على رأس التلة سهل منبسط، يعلو جبال الخليل ويطل على المستوطنات الجاثمة على أراضيها، وفي أول وطأة لك فيها تلاطمك رياح جبلية اختلطت بترابها الخصب البور إلا من عشب الربيع.
تلك أرض المواطن عارف جابر التي تتربع في قمة منطقة البقعة شرقي الخليل وتقارع المستوطنين منذ أكثر من عشرين سنةً.
وتشكل منطقة البقعة خنجراً في خاصرة مستوطنتي “كريات أربع” و”خارضينا”، اللتان تطمعان بالتمدد على أراضيها منذ نشأتهما في قلب المدينة.
وتعتبر “البقعة” سلة الخليل الغذائية، لتميز أراضيها بتربتها الخصبة ومحاصيلها المتنوعة بالرغم من ممارسات الاحتلال وانتهاكاته بحق السكان وزراعتهم.
ويملك المواطن جابر (25 دونماً) من أراضي المنطقة، إلا أنها جدباء مقفرة في أغلب أوقات العام بفعل اعتداءات المستوطنين المستمرة على المحصول كلما حاول زراعتها واستصلاحها.
وقال جابر في حديثٍ لوكالة “صفا”، إن المستوطنين حاولوا تأسيس بؤرة استيطانية على أرضه 27 مرة منذ عام 2000 ولغاية 2021، مضيفاً أنه ونشطاء من المقاومة الشعبية نجحوا في إزالتها وطرد المستوطنين منها في كل مرة.
وأوضح أنه قدم ما يقارب (6) شكاوى لدى محاكم الاحتلال، دون أية رادع لوقف انتهاكات المستوطنين ومحاولات الاستيلاء عليها.
وبيّن أن أرضه تعرضت لخلع الأشجار وتجريف المحاصيل، وهدم الجداران الاستنادية، إلى جانب الاعتداء المباشر عليه برش غاز الفلفل والضرب المبرح وإطلاق الرصاص، إلا أن ذلك لم يثنيه عن تكرار المحاولة في استصلاح الأرض والعناية بها.
ويقول المزارع إنه لجأ إلى مكتب رئيس الحكومة الفلسطينية للبحث عن دعم يعزز من صموده في أرضه، بعدما أرهقته سنوات الصراع مع المستوطنين، وقدم رسالته من خلال محافظ الخليل جبرين البكري، حيث تم توجيهه إلى وزارة الزراعة التي قدِمت منذ نحو عام لمعاينة الأرض والاطلاع على ظروفها ونطقت بالكثير من الوعود دون تنفيذ.
وأشار إلى أن بلدية الخليل “عرضت عليه شراء الأرض باشتراط أن يشمل البيع أرضًا مجاورة ورثها عن والدته تبلغ مساحتها (18 دونماً)، لغرض إنشاء مشروع الطاقة الشمسية وما زالت البلدية تماطل في تنفيذ وعدها بالشراء”.
وقال: “لم يكن من السهل القبول ببيع الأرض التي ورثتها فهي تجود بخيرات لا تُقدّر بثمن، لولا أن أطماع المستوطنين فيها تزداد وانتهاكاتهم تتصاعد”.
ولفت إلى أنه تلقى عروضًا من عدة مواطنين لشراء أرضه أو جزء منها، لكنه خشي أن يسيطر عليها المستوطنون، حيث فضّل بيعها إلى البلدية لتكون أقوى وأقدر على المواجهة وحماية الأرض.
ونوّه إلى أنه استنفذ كل طاقته في حماية الأرض ولم يترك باباً إلا طرقه.
وطالب المؤسسات الرسمية والحقوقية بالعمل الجاد لدعم صموده على أرضه، وحمايتها من انتهاكات المستوطنين ومحاولات السيطرة عليها.