هل نهاية حكم طالبان أصبحت وشيكة؟

-بعد وصول قوات طالبان إلى كابول، أحيا نشر صور خروج زعيم المقاومة الأفغانية من العاصمة بطائرة هليكوبتر الآمال في قلوب الأفغان. الآمال التي كانت في الماضي وفي بنجشير قد جعلت أحلامهم تتحقق وهذه المرة كانوا يأملون أيضا أن يقوم زعيم المقاومة من بنجشير بعمل كبير.

غني عن القول بأن العمل هذه المرة كان أكثر صعوبة لأن حركة طالبان، على عكس المرات السابقة إذ الحقوا الاضرار من كل حدب وصوب بأفغانستان وشعبها، تمتلك اليوم أسلحة أكثر تطورا، وحيثما تعاني من مشكلة، يقوم الجيش الباكستاني بدعمها جوا وبقصف المناطق يمهد الطريق لطالبان. هذه العوامل جعلت جبهة المقاومة الأفغانية ضد طالبان تخفق في تحقيق مراميها في الأشهر الأولى، بل وخسرت أكثر من نصف مقاطعة بنجشير.

استمرت هذه العملية حتى ظهرت عدة أحداث مهمة في أفغانستان وبين حركة طالبان. أولا، كان هناك انقسام في حركة طالبان. كان الخلاف في الرأي واختلاف وجهات النظر هو ما جعل طالبان تواجه أزمة بعد أشهر قليلة. أزمة كانت متوقعة بسبب اختلاف الآراء بين شبكة حقاني وجماعات طالبان الأخرى. تسبب هذا الأمر في إقصاء العديد من الشخصيات المهمة من طالبان عن الساحة وشعرت طالبان بالوحدة داخل أفغانستان أكثر من ذي قبل.

من ناحية أخرى، حدثت التوترات الحدودية الأولى بين أفغانستان وجيرانها لدرجة أن المسئولين في باكستان وطاجيكستان اتخذوا موقفا علنيا ضد طالبان ونشروا قواتهم بشكل أوسع على طول الخطوط الحدودية. إن استقرار تلك القوات تسبب في ممارسة الضغط على طالبان في الجانب السياسي إذ أصبح حلم الاعتراف بالحركة كونها حكومة لأفغانستان على يد المجتمع الدولي بعيد المنال. هذه العوامل والسياسات الداخلية القاسية لطالبان تسببت في قلب الطاولة عليهم في الساحة ودخلت جبهة المقاومة الميدان بقوة أكبر ضدهم. قوة يمكنها بالتأكيد هزيمة طالبان في فترة زمنية ليست بعيدة جدا.

في حال استمرار المقاومة في شكلها الحالي لمدة ستة أشهر أخرى، فهناك بالتأكيد إمكانية تحقيق النجاح والاعتماد على دول منطقة شنغهاي ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي. إن دعم جبهة المقاومة الوطنية يعني في الواقع نهاية حركة طالبان والإرهابيين الدوليين في شمال أفغانستان. وتجدر الإشارة إلى أن على جبهة المقاومة الوطنية تسريع العمل الفكري والإعلامي لجمع المعلومات المطلوبة. هناك إرادة شعبية للتعاون بين الناس بسبب قمع واستبداد طالبان. وان زيادة الموارد البشرية والاستثمار فيها هي السبب الرئيس للنجاح في العلميات الأمنية.

وهذا العمل لا يلبي فقط احتياجات الجبهة في ميادين القتال ضد طالبان ويقوي معاقلها لإلحاق المزيد من الضرر بطالبان، بل يهيئ أرضية لاكتساب الامتيازات وإقامة علاقات مع دول منطقة شنغهاي.

