في الداخل.. قرى مسكونة تحتضن أسماء أخرى مهجّرة

أن تكون قرية مهجرة منذ عشرات السنين اسمًا لأخرى مسكونة، فهذا ما لا تشهده سوى حارات مدن الداخل الفلسطيني المحتل وأحياؤه، ضمن معركة الوعي والعودة الممتدة منذ عام النكبة 1948.

وفي مبادرة أطلقها فلسطينيون في الداخل؛ لإحياء أسماء القرى المهجرة في بلدات الداخل وقراه المسكونة، سُمي حي باسم “عين حوض”، وقرية باسم “خبيزة”.

وليس سهلًا تسمية هذه الأحياء بأسماء قرى مهجرة، خاصة وأن “إسرائيل” تعتبر أراضي الـ48 ضمن “سيادتها”، لأنها قائمة بالاحتلال.

ويبلغ عدد القرى المهجّرة في الداخل المحتل نحو 520 قرية ومدينة، تم تهجيرها على يد عصابات الاحتلال إبان النكبة عام 1948، بعد مجازر عديدة، واليوم تضع يدها على هذه القرى الفارغة.

استغلال التهميش

ويصف هيثم زحالقة أحد المبادرين بهذه الفكرة إياها بالمعركة، قائلًا: “إن تسمية مداخل مدننا وشوارعها شيء لم يكتمل في عدد من بلدات أراضي الـ48، حيث لا يوجد عناوين وأرقاهم حتى اليوم في الكثير منها”.

ويضيف لوكالة “صفا”، “هذا الأمر نتيجة إهمال منذ سنوات طويلة، ونتيجة تهميش من سلطات الاحتلال القائمة على هذه البلدات والمجالس المحلية العربية أيضًا”.

واستغل مبادرون بمجالس ولجان شعبية في الداخل هذا الفراغ، لإطلاق المبادرة، وكانت في البداية بأسماء عادية كشخصيات وما شابه، وهو ما لم تعترض عليه سلطات الاحتلال.

ويقول زحالقة “بدأنا بتسمية الشوارع ووضع الأرقام عام 2018، حيث تم تسمية شوارع لم تسمى منذ زمن، وأعلنا المبادرة للحصول على ميزانية، حتى تدخل حيز التنفيذ”.

ويشير إلى أن القائمين على المبادرة “فضّلوا مؤخرًا عدم تكرار تسمية مداخل المدن والشوارع بأسماء كأعلام وأسماء صحابة وغيرها، كما تجري العادة في معظم المدن والقرى الفلسطينية”.

وحوّلت سلطات الاحتلال معظم القرى المهجرة بأراضي 48، إلى خمارات وملاهٍ ليلية وحظائر أبقار أو كُنس.

رفض وإغراءات خدماتية

وعلى أثر ذلك، بدأت معركة العقول بين المبادرين وسلطات الاحتلال ممثلة بلجان وزارة الداخلية الإسرائيلية، التي يجب أن يتم رفع أي طلب لتسمية أي حي أو مدينة أو شارع وأرقامها، إليها، حتى تعطي الموافقة.

ويقول زحالقة عضو مجلس بلدي كفر قرع: “بدأنا مؤخرًا بإطلاق أسماء القرى المهجرة، فسمينا النزلة والدهرة وعين حوض وغيرها”.

ويستدرك “لكننا واجهنا وما زلنا مشاكل مع وزارة الداخلية، إذ يتطلب الموافقة على أمر التسمية عقد جلسة لجنة مختصة، نأخذ منها التوصية والموافقة”.

ويؤكد أن داخلية الاحتلال رفضت طلبات التسمية بأسماء قرى مهجرة معروفة، وأسماء أخرى لشخصيات فلسطينية حديثة ومؤثرة، منها غسان كنفاني، وياسر عرفات، وخبيزة، ومخيم البريج، وعين حوض، “لكنّا وضعنا الاسم رغمًا عنهم”.

ويضيف “هناك أسماء قرى وشخصيات رفضوها دون أي نقاش، وهنا أدركنا أننا في معركة مع عقلية احتلال”.

ويكشف عن أن اللجنة المختصة لداخلية الاحتلال، راسلته شخصيًا وعرضت عليه “التنازل عن تسميات عديدة، مقابل خدمات أخرى أو ميزانية أكبر”.

ويقول “كان الهدف سياسيًا عنصريًا بعدم التسمية باسم قرى مهجرة عديدة، لأن هذا شيء غير موجود في معظم قرى الداخل، التي تعتبرها الحكومة الإسرائيلية ضمن سيادة الكيان الإسرائيلي، وينطبق عليها لذلك القانون الإسرائيلي”.

وبالرغم من الرفض والإغراء، إلا أن المبادرين مستمرون في تثبيت تسمية القرى المهجرة في البلدات التي لم يتم تسميتها منذ سنوات.

ويصف زحالقة استكمال تنفيذ المبادرة بأنها “معركة عقلية”، مضيفًا “نحن عنيدون في هذه المساحة، ونعلم يقينًا أن هذه الأسماء تذّكر الاحتلال بأنه احتلال، وبتاريخ مجازره التي ارتكبها من أجل تهجير سكان هذه القرى، وإقامة كيان له عليها”.

وتلقى المبادرون اتصالات من فلسطينيين أصلهم من القرى المهجرة التي تم التسمية باسمها، تثني على هذه الخطوة، معتبرين أنها ترسيخ لحق العودة الثابت في نفوس الأجيال الشابة والقادمة.

ر ب/أ ج

قد يعجبك ايضا