“الرضيع المدلل”.. شمعة تُطفئها غارة إسرائيلية
سبع سنوات خاض خلالها محمد المدلل من رفح مع زوجته حتى أكرمهم الله بطفلهم الوحيد “فؤاد”؛ الذي أصيب في غارة جوية إسرائيلية خلال العدوان الأخير؛ وتتهدد الإصابة مستقبل حركة يده وقدمه.
تركزت إصابة “فؤاد” في الجزء الأيسر من جسده؛ في منطقة “الجمجمة واليد والقدم” ويعجز عن تحريكهما بشكل طبيعي كما السابق؛ وسط خشية ذويه من حجم تأثير الإصابة التي تعرض لها.
ذاك الطفل (15 شهرًا) يصرخ طوال يومه بجوار أمه التي يرقد بجوارها ولا تستطيع أن معانقته أو إرضاعه؛ نتيجة الإصابات البليغة التي تعرضت لها في اليد والرأس والظهر ومختلف أنحاء الجسد وما تزال تخضع لعمليات مختلفة.
وتسبب القصف في فقدانهم منزلهم بشكل كامل الذي انهار جزءٌ كبيرٌ منه عليهم وهم بداخله خلال الغارات الجوية على حي “الشعوت” المُكتظ بالسكان والمنازل المُتلاصقة وسط رفح في ثاني أيام العدوان؛ الأمر الذي تسبب حينها في استشهاد سبعة فلسطينيين وإصابة أكثر من ثلاثين أخرين.
وبعد مرور نحو أسبوعين على انتهاء العدوان توقف فيها أصوات الانفجارات لكن تعالت بعدها أصوات البكاء والصرخات وبدأ رحلة عذاب مريرة مع جرحى العدوان الإسرائيلي بما فيهم الطفل المدلل ووالدته اللذان ما زال يخضعان للعلاج.
فداخل غرفةٍ في قسم “الأعصاب” بمستشفى غزة الأوروبي في خان يونس لا يُسمع سوى صراخ وبكاء الطفل الذي يحاول معانقة والدته وهي تبكي بحرقة لعدم قدرتها على عناقه والإمساك به فيه تكتوي بنار شوقها وخوفها على فلذة كبدها الوحيد وجراحها الصعبة التي تفكر كيف تشفى منها لتعود لاحتضان طفله.
وتحاول جدة الطفل ووالده أن يهدأن من روعه عبر وضع رضّاعة اصطناعية وأحيانًا من خلال حمله والخروج به لممرات المستشفى؛ لكن كل ذلك يشعل النار أكثر في قلب الأم التي تحترق من الخوف على وحيدها.
أما لسان حال محمد المدلل والد الطفل “فؤاد” فيقول: “الحمد لله.. المال معوض.. المهم زوجتي وابني يرجعوا بخير”؛ مشيرًا إلى أنهما كانا في غرفة العناية المُركزة وخرجا منها قبل أيام وما زال بحاجة لرحلة علاج طويلة؛ قائلاً: “كلي أمل أن يعودا بخير (..)؛ طفلي عانيت سبع سنوات حتى أكرمني الله به اليوم أنا في خوف كبير عليه وعلى أمه”.
ويضيف: “تركزت إصابة وحيدي في الجمجمة ومكث في غرفة العناية المركزة وبعدما خرج منها ما زال يعاني في عجز في الشق الأيسر؛ وبسبب إصابة والدته الخطيرة لم نستطع التحرك فيه وعلاجه خارج غزة؛ نحن بحاجة ماسة لإكمال علاجه سواء هنا أو في الخارج”..
ويتابع “زوجتي ما تزال الإصابات التي تعرضت لها صعبة بالأمس أجريت لها عمليات في اليد استمرت ست ساعات وعلى مدار الساعة تبكي من شدّة الألم والخوف على وحيدنا (فؤاد) اليوم أنا في ثلاث مصائب الابن والزوجة والبيت الذي دُمر بشكل كامل”.
ويختتم بالقول: “لا أفكر بشيء سوى أنني أريد أسرتي بخير وأن تعود زوجتي وابني للحياة بشكل طبيعي”؛ هذا ما ختم به “المدلل” حديثه مع مراسل صفا خلال لقائه داخل المستشفى الأوروبي.
هـ ش/أ ك