من ناحية أخرى، هذه العمليات الأمنية، تجاوزت تعبئة وتنظيم الجبهات، جغرافية بنجشير وأندراب وكابيسا وبدخشان وتخار، وعلى هذا يجب إنشاء مجموعات مقاومة جديدة لمواجهة طالبان. إن إنشاء شبكات المقاومة في المدن يشبه تكتيك شبكة حقاني، التي جعلت في السنوات العشرين الماضية النظام الجمهوري يواجه عدة مشاكل وأثبتت شبكة حقاني من خلالها قوة وقدرة كبيرة على تنفيذ العمليات.

هذا العمل يجعل الجبهة تخرج من نمط الحرب المحضة وباستخدام النفوذ الناعم والدعاية والعمل الفكري؛ تقوم بتقوية النواة الخفية للمقاومة في المدن. إن البقاء على اتصال مع الشبكات السرية ونواة للمقاومة الخفية في المدن الكبرى بأفغانستان يوجه ضربة قوية لمعنويات مقاتلي طالبان الإرهابيين وكذلك الإرهابيين الأجانب.

من الواضح، وفي هذه الساحة، تتغير اللعبة بورقة طالبان ويزيد الانقسام في صفوف الجماعة. إن شدة هجمات جبهات المقاومة على طالبان سواء في جبهات الحرب أو في المدن، مثل استهداف القادة العسكريين والشخصيات الدينية المؤثرة وأنصار وجماعات الضغط في مواقع التواصل الاجتماعي لطالبان، تجعل دول المنطقة ولا سيما أعضاء شنغهاي يركزون على قدرة هذه الجبهة. هذا الأمر سيغير المعادلة ويجعل الطرف الثالث يتصرف بقوة أكبر في الميدان ويلعب دورا مهما في التطورات المستقبلية.

مما لا شك فيه أن حدوث انقسام في بنية طالبان الموحدة، كما يبدو، أمر لا مفر منه. تتزايد كل يوم الخلافات بين حقاني ومجموعة قطر، وجبهة قندهار الموالية لملا يعقوب، حول توزيع موارد الدولة وثرواتها، والمناجم، وتهريب المخدرات، وطريقة تقسيم الأموال التي تقدمها الدول الداعمة. وسيؤدي ذلك إلى فقدان الجماعات الإرهابية الأخرى لروحها القتالية بعد رؤية الخلافات بين طالبان وهذا الأمر يصب في مصلحة جبهة المقاومة ويساعدها على تحقيق الانتصارات.

وهذا الأمر لا يتسبب فقط في زعزعة الأمن في شمال أفغانستان ولكن في المناطق الواقعة ما وراءها، مثل المناطق الحدودية مع طاجيكستان، وأوزبكستان وتركمانستان، التي هي بوابة لروسيا، ويرتبط تحقيق أمن واستقرار آسيا الوسطى بها بشكل مباشر، وعلى هذا تفقد طالبان السيطرة على هذه المناطق. هذا التغيير في معادلة الحرب والأمن في شمال أفغانستان سيكون في الواقع نقطة انطلاق لتغيير جذري في الوضع لصالح جبهة المقاومة.

من ناحية أخرى، وبالإضافة إلى إنشاء معاقل جديدة، وتوسيع مساحة المقاومة، وإنشاء مراكز مقاومة في المدن ومجموعات حرب سرية، يجب على جبهة المقاومة الاهتمام بعملها الفكري وزيادة قوتها الناعمة. في هذه الجبهة من القوة الناعمة والعمل الفكري، فإن دور المثقفين والكتاب والمحللين المناصرين للجبهة الذين يعتبرون طالبان عدوا، هو دور مهم للغاية. وبشكل عام، يبدو أن كل هذه الأحداث يمكن أن تسير جنبا إلى جنب على المدى المتوسط ​​وتؤدي إلى مواجهة طالبان ألف مشكلة ومشكلة وتشل حركتها وبالتالي توفر الفرصة لجبهة المقاومة والجماعات الأخرى حتى تزيح طالبان عن السلطة مرة أخرى وتقسم السلطة فيما بينها.

المصدر: صحيفة آرمان امروز

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

قد يعجبك ايضا