رواتب عمّال الداخل عبر البنوك.. حماية لحقوقهم أم طمع بها؟
مجددًا، ثارت مخاوف العمال الفلسطينيين بالداخل المحتل بعد إعلان وزير العمل نصري أبو جيش عن بدء تحويل رواتبهم إلى البنوك الفلسطينية.
وسيبدأ ذلك التحويل بدفعة أولى من 7 آلاف عامل، ولن تكون هناك ضريبة على تحويلها، حسب ما ذكر الوزير.
وأوضح أن ذلك يأتي عقب الاتفاق مع سلطة النقد بخصوص آلية تحويل رواتب العمال عبر البنوك.
وحاول الوزير طمأنة العمال بأن البنوك لن تتقاضى أي رسوم سوى دولار واحد عن كل تحويلة بمبلغ من 1000 حتى 10 آلاف شيكل، “في إطار المسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتق القطاعين الحكومي والخاص”.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي لحماية العامل والحفاظ على حقوقه، كمستحقات نهاية الخدمة وبدل العطل والتأمين الصحي، وغيرها.
وبحسب القرار؛ يتوجب على كل عامل فتح حساب بنكي في البنوك الفلسطينية، وتزويد رقم الحساب للمشغل الإسرائيلي من أجل تحويل راتب العامل إليه.
وقال إن ظاهرة سماسرة التصاريح تعمل على استنزاف ثلث أجر العامل الفلسطيني، والذي من شأنه استنزاف الاقتصاد الفلسطيني.
ولفت إلى أن العمل جارٍ لملاحقة سماسرة التصاريح قانونيًا، وكذلك وضع تفاهمات مستقبلية لتكون وزارة العمل هي المشرفة على إصدار تصاريح للعمال بشكل إلكتروني كما كان عليه الوضع قبل 5 سنوات، مضيفًا أن “ذلك يهدف للحفاظ على حقوق العامل الفلسطيني وحمايته من سماسرة التصاريح”.
العمال يرفضون
وجوبه قرار الحكومة برفضٍ من شريحة واسعة من أصحاب الشأن بهذا القرار، وهم العمال، الذين عبروا عن مخاوف متعددة؛ فالعامل أدهم عامر قال، في حديثه لوكالة “صفا”، إن الخطوة ما هي إلا مقدمة لاقتطاعات أخرى ستأتي تباعاً، مذكراً بالمثل الشعبي القائل “أول الرقص حنجلة”.
وأضاف “نحن نخرج من بيوتنا في الثالثة فجرًا ونمضي 16 ساعة في العمل والسفر، وتأتي الحكومة لتشاركنا رواتبنا وأتعابنا”.
وأوضح أن العمال ليس لديهم أدنى ثقة بالحكومة، وأي قرار يصدر عنها يكون مدعاة للشك والريبة.
أما العامل إبراهيم فقال إن العمال تراودهم مخاوف من أن يتم تحويل أتعابهم وأجورهم التي لدى مشغليهم الإسرائيليين إلى صندوق كصندوق الضمان الاجتماعي، وعندما يتقاعد العامل فلن يحصل على مستحقاته إلا بالتقسيط الممل.
وأضاف، لوكالة “صفا”، “سنرفض هذا القرار وسنلجأ للإضراب عن العمل إذا فرض علينا”.
“حماية للعامل”
من ناحيته، يؤيد الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين هذه الخطوة لما لها من فوائد تعود على العمال بالدرجة الأولى.
وقال سعيد عمران مسؤول وحدة الإعلام بالاتحاد العام لنقابات العمال لوكالة “صفا” إن الاتحاد دعم هذا القرار بعد الاجتماع بين الأمين العام للاتحاد شاهر سعد ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، وضمن الآليات التي تم ترتيبها لنجاح هذه الخطوة.
وأوضح أن هذه الخطوة تثبت حقوق العامل الفلسطيني عند المشغلين الإسرائيليين وتوثقها، كالحقوق المتعلقة بنهاية الخدمة، وإصابة العمل، وغيرها.
وأضاف “أن تثبيت العمال وتوثيق عملهم بشكل رسمي يكمن بتثبيت كافة حقوقهم المشروعة”.
وذكر أن “ذلك لا يفيد العمال فقط، بل تسعى حكومة الاحتلال لتثبيتهم، الأمر الذي يساعدها على فرض ضرائب على أصحاب العمل الإسرائيليين”.
وشدد على أن أموال العمال لن يمسها أي شخص، وليس هناك أي خوف عليها، بل هناك تأكيد من رئيس سلطة النقد فراس ملحم لسعد أنه لن يستطيع أحد المساس بأموال العمال.
وأشار إلى أن المخاوف تتعلق بالعمال الذين يعملون مع مشغلين إسرائيليين وليس بحوزتهم تصاريح عمل، وهؤلاء العمال يتعرضون للابتزاز وعمليات السرقة والنصب.
وكمثال على ذلك العامل الذي توفي في ورشة الدهان التي كان يبيت بها ولم يتم إثبات ذلك لعدم امتلاكه تصريحًا.
وبشأن كيفية إسهام الخطوة في محاربة ظاهرة سماسرة التصاريح، قال: “طبعًا هذا يحد منها، فالمشغل الإسرائيلي مطلوب منه أن يصرح بكامل راتب العامل الذي يحول إلى حسابه بالبنك، ويوثق ذلك في حسابه البنكي، وهذا الأمر يحد من دور وسرقة سماسرة التصاريح لأموال هؤلاء العمال”.