اليمن ومستقبل العالم
أحمد الزبيري/
زيارة الوفد الوطني المفاوض برئاسة الأستاذ محمد عبدالسلام لروسيا الاتحادية الصديقة تأتي في لحظة استثنائية يمر بها اليمن والمنطقة والعالم، الذي يشهد متغيرات قد تكون مفصلية بالنظر إلى الحرب الاطلسية الروسية في أوكرانيا والتوتر الذي أحدثته زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بلوسي إلى جزيرة تايوان الصينية، والتوترات والحروب التي تشعلها أمريكا من بحر الصين وأوروبا إلى المنطقة العربية والشرق الأوسط، هي محاولات يائسة وبائسة ومع ذلك تحمل شعبنا اليمني والشعوب العربية والإسلامية والبشرية تكاليف كبيرة تنذر بمخاطر تتطلب موقف من كل المتضررين من مشروع الهيمنة الأمريكي والغربي الصهيوني.
بكل تأكيد زيارة رئيس الوفد الوطني إلى روسيا ليست الأولى لكنها هذه المرة جاءت في ظل إدراك عميق من القيادة الروسية أن الهيمنة الأمريكية تستدعي تضامن وتحالف من كل القوى التي قاومت وتقاوم هذا النهج الذي ما كان له أن يستمر لولاء القراءات الخاطئة للكثير من الدول والقوى الصغرى والكبرى التي كانت تفصل بين ساحات المجابهة والمواجهة وتتعاطى مع الحروب المتعددة التي تشنها أمريكا بأنها لا تعنيها إلا بقدر التأثير على برجماتية سياساتها غير صحيحة كما أثبتت الأحداث.
روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين أصبحت تدرك اليوم أن أمنها ليس محصوراً بحدودها ولا بمنظمة الدول المستقلة والتي كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي السابق بل باستعادة علاقتها وتأثيرها بالعالم، وكما قال محمد عبدالسلام أن اليمن بموقعه الاستراتيجي مؤثراً على اتجاهات الصراع الدولي وهذه حقيقة لا يمكن القول أن روسيا لم تدركها إلى الآن.
ومازالت الشعوب العربية وشعوب العالم الثالث لم تنسى دور الاتحاد السوفيتي في تحررها من الاستعمار وهذا يفسره عودة العلاقة مع الكثير من دول العالم الثالث ومنها العربية والأفريقية واليمن في المقدمة والتي ترى أن الندية وعدم التدخل في الشئون الداخلية وبناء العلاقات على أساس المصالح والمنافع المتبادلة هو البديل الذي تقدمه روسيا والصين لسياسة السيطرة والهيمنة والتبعية لأمريكا والاستعمار الغربي القديم والحديث.
حديث الوفد الوطني من موسكو يحمل الكثير من الرسائل التي تؤكد أن الاستعراض الأمريكي لم يعد يحقق لأمريكا العظمة التي تريدها، وأن استقرار العالم لن يكون إلا في ظل نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب، وروسيا رئيسية في هذا التحول الذي يعيد للوضع الدولي توازنه.
كثيرةً هي الاتفاقات مع تحالف العدوان وجميعها لم يلتزم بها، وكما أشار عبدالسلام فإن الهدنة التي تم تمديدها للمرة الثالثة غير قابلة للتجديد ما لم تؤدي إلى صرف المرتبات ووقف العدوان ورفع الحصار وخروج القوات الأجنبية والغزاة من كل شبر من الأراضي اليمنية والتوجه الجاد إلى السلام عبر مفاوضات سياسية مع من يشن على الشعب اليمني هذه الحرب الإجرامية القذرة وأدواتهم.
الاستنتاج الأهم من هذه الزيارة لروسيا أن النظرة والموقف من الحرب العدوانية التي يشنها على اليمن تحالف دولي وإقليمي لم تعد موضوع اشتباه للكثير من دول العالم وكذلك للرأي العام وكل هذا بفضل صبر وصمود وثبات وانتصارات الشعب اليمني العسكرية والسياسية والأخلاقية والدبلوماسية التي هذه لهذا البلد الصديق والالتقاء بقياداته تجليات لما هو قادم سواءً أتجه المسار إلى السلام أو الحرب، ومن يقرأ المشهد اليمني والإقليمي والدولي بعمق سوف يفهم أن الشعب اليمني منتصر.