أجمع مختصون بالشأن الأمني والإسرائيلي بأنه لا مصلحة إسرائيلية بإطالة أمد العدوان على قطاع غزة، تخوفا من تدحرج الأمور لمعركة واسعة ودخول حركة “حماس” لميدان المواجهة دفاعا عن المدنيين العزل ومقدراتهم.
وأوضح هؤلاء خلال أحاديث منفصلة مع وكالة “صفا” أن إطالة أمد العدوان قد يحمل تعقيدات في غير مصلحة المستوى العسكري والسياسي الإسرائيلي خاصة في ظل حكومة يائير لابيد الهشة.
وكانت وسائل إعلام عبرية قالت “إن حركة “حماس” تقود غرفة عمليات من تحت الطاولة، نحن في إسرائيل نعرف قدراتها جيداً وهي تعرف كيف تستنزف جيشنا”.
في السياق ذاته، أكدت حركة “حماس” على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم أن المقاومة بكل أذرعها العسكرية وفصائلها موحدة في هذه المعركة، وستقول كلمتها وبكل قوة ولم يعد ممكناً القبول استمرار هذا الوضع على ما هو عليه”.
وأضاف برهوم “العدو الإسرائيلي من بدأ التصعيد على المقاومة في غزة وارتكب جريمة جديدة، وعليه أن يدفع الثمن ويتحمل المسؤولية الكاملة عنها والمقاومة ستدافع عن شعبنا وأهلنا في القطاع وبكل ما تملك وستوازن الردع وستبقى تلاحق الاحتلال وستهزمه كما هزمته في كل المعارك وفي كل الساحات “.
تخوف إسرائيلي
الكاتب والمحلل المختص بالشأن الإسرائيلي سعيد بشارات، قال لـ “صفا”، إنه ليس هناك مصلحة إسرائيلية بإطالة أمد العدوان على غزة، كون حكومة هشة مثل حكومة يقودها “لابيد وجانتس” لن تتحمل تعقيدات المعركة في حال تطورت في قادم الأيام.
وذكر أن هناك تخوف إسرائيلي واضح من دخول حماس بما تمتلكه من قدرات وأدوات للمعركة، “وبذلك من الممكن توسع رقعتها، خاصة في ظل تهديدات المستوطنين وجماعة الهيكل باقتحام الأقصى غدا الأحد.
وأوضح أن التخوف الإسرائيلي نابع من تعقد الأمور مما سيدفع باتجاه ضغط في الشارع الإسرائيلي في الداخل خاصة من سكان الغلاف الذين رحل غالبيتهم باتجاه الشمال والوسط في حال إطالة أمد المعركة وتطورها.
وأضاف بشارات “بتقديري أن الأمور لن تتعدى أسبوعًا أو أقل في حالة استمرت المعركة بهذه الوتيرة”.
اعتبارات تمنع إطالة العدوان
الكاتب والمحلل حسام الدجني قال لـ”صفا”: إنني “لا أعتقد أن الرغبة الإسرائيلية في إطالة أمد الحرب حتى وإن تحدث بها قادة سياسيون وعسكريون إسرائيليون”.
ولفت الدجني إلى أن هذا الحديث خطاب إعلامي موجه للداخل الإسرائيلي وفي الوقت ذاته للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة”.
وأضاف “حقيقة الأمر أن إسرائيل معنية أن تنهي هذه الجولة بأسرع وقت لاعتبارات عديدة “.
وبين أن الاعتبار الأول هو عدم تدحرج الأمور بدخول حركة حماس على خط المواجهة، وبالتالي تطور المعركة لمواجهة مفتوحة قد تستمر لعدة أسابيع، في وقت “إسرائيل ” مع تحدٍ آخر في سبتمبر بما يتعلق بحقل “كاريش” للغاز واحتمالية المواجهة مع حزب الله ، وفق الكاتب الدجني.
والاعتبار الثاني يكمن في الرغبة الأمريكية في تهيئة الأجواء مع قرب التوقيع على اتفاقية “فيينا” بما يخص الملف النووي الإيراني.
وبيّن أن الاعتبار الثالث يتعلق بنتائج العدوان وأثره على “لابيد وجانتس وكوخافي” في الانتخابات القريبة المقبلة إذا ما سارت الأمور إلى غير ما يتوقعون.
