في كل ليلة يستغرق الطفل إسلام التميمي وقتًا طويلًا في التفكير قبل النوم بالطريق التي سيسلكها صباح الغد للذهاب إلى المدرسة انطلاقًا من بيته في البلدة القديمة بقلب مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
وأمام إسلام خياران فقط، إما أن يمر عبر حواجز الاحتلال وبالتالي تعرضه للتفتيش والصراخ المرعب من الجنود، أو أن يسلك طريقًا آخر يخلو من الحواجز ويزدحم بالمستوطنين المترصدين للأطفال.
ويعيش أطفال البلدة القديمة والمناطق القريبة من مستوطنات الاحتلال في قلب الخليل حالة مستمرة من الخوف والقلق جراء اعتداءات المستوطنين المتطرفين بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتضع عائلة الطفل إسلام علم فلسطين على مدخل منزلها المحاذي لمستوطنة “تل الرميدة” وسط المدينة، ما يثير استفزاز جنود الاحتلال ومستوطنيه ويجعل العائلة هدفًا لاعتداءاتهم.
ويقول شريف التميمي والد إسلام لوكالة “صفا”، إن طفليه إسلام (13 عامًا) وعبادة (11 عامًا)، تعرضوا لاعتداءات متكررة من المستوطنين كادت أن تودي بحياتهما.
ويشير إلى أن أطفاله تعرضوا لمحاولات دهس، وضرب، وإلقاء حجارة، ورش غاز الفلفل وإشهار السكين والتهديد بالطعن، إلى جانب عدة أشكال أخرى من الاعتداء والمضايقة ينتهجها الاحتلال ومستوطنيه تجاه أطفال المنطقة.
ويؤكد أن طفله إسلام تعرض للاعتداء بالضرب المبرح من مستوطن قبل أيام، ما أدى إلى إصابته بجروج في الوجه ورضوض.
ويوضح الوالد أنه وصل إلى مكان طفله خلال دقائق قليلة، وقدم شكوى لدى شرطة الاحتلال ضد المستوطن المعتدي، مبيّنًا أن قوات الاحتلال رفضت تسليم سجلات كاميرات المراقبة المنصوبة في مكان الاعتداء.
ويُعرب التميمي عن تخوفه من تزايد اعتداءات المستوطنين في الفترة المقبلة، والتي تتزامن مع مواعيد أعياد اليهود واحتفالاتهم.
ويروى “إسلام” الواقعة بقوله: “لاحظت مستوطنًا اعتدى عليّ في مرة سابقة على جانب طريق عودتي إلى المنزل بعد ذهابي لشراء بعد الاحتياجات؛ فاتصلت بوالدي وبقيت معه على الهاتف”.
ويقول لوكالة “صفا”: “كنت خائفًا جدًا، وبقي والدي متصلًا معي على الهاتف محاولًا طمأنتي، إلى أن هاجمني المستوطن بالضرب المبرح، وهرع بعدها صارخًا وطلب النجدة من جنود الاحتلال”.
والطفل إسلام واحد من عشرات الأطفال في حيّه، الذين يعيشون في منازل بنوافذ مسيّجة بالحديد وسط تهديد متواصل واعتداء متكرر من المستوطنين.
وبالقرب من المسجد الإبراهيمي، كان الطفل حكم المحتسب (11 عامًا) يلعب مع أصدقائه كرة القدم في ساحة مدرسة آل عمرو الأساسية، قبل أن يلحظهم عدد من المستوطنين ويلاحقونهم.
ويقول “حكم” لوكالة “صفا”: “كنا نلعب ونضحك وتفاجأنا بعدد من المستوطنين يركضون تجاهنا ويشتموننا”.
ويضيف “ركضت وأصدقائي هاربين من المكان، فاستمر المستوطنون في ملاحقتنا حتى سقطت عن ارتفاع نحو 3 أمتار، فأصيب كاحلي إصابة بالغة”.
ويشير إلى أن المستوطنين وصلوا إليه بعد سقوطه، وعندما وجدوا دماءه ملأت المكان تركوه ملقىً على الأرض وغادروا.
ويبيّن والد حكم أن المستوطنين يتعمدون ملاحقة الأطفال والاعتداء عليهم، ويتمادون في اعتداءاتهم ومضايقاتهم بحضور جيش الاحتلال.
ويحرم أطفال البلدة القديمة والمناطق القريبة من المستوطنات في قلب الخليل من حقهم في الأمن النفسي والسلام، ويواجهون مضايقات واعتداءات تهدف إلى ترويعهم وتحطيم معنوياتهم.
ويتعرض الأطفال إلى اعتداءات مختلفة من احتجاز، واعتقال، وتفتيش، واعتداءات مباشر بالضرب، وإلقاء الحجارة وغاز الفلفل، بالإضافة إلى محاولات التصفية المتعمدة.
وتشير بيانات نادي الأسير الفلسطيني حتى نهاية شهر فبراير/ شباط 2022، إلى أن قوات الاحتلال تعتقل 160 طفلًا في ظروف تخالف قواعد القانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل.