“الصليب الأحمر”برنامج زيارات المعتقلين جزء بسيط من عملنا.. وغزة يجب أن تحصل على فرصتها للازدهار
قالت مسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن جهود المؤسسة الدولية فيما يتعلق بالأسرى لا تنتهي بمتابعة أوضاعهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي؛ مشيرة إلى أنها “دائمة تذكير إدارات السجون بالتبعات الإنسانية والمعاناة التي يسببها عدم الحصول على إذن لزيارة أولئك الأسرى”.
وأوضحت مديرة البعثة الفرعية للجنة في غزة مريم مولر، خلال حوار خاص مع وكالة “صفا”، أن اللجنة تسعى دائمًا للتأكد من أوضاع الأسرى داخل سجون الاحتلال، إذ “تنظم طواقمنا زيارة منتظمة ومتتابعة للمعتقلين الفلسطينيين في أماكن الاعتقال كافة لمراقبة ظروف الاحتجاز والمعاملة التي يتلقونها”.
وذكرت مولر أنه “بمجرد نشوء أي تصعيد، فإن اهتمام اللجنة الدولية ينصب نحو العمل على حماية المدنيين؛ لذا ننخرط في حوار ثنائي مع الأطراف كافة لتذكيرها بواجباتها تجاه حماية المدنيين”.
وخلال التصعيد الأخير في غزة، لفتت إلى أن أولوية اللجنة الدولية كانت التأكد من حصول الجرحى والمرضى على الرعاية الصحية.
وأضافت “فعّلت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني غرفة عمليات الطوارئ وتقديم خدمات إنقاذ الحياة، كما تعاونت اللجنة الدولية والجمعية في تقييم الاحتياجات لمن تأثروا أثناء التصعيد”.
وأشارت إلى أن وفدًا من الصليب الأحمر زار مشفى الشفاء؛ للاطلاع على الأوضاع الصحية وتقييم الاحتياجات الطارئة، فيما تبرعت اللجنة بمستلزمات طبية لعلاج 50 جريحًا ممن أصيبوا بجروح خطيرة.
وأكدت مولر أن منظمتها قدمت المساعدة لـ126 عائلة ممن هدمت منازلهم أو تضررت بشكل كبير، مضيفة “قدمنا لهم مساعدات عينية ومستلزمات منزلية، بالإضافة إلى مساعدة مالية بقيمة 700 دولار كافية لسد الاحتياجات الأساسية العائلات من هذه الفئة لثلاثة أشهر”.
وإلى جانب اهتمام “الصليب الأحمر” بالجانب الصحي، كان هناك دعمٌ آخر للخدمات الأساسية، عبر ضمان وصول خدمات المياه والكهرباء أثناء التصعيد، وفق مولر.
وبيّنت المسؤولة أن اللجنة الدولية دعمت إصلاح خطوط الكهرباء والمياه والمياه العادمة التي تعرضت لأضرار أثناء الصعيد، بما أسهم في استمرار وصول 60 ألف مواطن من غزة لهذه الخدمات.
مخلفات الحرب والأجسام غير المنفجرة
ولفتت مولر إلى أنه “بعد أي نزاع مسلح تنتشر المخلفات والأجسام التي لم تنفجر والتي يتسبب وجودها بخطر محدق على حياة المدنيين؛ لهذا نتعاون مع السلطات في قطاع غزة وجميعة الهلال الأحمر الفلسطيني للتقليل من مخاطرها”.
وأوضحت مولر أنه تم التعاون مع الهلال الأحمر من خلال تقديم جلسات توعية للمواطنين، بالإضافة إلى تنظيم حملات على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتوعية الناس حول خطر الأجسام غير المتفجرة.
وذكرت أن هناك تعاونًا مع مديرية الدفاع المدني وهندسة متفجرات بوزارة الداخلية في غزة لتقديم بعض الدعم وتبادل الخبرات لإزالة تلك المخلفات الخطرة.