وأضاف “حتى الآن إسرائيل تسوق أنها ضربت قيادي كبير في حركة الجهاد، ولكن ما الحال لو قتل عدد من المستوطنين أو الجنود؟ أو لو قصفت تل أبيب بعنف؟ هذا بالتأكيد له انعكاساته السلبية على مستقبل لابيد السياسي”.
وتابع ” في تقديري أن إسرائيل غير معنية بإطالة أمد التصعيد، فهي التي تدفع بالوسطاء لإنهاء هذه الجولة من الاعتداء”.
اتساع رقعة الزيت
وحول فرص اتساع رقعة الزيت ودخول حركة “حماس” بمقدراتها وأدواتها للمعركة، يقدّر الكاتب الدجني أنه في حال تجاوز الاحتلال لقواعد الاشتباك والخطوط الحمر فيما يتعلق باستهداف المدنيين وممتلكاتهم، وحدوث خسائر بين صفوف المدنيين، فإن الأمور ستذهب للمواجهة المفتوحة ودخول جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي للمعركة.
وقال: “حتى الآن من المبكر الحديث حول دخول حركة حماس رسميا للمعركة، لأن عدم دخولها المعركة يجنب شعبنا ويلات معركة كبيرة ربما هذا ليس وقتها ويحمي المدنيين، وإسرائيل معنية بعدم استهداف المدنيين كونها تعلم أن ذلك سيستفز الحركة ويدفعها للدخول بقوة للمعركة”.
وختم الكاتب والمحلل الدجني “في حال وصلت إسرائيل لاستهداف منازل المواطنين، ستكون حركة حماس أمام مواجهة مفتوحة مع العدو الإسرائيلي”.
أكثر من تراشق للنيران
وخلال تقديره للموقف حول العدوان والعملية العسكرية الإسرائيلية على غزة، قال الكاتب السياسي خالد النجار إن العملية العسكرية على غزة، تعد من العمليات الاستخبارية الواسعة وأكثر من أنها تراشق بالنيران، بضوء أخضر أمريكي يهدف لإضعاف المقاومة، لافتا أن ما يحدث الآن هو تفرد بكل مكونات الشعب الفلسطيني.
وأشار الكاتب النجار إلى أن بدء العدوان على غزة بتنفيذ عملية اغتيال، جاء لخلط الأوراق بين حركتي حماس والجهاد، ووضع المقاومة في صورة معقدة، “وهو بذلك لا يسعى للتفرد بالجهاد، بل بكل فصائل المقاومة وفي مقدمتها حماس”.
وأضاف “نلحظ من خلال تصريحات الاحتلال ابتزاز حماس من خلال ردعها اعلاميًا وأنها باتت في معزل عن المواجهة، لأجل جرها لمعركة واسعة أعدّ لها الاحتلال الكثير من مفاعيل المنطقة سياسيًا وعسكريًا”.
وأوضح أن المقاومة في هذه الظروف تعمل وفق سيناريوهات عديدة، وتقرأ المعطيات الميدانية بشكل تفصيلي وتتعامل مع كل مرحلة من مراحل التصعيد بآلية مختلفة، من خلال ثلاثة مسارات سلكتها المقاومة حتى الآن.
المسار الأول، مواصلة عمليات الرد المتوازن وعدم توسيع مرمى النار ودائرة الاستهداف، لقطع الطريق على العدو الذي يحاول جر كافة أطراف المقاومة لمعركة غير مسبوقة في تاريخ الصراع.
والمسا الثاني، إدارة المواجهة من خلال غرفة العمليات المشتركة التي تدعم سرايا القدس، وقد اتضح ذلك منذ اللحظات الأولى، وتحديد خارطة للتنسيق بين الفصائل على أعلى المستويات.
أما المسار الثالث- وفق الكاتب- ضبط الساحة الإعلامية للمقاومة، وهو أحد أوجه الجهد النوعي الذي تمارسه المقاومة، في إطار عمليات الرد، وهو ما يُفشل العدو في تحديد الأطر الفاعلة في ميدان المعركة، والعمل وفق استراتيجية الفعل ورد الفعل بين سرايا القدس والاحتلال ميدانيًا.