خلال العام الذي مرّ على هبة النقب الفلسطيني، حوّلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ملفات العديد من معتقلي الحراك الشعبي إلى “ملفات أمنية خطيرة”، وتضع منذ عام كامل قيودًا مشددة غير مسبوقة على عدد منهم.
ومثل معتقلي هبة الكرامة، ما زال العشرات من معتقلي هبة النقب، التي اندلعت في يناير/ كانون ثاني 2022، رهن المحاكمات، فيما سيبقى عدد منهم تحت القيود المشددة لعام قادم آخر.
وبلغ عدد معتقلي هبة النقب أكثر من 450، أفرجت قوات الاحتلال عن عدد منهم بشروط، في وقت يواجه من تبقوا محاكمات “غير مسبوقة”.
وتوافق هذه الأيام من يناير، الذكرى السنوية الأولى للهبة الشعبية في النقب، ضد الاستيطان والتجريف، والتي انفجرت شرارتها في قرية الأطرش-سعوة، عقب عمليات التجريف والتحريش التي نفذتها سلطات الاحتلال على أراضيها.
وهاجمت قوات الاحتلال المظاهرة الشعبية الكبيرة في قرية الأطرش بالرصاص والخيول والطائرات المسيرة؛ ما تسبب بإصابة العشرات بالرصاص المطاطي والغاز، بعضهم بجراح خطيرة، فيما اعتقلت المئات خلال الهبة وبعدها.
ملفات أمنية
ويقول المحامي المترافع عن عدد من معتقلي هبة النقب مروان أبو فريح، لوكالة “صفا”، إنه رغم الإفراج عن عدد من المعتقلين على خلفية الهبة؛ إلا أن ملفاتهم في المحاكم مستمرة، ولم تصدر أحكام فيها بعد.
ويضيف “هؤلاء المعتقلين يخضعون للعديد من الشروط والقيود، تم تحويل ثمانية منهم- نصفهم قاصرون- إلى ملفات أمنية، تصنفها المحاكم على أنها خطيرة”.
ولذلك، فإن المعتقلين الثمانية يخضعون لقيود أكثر شدة من غيرهم، أبرزها إبعادهم عن مركز مدنهم، وفرض الإقامة الجبرية عليهم في منزل معين، وعزل كل معتقل على حدة.
ويتابع أبو فريح “من هذه القيود عدم اللقاء مع أي جهة كانت إلا مع أفراد الأسرة، وعدم استخدام أي هاتف خلوي، أو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والحرمان من الدراسة، أو حتى قدوم أي مدرس أو صحفي للحديث مع المعتقل المبعد”.
ويشدد على أن العديد من الطلبات تم تقديمها لمحاكم الاحتلال، من أجل تخفيف هذه القيود، خاصة فيما يتعلق بطلب السماح للأطفال والقاصرين منهم بالعودة إلى مقاعد الدراسة في المكان المبعدين فيه، أو استقدام مدرس خصوصي لهم.
ويقول “إلا أن كل الطلبات رُفضت، كما أن القيود التي تم فرضها في مارس/ آذار العام المنصرم، ستستمر طوال العام الجاري2023”.
ويرى أبو فريح أنه “من الواضح أن هذه القيود مصنفة ضمن شأن عسكري إسرائيلي، ينظر إلى بدو النقب نظرة جديدة، من خلال تسويق فكرة أن المتظاهرين الذين خرجوا في هبة النقب، هم أبناء عائلات لم شمل، وهم عدو لإسرائيل، كما يتم الترويج”.
“حوكمة الجيل الجديد”
وتقصد سلطات الاحتلال بترويج فكرة “العدو داخلها”، أن المتظاهرين من بدو النقب، ليسوا جزءًا من الأراضي المحتلة عام 1948، التي تصنفها بأنها ضمن الكيان الإسرائيلي، وإنما يقاتلون “إسرائيل” مثلهم مثل سكان الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويشكل القاصرون ما نسبته 40% من معتقلي هبة النقب، ويواجهون ما يسمى “نظام الحوكمة”.
ويوضح الحقوقي أبو فريح أن “إسرائيل تريد فرض الحوكمة على الجيل الجديد، بمعنى أنها إن لم تستطع السيطرة عليه، فإنها ستُصدم بشيء جديد في المستقبل”.
ويحذر من أن هناك “قبضة غير سهلة في ملفات الشباب والقاصرين في المحاكم، ومحاولة بل سابقة قضائية لفرض أحكام قاسية عليهم، على غرار ما يحدث مع معتقلي هبة الكرامة”.
وينوه إلى أن سلطات الاحتلال تريد أن تستخدم المعتقلين كأداة “لردع الجماهير الفلسطينية في النقب، ومجمل أراضي الـ48، وجعلهم عبرة لغيركم”.