“كرم” يخرج للنور ووالده في عتمة زنازين السلطة
لا تكل والدة المعتقل السياسي أحمد هريش من ترديد عبارات الحمد والدعاء لكن دون القدرة على حبس دموعها وهي تقف إلى جانب “كرم” حفيدها المولود حديثًا بعيدًا عن والده، وتتحسس الصغير برفق وتقول: “يا رب يا أحمد يوصلك خبر ولادة ابنك”.
تسجد الجدة باكية في حضرة المولود البكر الذي خرج للتو إلى النور، بينما يقبع والده في عتمة زنازين الأجهزة الأمنية في سجن أريحا منذ 73 يومًا.
ووضعت أمس زوجة المعتقل السياسي “أحمد نوح هريش” من بلدة بيتونيا وسط الضفة الغربية المحتلة مولدها البكر بمستشفى برام الله، في ظل استمرار المخابرات الفلسطينية باعتقاله في سجن أريحا.
وتعرض المُغَيب “هريش” لتعذيب شديد برفقة خمسة معتقلين آخرين في قضية ما يعرف بانفجار “منجرة بيتونيا”، في حين ترفض الأجهزة الأمنية الإفراج عنهم.
وتقول “أسماء هريش” شقيقة أحمد، إن قدوم “كرم” للدنيا وغياب والده لم يكن يتصوره إنسان، “بأن يحرم أحمد من رؤية مولودِه الأول ويغيب لأكثر من سبعين يوما ويعذب في سجون السلطة لرأيه السياسي”.
وتضيف هريش لوكالة “صفا”، ” صرخة كرم وصلت الدنيا والكل يرحب فيه ويحتضنه، إلا والده غاب عن هذا المشهد”.
وتتابع :” من المفترض أن أول شخص يستقبل المولود هو والده .. يوزع الحلوى على الناس ويستقبل التهنئة، لكن أحمد لم يرّ مولوده ولم يسمع صراخه، وحتى لم يعلم بمجِيئِه”.
وتلفت هريش إلى توجيه العائلة مناشدات لجميع الجهات للمطالبة بالإفراج عن أحمد لساعة واحدة لرؤية نجله، دون استجابة من أحد، في ظل رفض الأجهزة الأمنية حتى اتصالا تلفونيا لإبلاغه بولادة زوجته.
وتُكمل :”طيلة فترة اعتقاله ونحن نتخوف من هذا اليوم، وأن يأتي نجله للدنيا وهو معتقل، لحظات صعبة وأليمة لا يمكن وصفها، لا ندري؟ أنسعد؟ أم نحزن؟!”.
وتتطرق الشقيقة هريش إلى حالة اللامبالاة التي وصلت إليها الأجهزة الأمنية وانعدام الإنسانية، في وقت تحاول المحافظة على صورة السلطة أمام الرأي العام وتجميل مظهرها أمام الدول المانحة، ونكرانها بعدم وجود معتقلين سياسيين لديها لأجل المحافظة على تواصل الدعم المالي.
وتكشف عن المحاولات الجادة للأجهزة الأمنية بمنع أهالي المعتقلين السياسيين من نشر أية معلومة عن أبنائهم أو تنظيم اعتصامات أو حتى إشاعة قضاياهم على وسائل التواصل الاجتماعي، “في سبيل تضليل الرأي العام وحرفه عن قضايا الاعتقال السياسي والتعذيب في سجونها”.
وتؤكد تعرض شقيقها أحمد لتعذيب قاسٍ وشديد خلال اعتقاله، حيث جرى تعذيبه بصورة أكبر لدى كشفه عن تعرضه للتعذيب خلال عرضه على المحكمة في مراحل اعتقاله الأولى.
ودعت جميع الأهالي لفضح جرائم الأجهزة الأمنية بحق أبنائهم والاستمرار بنشر ما يتعرضون له.