القدس تقول كلمتها عبر الإضراب الشامل

“المدارس والطرق المؤدية إليها فاضية (فارغة)” بهذه الجملة التي كررها عشرات النشطاء المقدسيين الذين تفرقوا في مدينة القدس وضواحيها وبلداتها والتقطوا الصور والفيديوهات التي تظهر حجم الالتزام بالإضراب الشامل الذي عم جميع مدارس القدس المحتلة، يوم الإثنين، احتجاجا على ما بات يعرف بـ”أسرلة التعليم”.

وانتشرت الفيديوهات من خارج المدارس ومن داخلها، وكذلك من الشوارع المؤدية إليها، وأظهرت بوابات مغلقة وساحات فارغة من الطلبة، في أمر وصفته صفحات مقدسية بأنه يعكس “التزاما حديديا”، وأن المقدسيين قالوا كلمتهم، وهم “على قلب رجل واحد”.

وكان الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، قد أعلن تضامنه الكامل مع أولياء أمور الطلبة والقوى والفصائل الوطنية والإسلامية في إضرابهم، اليوم. وهو أمر شمل مكاتب التربية والتعليم الفلسطينية، مع عدم توجه الطلبة والمعلمين والموظفين إلى مدارسهم وأماكن عملهم.

وكانت جميع المدارس الحكومية في ضواحي القدس بما فيها المكتب الرسمي الرئيسي، قد أعلنت التزامها بالإضراب على جميع صفحاتها التزاما بقرار الاتحاد وتضامنا مع مدارس القدس والأهالي.

وأظهرت استطلاعات رأي الكترونية في مجموعة من المدارس الخاصة، رغبة كبيرة من الأهالي في الالتزام بالإضراب الشامل، حفاظا على ما بات يعرف بحقهم في اختيار المناهج التي يدرسها أبناؤهم.

وينظر للإضراب الشامل على أنه خطوة من مجموعة خطوات قادمة لحين تحقيق مطلب المقدسيين العادل.

وحول الموقف الإسرائيلي الرسمي، أعلنت وزارة المعارف وبلدية القدس التابعة للاحتلال، أنها لا تتدخل في طبيعة المنهاج الذي تقرر مدارس القدس تدريسه، وهو أمر نفاه رئيس اتحاد أولياء أمور طلبة مدارس القدس، زياد الشمالي. معتبرا أن السلطات الإسرائيلية تصرح بشيء، فيما الواقع يقول شيئا آخر.

وتابع: “في حال كانت هذه الجهات لا تتدخل في فرض المنهاج سيكون السؤال: لما تقوم الجهات الرسمية الإسرائيلية بتحريف المنهاج الفلسطيني وإعادة طباعته وتضع فيه كل ما يهدف إلى تغير هوية المقدسيين؟”.

وأكد الشمالي أن نفس الجهات الرسمية الإسرائيلية التي تنفي تدخلها، نجدها تقول وتصرح أن لها الحق في فرض المنهاج طالما تقدم الدعم المالي للمدارس، معتبرا أن ذلك دليل دامغ على محاولات أسرلة التعليم وفرضه من خلال التمويل المشروط.

واعتبر الشمالي أن المساعدات التي تقدم من بلدية القدس للمدارس، هي حق مكتسب، في ضوء أن المقدسيين ملتزمون بدفع الضرائب، “فالمساعدات المالية هي فرض وواجب على الاحتلال اتجاه المدارس التي نريدها أن تكون متطورة ونموذجية وحديثة”.

وفي محاولة لحشد أكبر تأييد للإضراب، قام مجموعة من النشطاء بنشر مقاطع من الكتب المدرسية المحرفة، والتي تظهر الصبغة التهويدية والدامجة للمقدسيين للكتب المعدلة والمحرفة. حيث تظهر المقتطفات أعلاما إسرائيلية ودرسا حول ما يسمى “نشيد الاستقلال” لدولة الاحتلال.

ويصف نشطاء مقدسيون نجاح الإضراب بالكبير جدا في ضوء التزام غالبية مدارس القدس على اختلاف تقسيماتها (خاصة وأوقاف ومعارف).