وأكدت مولر أنه “بعد انتهاء التصعيد في غزة، فإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر سلّمت هندسة المتفجرات بوزارة الداخلية عربة “مجرور” ليتمكنوا من رفع الأجسام الخطرة بطريقة آمنة”.
وأشارت إلى أن “الصليب الأحمر” يعمل بالتعاون مع وزارة الصحة على إعادة تأهيل غرفة الطوارئ في مستشفى الشفاء.
قضايا الأسرى
وفيما يتعلق بالإضراب عن الطعام، شددت مولر على أن اللجنة الدولية لا تتدخل في قرار المعتقل بالذهاب إلى الإضراب المفتوح عن الطعام أو إيجاد حلٍ له.
وأضافت “دورنا يكمن في التأكد من أن رغبة المعتقل محترمة من سلطات الاحتجاز، وأن الأواصر العائلية والزيارات مكفولة له، والقيام بالاطمئنان على ظروف احتجاز المضربين عن الطعام، والمعاملة التي يتلقونها”.
وتابعت “نحن نتحدث مع المعتقلين مباشرة بعدها نرفع ملاحظاتنا بطريقة ثنائية وغير علنية مع سلطات الاحتجاز، وهذه الطريقة أثبتت نجاعتها كثيرًا”.
ومن أبرز الإنجازات التي حققتها اللجنة الدولية، بحسب مديرة البعثة في غزة، هي استئناف زيارة أهالي المعتقلين من قطاع غزة منذ شهر مارس/ آذار.
وأوضحت أنه “بفعل هذه الجهود تمكن 226 من أهالي المعتقلين بغزة من زيارة 140 معتقلًا منذ استئناف البرنامج وحتى يوليو الماضي”.
وقالت: “وبعد إعلان وقف إطلاق النار عملت على تسهيل 3 زيارات انتظم فيها 128 من الأهالي والتقوا خلالها 73 من المعتقلين”.
وشددت على أن “التزام الصليب الأحمر يتمثل في تسجيل من يرغب بالالتحاق ببرنامج الزيارات، وتقديم القوائم للسلطات الإسرائيلية لتسهيل استصدار التصاريح اللازمة”.
وبخصوص “الجثامين المحتجزة على خلفية النزاع”، أكدت مولر “حق العائلات في دفن أبنائها حسب العائدات والتقاليد بما يسمح للعائلة بالحزن والاستمرار في الحياة، مضيفة “في نهاية المطاف يجب إعادة الجثامين”.
مجالات أخرى
ومن المجالات الإنسانية الأخرى التي تشغل اللجنة الدولية، وفق مولر، “مدى وصول المرضى من قطاع غزة للخدمات الصحية المتقدمة غير المتاحة لهم في المستشفيات داخل القطاع، مشيرة إلى أنه كان لمنظمتها تدخلًا في السنوات الماضية لمتابعة هذا الملف.
وقالت مديرة البعثة حول هذا الملف: “نطرح ذلك بشكل عام في حوار ثنائي وغير علني مع السلطات الإسرائيلية”.
وأوضحت مولر أن منظمتها تابعت عن قرب التبعات الإنسانية لإغلاق معابر غزة قبل التصعيد الأخير وتأثيره على مرضى السرطان.
وبخصوص الأشخاص من ذوي الإعاقة، أكدت أن اللجنة الدولية ملتزمة بتقديم الخدمات لهم، ولاسيما الأطراف الصناعية والأجهزة المساعدة، بالإضافة إلى برنامج الدعم النفسي من خلال الشراكة مع مركز الأطراف الصناعية.
وأضافت لوكالة “صفا”، “عبر برنامج شفاء الجروح كتب أشخاص من ذوي الإعاقة نص مسرحية من خبراتهم التي عايشوها، ومثّلوها، وتم عرضها على خشبة المسرح”.
