“عين سلوان”.. وقف إسلامي أغلقه الاحتلال وحوله لـ”مسارات تلمودية”
Share
عين سلوان التاريخية من أشهر عيون مدينة القدس المحتلة وأقدمها، يعود عمرها إلى خمسة آلاف عام، حين حفر الكنعانيون قناة تحت الأرض بطول 533 مترًا، واكتسبت بعضًا من أهمّيتها، من كونها المَورد الطبيعي المائيّ الوحيد في المدينة المحتلة.
لم تكن العين مصدرًا لأهالي بلدة سلوان فقط، وإنّما لسكان البلدة القديمة، ولكل القرى المجاورة الذين جاءوا من الطور والعيسويّة والسواحرة وصور باهر وأبو ديس والعيزريّة للاستفادة من مائها في الأعمال المنزلية وري المزروعات.
ويبدأ مسارها من منطقة “العين الفوقا” أو “عين أم الدرج” لوجود درجات تُفضي إلى العين، وهي موجودة في منطقة مرتفعة قليلًا شمال سلوان، ومن ثمّ تنساب المياه في نفقٍ صخريّ ضيّق أسفل الأرض لتمتدّ على طول 533 مترًا حتّى تصل إلى بركة سلوان الأثرية المجاورة لجامع العين.
وما زاد من أهميتها أنها وقفٌ إسلاميّ، أوقفه الخليفة عثمان بن عفّان على فقراء المدينة، ومن بعده أوقف صلاح الدين الأيوبي القرية ومقدّراتها، بما فيها العين، على مصالح “المدرسة الصلاحية” عند باب الأسباط شمال البلدة القديمة.
وعلى مدار سنوات ماضية، لم تسلم عين سلوان من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وجمعياته الاستيطانية، التي استولت على محيطها وحفرت الأنفاق تحتها، وعملت على تغيير معالمها التاريخية والحضارية، وأضافت إليها نقوشات تلمودية مختلفة.
وقف إسلامي
الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن عين سلوان تشكل إرثًا حضاريًا وتاريخيًا مهمًا للمقدسيين، وهي وقف إسلامي تعود لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، عملت سلطات الاحتلال وجمعية “إلعاد” الاستيطانية على استهدافها بشكل مبرمج ومتواصل.
ويوضح أبو دياب، في حديث لوكالة “صفا”، أن سلطات الاحتلال تنبهت خلال السنوات الماضية، لقيمة هذا الإرث الديني والأثري المهم، وبدأت بتهويد العين وتزوير معالمها، ومحاولة استغلالها في الترويج لروايات تلمودية مضللة تتحدث عن تاريخ مزعوم لليهود.
ويضيف أن سلطات الاحتلال استولت على العين، وخصصت عشرات ملايين الشواكل لتهويدها، كما أقامت داخلها متاحف توراتية وشاشات عرض لأفلام وثائقية، مع وجود أدلاء إسرائيليين، لمحاولة إثبات وجود “حضارة يهودية” في المكان.
وتُسيطر جمعيّة “إلعاد” على الكثير من المرافق والمعالم الأثرية والتاريخية في بلدة سلوان، بما فيها الأراضي المحيطة بعين سلوان، وتعمل بشكل متواصل على العبث بالتاريخ والتراث، وتحويل العين إلى مزارات توراتية للمستوطنين.
ولا تتوقف سلطات الاحتلال والجمعية الاستيطانية، بالتعاون مع “سلطة الآثار” الإسرائيلية عن حفر الأنفاق أسفل العين باتجاه المسجد الأقصى والبلدة القديمة، إذ يبدأ نفق ما يسمى “طريق الحجاج” الذي جرى افتتاحه سابقًا، من العين وصولًا إلى المسجد المبارك.
ويبين الباحث المقدسي أن كل الأنفاق التي يتم حفرها أسفل بلدة سلوان تبدأ من مجمع العين باتجاه البلدة القديمة، وصولًا لأسفل الأقصى.
تزوير وتهويد
وما زالت الحفريات الإسرائيلية مستمرة داخل الأنفاق من أجل توسعتها، وربما لإدخال مزيد من الزوار والسياح الأجانب إليها، بهدف غسل أدمغتهم، أو لإدخال معدات وآليات داخلها، وفق أبو دياب
وسبق أن استولت جمعية “إلعاد” على “أرض بركة الحمراء” في محيط عين سلوان، وشرعت بأعمال حفر وتجريف وحفر ووضع بوابات، وبناء سلاسل حجرية في المكان.
ويشير إلى أن الجمعية الاستيطانية استبدلت الأعمدة الحديدية على مدخل عين سلوان، بأقفال وأبواب إلكترونية، لاستخدامها كممر للمستوطنين والسياح من العين إلى داخل الأنفاق، رغم أنها وقف إسلامي، وهناك يافطات قديمة في المنطقة تُدلل على ذلك.
ويؤكد أبو دياب أن الاحتلال يعمل على إقامة ما يسمى “بركة سلوان” وبناء “مطاهر الهيكل”، كخطوة متقدمة لبناء “الهيكل” المزعوم مكان المسجد الأقصى.
ومنعت سلطات الاحتلال دائرة الأوقاف والمقدسيين من الدخول إلى منطقة عين سلوان، للاطلاع على أعمال التهويد وما يجري فيها من طمس وتزوير للتاريخ والحقائق، وسمحت للمستوطنين فقط باقتحامها والعبث فيها.
ويوضح أن كل مؤسسات الاحتلال الرسمية تدعم الجمعية الاستيطانية في السيطرة على الأراضي المقدسية والآثار والأماكن التاريخية والدينية في سلوان، من أجل طمس معالمها، لتحاكي تاريخ وأساطير مزورة، وترسخ روايات يهودية مضللة.
ويشدد الباحث المقدسي على أن الاحتلال يستهدف بذلك المسجد الأقصى، ويبقيه في “عين العاصفة”، بغية تغيير الواقع التاريخي والديني فيه.