وإلى جانب المدارس، التزمت أيضا رياض الأطفال والمدارس الشرعية في المسجد الأقصى بالإضراب الشامل رفضاً لمناهج الاحتلال.

وقال الناطق باسم لجنة أولياء الأمور في بلدة كفر عقب بالقدس، عبد المحسن قواسمي، إن المقدسيين في كل أماكن تواجدهم: “متمسكون بالمنهاج الذي اخترناه لأبنائنا وهو المنهاج الوطني الفلسطيني”.

وأضاف: “هذا حق قانوني ونحن متمسكون بالمنهاج. أما المناهج الدخيلة والتي لا نرغب فيها، فلا نريدها”.

وقال إن الأهالي في المنطقة التزموا بالدعوة التي وجهت لهم، وهي تعكس خسارة يوم تعليمي كامل، معتبرا أن من يتحمل المسؤولية هو الجهات الرسمية الإسرائيلية التي تسببت بهذه الخسارة بعد سنوات من الاستقرار في تدريس المنهاج التعليمي الفلسطيني.

وبحسب الناشط المقدسي أسامة برهم، فإن الإضراب بات هدفا بحد ذاته، كما أنه غاية من خلالها يثبت المقدسيون أنهم وحدة واحدة.

وأضاف برهم: “أعتقد أن الالتزام بالإضراب فيه رسالة حقيقية، أنا أرى أن القضية هي قضية تكسير عظام.. ممنوع أن نستسلم، ففشله سينعكس سلبا على المدينة المحتلة وهو أمر يجعلها تشهد أياما عجافا”.

وتابع: “فشل الإضراب سيجعل من النضال في كل قضايانا، عقيم”.

أما الناشط المقدسي ماهر الصوص، فشدد على أن هناك محاولات للدفع باتجاه إفشال الإضراب، واعتبر أن من يسعى إلى إفشاله هم “شرذمة من الشعب قد انكشفت وجوههم القبيحة”.

واتهم من يعمل ويسعى إلى إفشال الإضراب بإنهم “أداة من أدوات الاحتلال يستخدمها متى شاء.

يذكر أن معروف الرفاعي، مستشار محافظ محافظة القدس، كان قد أكد، مساء أمس، إن الإضراب الشامل بالقدس المحتلة يشمل كافة المدارس المقدسية خارج وداخل الجدار ومدارس الأونروا بعد محاولات من بعض الجهات لإظهار أن الإضراب لا يشمل كل المدارس.

وأضاف الرفاعي في تصريحات صحافية، أن الهدف من الإضراب هو عودة المنهاج الفلسطيني إلى المدارس التي يدرس فيها المقدسيون، وهذا حق شرعته كافة المواثيق الدولية.

وأضاف أن اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أن الشعوب الواقعة تحت الاحتلال يحق لها أن تحدد المنهاج الذي تريده لأبنائها، وكذلك اختيار المعلمين الذين يتناسبون مع هذا المنهاج بما يتناسب مع تاريخهم وهويتهم وعاداتهم.

وأوضح أن الإضراب هو خطوة احتجاجية في وجه تدخل وزارة المعارف والبلدية لدى الاحتلال، حيث يجري ممارسة الترهيب والإغراءات المالية على المدارس لإدخال المنهاج الفلسطيني المحرف والمزور الذي يفكك الهوية الوطنية.

وأكد أن الإضراب سينجح، فـ”المقدسيون كالجسد الواحد في هذه المواجهة، التي تهدف لوقف التعديات الصارخة والغاشمة بحق المنهاج والتراث والهوية الفلسطينية”.

وكشف الرفاعي أن هناك محاولات من وزارة المعارف لدى الاحتلال لتشكيل مجالس أولياء أمور تتبع لبلدية الاحتلال.

وأضاف: “لكن نحن نراهن على أن الشعب الفلسطيني هو شعب واعٍ، وكل المعارك التي خاضها المقدسيون كانت من خلال الرهان على الصمود والثبات”.

*القدس العربي

قد يعجبك ايضا