وأضافت أن من يفقد طرفًا يكون من الصعب عليه الاندماج في المجتمع من جديد، لافتة إلى أن منظمتها “مناصرة لحقوق هذه الشريحة في الدمج المجتمعي؛ لذا ترعى، عبر الشراكة مع اللجنة البرالومبية وجمعية فلسطين لكرة القدم ومؤسسات أخرى تدعم رياضة الأشخاص من ذوي الإعاقة، برامج بهدف الدمج المجتمعي”.
وبالانتقال إلى مزارعي غزة، بيّنت مولر أن علاقة اللجنة الدولية بالمزارعين تمتد لسنوات، قدّمت خلالها لهم المساعدة، مؤكدةً أن اللجنة تستعد لتوزيع القمح على المزارعين هذا العام.
وأوضحت أن هناك تعاونًا أعمق مع مزارعين، قائلةً: “كلنا يعرف كيف أثّر التغير المناخي على المزارعين بغزة، وهناك بالفعل بعض المشاريع التي تسهم في تقليل خسائر المزارعين بسبب التغير المناخي مثل مزارع الدجاج، والتي تم إعادة تأهيل عدد منها بهدف تقليل درجات الحرارة داخل المزرعة لتقليل النافق منها”.
وأضافت “تربطنا علاقة وطيدة مع المزارعين في المنطقة الحدودية، وهناك قضايا وهموم يطرحونها معنا”.
وتابعت “على سبيل المثال، ربما يعرف الجميع أن رشّ المبيدات، كانت الشغل الشاغل للمزارعين، حيث تابعنا هذه المسألة مع السلطات المعنية، وخلال السنتين الماضيتين لم تصلنا أي تقارير من المزارعين حول أضرار أصابت مزروعاتهم بسبب تلك المبيدات، ونعتبر ذلك أخبارا جيدة”.
وأشارت مولر إلى “برنامج تعزيز صمود الخدمات”، إذ بدأت اللجنة الدولية في برنامج ممتد عبر عدة سنوات يهدف لتعزيز صمود الخدمات الأساسية في غزة مثل خدمات الكهرباء، والمياه ومياه الصرف الصحي بالتعاون مع مقدمي هذه الخدمات في غزة عبر العديد من التدخلات.
ولفتت إلى أن البرنامج يهدف في نهاية المطاف إلى تحسين الصحة العامة للمدنيين في القطاع.
نظرتها لغزة
وعملت مديرة البعثة بغزة مريم مولر لمدة 10 سنوات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مناطق نزاعات مسلحة أغلبها بالشرق الأوسط في اليمن والعراق وسوريا، قبل أن تأتي إلى غزة قبل 15 شهرًا.
وأكدت أن “هناك عاملاً مشتركًا في تلك النزاعات؛ وهو الثمن الذي يدفعه المدنيون دائمًا”، مشيرة إلى أنها شهدت منذ قدومها لغزة تصعيدين.
واستشهدت مولر بما قاله مدير عمليات اللجنة الدولية في منطقة الشرق الأوسط بأن “الثمن الذي يدفعه الناس كأنهم في غرفة انتظار كبيرة ولا يلتقطون أنفاسهم من أهوال تصعيد مضى حتى يستفيقون على وقع تصعيد آخر”.
ودعت مولر لضرورة إيجاد حل سياسي يهدف بالدرجة الأولى لتحسين أوضاع المدنيين وجلب الأمل لهم في حياة أفضل.
وختمت حديثها عن غزة بالقول إن: “ما يميز غزة هو أهلها، فغزة فتية وهناك الكثير من النماذج المفعمة بالطاقة والإبداع ليس فقط ما أراه من زملائي هنا ولكن أيضًا من الناس حين أتجول في شوارعها”.
وأضافت “لذا يجب أن يحصلوا على فرصتهم ليزهروا وينعموا بمستقبل واعد، ونحن دائمًا ملتزمون بالبقاء إلى جانب أهالي القطاع”.