطاً شعبياً في مختلف المحافظات اليمنية، وعكست سياسة وصفها الخبراء بـ”الانتهازية” ستضاف إلى حزمة الكوارث الاقتصادية خاصة وأن “حكومة” التحالف تتعمد بين فترة وأخرى اتخاذ إجراءات تعمق معاناة اليمنيين.

الخبير الاقتصادي اليمني “رشيد الحداد” أكد في مقابلة مع “وكالة الصحافة اليمنية” في 18 يناير الجاري، أن ما تم إقراره من قبل “حكومة” التحالف في الآونة الأخيرة لا علاقة له بالإصلاحات الاقتصادية بل عقوبات اقتصادية جماعية موجهة ضد كافة أبناء الشعب اليمني من قبل حكومة لم تكترث يوماً لمعاناة الشعب، وتسائل الحداد عن الذريعة التي دفعت تلك “الحكومة” القرار، رغم أنها أعلنت عدة مرات تمكنها من تحقيق معدلات غير مسبوقة من الإيرادات.

وأضاف الحداد: ما أعلنته وزارة مالية الطرف الآخر أواخر العام الماضي، بشأن حجم الإيرادات التي بلغت ٣.٢ تريليون ريال، ونحو ١٤ مليار دولار تمثل مبيعات النفط الخام منذ منتصف العام ٢٠١٦ وحتى منتصف العام الماضي، كما استحوذت على وحدات الدعم الخاصة باليمن بقيمة ٣٠٠ مليون دولار، يضاف إلى قيامها بالتوقيع على اتفاقية مع صندوق النقد العربي بقيمة مليار دولار، وقبل ذلك أعلنت عن حصولها على منحة مالية بقيمة ٣٠٠ مليون دولار، هذه الأرقام الضخمة، لم يكن لها أي أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي في تلك المحافظات، فسعر صرف العملة في تدهور مستمر دون توقف الأمر الذي يؤكد بأن الهدف ليس اقتصادي بل له طابع سياسي خفي، خاصة في تصاعد المطالب الإنسانية بصرف مرتبات موظفي الدولة.

كارثة معيشية مرتقبة

 

يترقب الشعب اليمني بشكل عام، والمحافظات الواقعة تحت سيطرة قوى التحالف بشكل خاص، كارثة معيشية حقيقية بعد قرارات “حكومة” التحالف رفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء والماء ورفع سعر الدولار الجمركي والضرائب في بلد وصفته تقارير الأمم المتحدة بأكبر كارثة إنسانية في العالم خلال قرن:

وفي خضم الواقع الاقتصادي المزرى والمخيف، يواجه المواطن اليمني، للعام الثامن على التوالي، أزمة معيشية مستفحلة، وكنتيجة لانهيار سعر العملة اليمنية الريال التي فقدت أكثر من 300% من قيمتها خلال الست السنوات الماضية أصبح ما يتقاضاه الموظف في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوى التحالف لا يتجاوز 40 دولارا في الشهر كمتوسط راتب في حين يعاني اغلب الموظفين العموميين في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ في صنعاء عدم استلام مرتباتهم منذ 7 أعوام جراء نقل البنك اليمني المركزي من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن بقرار الرئيس المنتهية ولايته “عبد ربه منصور هادي” في سبتمبر 2016م، وتعهده بصرف المرتبات وهو ما لم يتحقق طوال السبع السنوات الماضية.

وأمام إصرار التحالف والحكومة التابعة له غض النظر عن الأوضاع المعيشية المزرية التي وصل إليها اليمنيون، والتهرب من مناقشة الملف الإنساني في المفاوضات مع حكومة صنعاء يرى -المراقبون- أنه لا يزال هناك الكثير في جعبة دول التحالف من الحرب القبيحة، خصوصاً أن حرب التجويع التي يتعرض لها اليمنيون طوال سنوات العدوان الثمان الماضية، باتت استراتيجية ثابتة من قبل التحالف في حربه على اليمن، بدعم وغطاء أمريكي وبريطاني وتغاضي المجتمع الدولي.

غطاء أمريكي وبريطاني

وأكد المراقبون والمحللون، أن بريطانيا وأمريكا تتحملان الجزء الأكبر مما حل بالشعب اليمني من دمار وكارثة إنسانية، فحينما شنت دول التحالف الحرب على اليمن في 26 مارس كان البريطانيون إلى جانب الأمريكان أحد المرتكزات الأساسية لتلك الحرب العبثية.

تصريحات السفير البريطاني الأخيرة بشأن مباركته لقرارات “حكومة التحالف الأخيرة، كشفت تورط المملكة المتحدة فيما وصل إليه اليمنيون من دمار وفقر مدقع لاقت حالة من السخط والتذمر والغليان الشعبي، في الشارع اليمني

وبدوره أكد رئيس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني عبدالعزيز بن حبتور في معرض تعليقه على تصريحات السفير البريطاني الداعمة لقرار “حكومة” التحالف رفع سعر الدولار الجمركي، أن بريطانيا تلعب الدور الحامي لـ”حكومة” التحالف وتصريح سفيرها غير مسؤول.

ولفت بن حبتور إلى أن بريطانيا جزء رئيسي من المشكلة والحرب على اليمن تخطيطاً وممارسة.

 

تابوت الجوع القاتل

 

ووسط صمت المجتمع الدولي وتواطؤ الأمم المتحدة فإن اليمن يوشك على السقوط في براثن أزمة جوع كارثية حيث يصل عدد الأشخاص الذين يحتاجون حاليًا إلى مساعدات غذائية إلى 17.4 مليون شخص، وتواجه نسبة متزايدة من السكان مستويات طارئة من الجوع، وذلك بحسب أخر تقرير لمنظمة اليونسيف في 14 مارس 2022.

ونهبت اليونيسف في تقريرها  أن الوضع الإنساني في اليمن يتوقع أن يتفاقم خلال الفترة من يونيو إلى ديسمبر 2022، حيث من المحتمل أن يصل عدد الأشخاص غير القادرين على تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية في اليمن إلى رقم قياسي يبلغ 19 مليون شخص.

وأضاف التقرير أنه في الوقت نفسه، من المتوقع أن يسقط 1.6 مليون شخص إضافي في البلاد في مستويات طارئة من الجوع، ليرتفع المجموع إلى 7.3 مليون شخص بحلول نهاية العام.

ولفت التقرير إلى أن استمرار ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة. ففي جميع أنحاء البلاد، يعاني 2.2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، من بينهم ما يقرب من أكثر من نصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم مما يهدد حياتهم. هذا بالإضافة إلى حوالي 1.3 مليون امرأة حامل أو مرضع يعانين من سوء التغذية الحاد.

تجدر الإشاراة إلى أن احصائيات الأمم المتحدة أقل من الواقع بكثير.

قد يعجبك ايضا