قال تقرير للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، يوم الجمعة، إن ثلث السكان في الدول العربية يقعون تحت خط الفقر ، وذلك على الرغم من زيادة متوقعة في النمو الاقتصادي، حيث ستشهد اقتصادات المنطقة العربيّة نمواً بنسبة 4.5% في عام 2023 و3.4% في عام 2024.
وبحسب التقرير، فإن نسبة التضخم في المنطقة ارتفعت لتصل بالمعدل إلى 14% في عام 2022، متوقعاً أن تنخفض هذه النسبة في العامين المقبلين، لتصل إلى 8 و4.5% على التوالي.
وقال التقرير إنه بموازاة ارتفاع نسبة التضخم ارتفعت أيضاً مستويات الفقر في عام 2022 مقارنة بالسنوات الماضية، ليصل عدد الفقراء إلى ما يقرب من 130 مليون شخص، أي ما يمثل ثلث سكان المنطقة، باستثناء دول مجلس التعاون وليبيا”.
وأضاف أنّ “من المتوقع أن تستمر هذه المستويات في الارتفاع خلال العامين المقبلين، لتصل إلى 36% في عام 2024”.
وأشار أحمد مومي، المشرف على فريق إعداد المسح في بيان صحافي بعد صدور التقرير رسمياً إلى أنه “على الرغم من التوقّعات الإيجابيّة للنمو في المنطقة، فهناك تباينات كبيرة بين البلدان فاقمتها الحرب في أوكرانيا، وبالتالي اختلفت التداعيات بين دولة وأخرى”.
وتابع قائلاً: “ستستفيد دول مجلس التعاون والدول الأخرى المصدّرة للنفط من ارتفاع أسعار الطاقة، بينما ستعاني الدول المستوردة للنفط من عدّة تداعيات اجتماعيّة واقتصاديّة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الطاقة، ونقص الإمدادات الغذائيّة، وانحسار قطاع السياحة والمساعدات الدولية المقدمة”.
وشدد مومي على أن الوضع الحالي “يمثّل فرصة للدول العربيّة المصدّرة للنفط لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن قطاع الطاقة، وذلك من خلال مراكمة الاحتياطات والاستثمار في مشاريع تولّد نمواً شاملاً وتنمية مستدامة”.
إلى ذلك، أشار تقرير “إسكوا” إلى تسجيل معدلات بطالة هي الأعلى عالمياً، حيث وصلت في عام 2022 إلى 12%، متوقعاً أن تشهد تلك المعدلات انخفاضاً طفيفاً في عام 2023، لتصل إلى 11.7% في ضوء جهود إنعاش الاقتصادات بعد جائحة كورونا.
وذكر أن الانخفاض الإجمالي المتوقع بنسبة البطالة للعام القادم يأتي مدفوعاً “بتحسن في بلدان مجلس التعاون. (لكن) تبقى البطالة مصدراً للقلق في معظم البلدان متوسطة الدخل، باستثناء مصر. ومن المرجح أن يستمر لبنان في تسجيل أعلى معدل بطالة في المنطقة العربية، بنحو 29.2% في عام 2022، نتيجة لأزمته المالية والاقتصادية المستمرة”.
وأشار التقرير إلى أن الدول العربية بالكاد “تمكنت من الدخول بنوع من أنواع التعافي من تبعات جائحة كورونا حتى نشبت الحرب في أوكرانيا، فأوقعت آثاراً اقتصادية كبيرة، بعضها إيجابي، وبعضها الآخر سلبي”.
وأوضح في هذا الصدد أن بعض بلدان المنطقة استفادت من تزايد أسعار الطاقة، بينما عانت بلدان أخرى من الأعباء الإضافية لهذه التكاليف، علاوة على تناقص الإمدادات الغذائية، وانحسار قطاع السياحة وتدفق المساعدات الدولية”.
وحول التقديرات التي سبقت الحرب الروسية على أوكرانيا، فإنها توقعت “أن يبلغ النمو في المنطقة نحو 5.2% في عام 2022، ولكنه لا يتوقع له الآن أن يتجاوز 4.5% عام 2023، و3.4% في عام 2024”.
وشدد التقرير على أن هذه التوقعات “تكتنفها المخاطر وأوجه عدم اليقين، ولا سيما من وقوع موجة جديدة من فيروس كورونا، وطول أمد الحرب في أوكرانيا، وتوسيع نطاق العقوبات على الاتحاد الروسي، ووقوع انهيار اقتصادي في بعض البلدان العربية التي تعاني من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، واستمرار الصراع وعدم الاستقرار السياسي”.
في المقابل، أشار التقرير إلى أن دول مجلس التعاون استفادت “من انتعاش أسواق النفط، الذي بدأ في عام 2021، وستستفيد من ارتفاع أسعار الطاقة الناجم عن الحرب في أوكرانيا”.
وذكر أنه “في إبريل/ نيسان 2022، كان إنتاج النفط في دول مجلس التعاون أعلى بنسبة 20% مقارنة بالعام السابق، وكان قد تخطى مستويات ما قبل الجائحة، ولذلك، ستشهد بلدان مجلس التعاون أعلى معدلات نمو سجلتها منذ عام 2014، فتصل إلى 6.3% 2022، ثم إلى 4.6% في عام 2023، و3.3% في عام 2024″.
وتوقع التقرير أن تشهد قطر ، من بين دول مجلس التعاون ، أعلى معدلات نمو بنسبة 7.6% في عام 2022 و6.4% في عام 2023، وذلك نتيجة زيادة الأسعار والطلب على الغاز الطبيعي، علاوة على النشاط الهائل الذي شهدته السياحة في البلد مع استضافة الدوحة لدورة عام 2022 من كأس العالم لكرة القدم”.
وتلي قطر المملكة العربية السعودية، حيث يتوقع أن يكون اقتصادها قد شهد نمواً بنسبة 6.4% في عام 2022، و4.3% في عام 2023، “مستفيدة من الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة، واستئناف الحج اعتباراً من عام 2022، وزيادة الاستثمارات من خلال صندوق الاستثمارات العامة”.
وتوقف التقرير عند التكافؤ بين الجنسين من حيث الصحة والبقاء على قيد الحياة، حيث رصد عدم تحقيق أي بلد عربي التكافؤ الكامل بين الجنسين، فيما أحرزت المنطقة تقدماً كبيراً في سد الفجوة بين الجنسين في مجال التعليم.
وأشار أيضاً إلى تحسن طفيف “من حيث المشاركة الاقتصادية والفرص”، لكنه قال إنه لا تزال مع ذلك هناك حواجز هيكلية تعوق مشاركة المرأة في المنطقة العربية.
وبحسب التقرير، لا تتجاوز نسبة الشركات التي لديها نساء في الرتب العليا من الإدارة 5%. أما نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة في المنطقة العربية، فهي “الأدنى في العالم. وتشير التقديرات إلى أنها لم تزد على 19.9% في عام 2022، وهي نسبة أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 46.6%”.
أما معدلات البطالة بين النساء العربيات، فهي الأعلى على مستوى العالم، “حيثُ تقدَّر بنحو 22% مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 6%”. ورصد التقرير أن هذه المعدلات تصبح أعلى بين الشابات (أعمار 15 إلى 24) لتصل إلى حوالى 44% مقابل نسبة بطالة بين الشبان تصل إلى 22.8%، في حين أن معدلاتها العالمية وصلت عام 22 إلى 15.2 للشابات، و14.5% بين الشبان.