سوريا .. “جينوار” قرية للنساء فقط

«أرض النساء» أو «جينوار» في اللغة الكردية، هي قرية فريدة في عالمنا اليوم، ترحب بالنساء والأطفال السوريين، بغض النظر عن الدين والعِرق والمواقف السياسية.
هي لوحة فسيفسائية تضم مجموعة متنوعة من النساء اللائي يرغبن في تجربة الحرية والديمقراطية وشكل جديد من أشكال الحياة.
هكذا صورتها شبكة «سي أن أن» الأمريكية، التي بثت فيلما وثائقيا حول هذه المبادرة الإنسانية المتقدمة.
هذا الصرح شيدته النساء ليعشن فيه، والقرية ملجأ للنساء السوريات وأطفالهن الهاربين من ظلم الأهل، والإيذاء المنزلي وأهوال الحرب الأهلية.
تقع القرية شمال شرق سوريا وشيدتها النساء الكرديات من الألف إلى الياء قبل عامين.
وتنتصب على أرضها، منازل مستطيلة بُنية، مبنية من الطوب المصنوع يدوياً. ولكن من الداخل، كانت المنازل مطلية ومرتبة، وتُظهر لمسات الأسر التي تعيش فيها.
تجري القناة الأمريكية حوارات مع بعض قاطنات القرية، فها هي فاطمة أمين تقول: تغيرت حياتي إلى الأبد عندما فقدت زوجي في الحرب السورية».
تضيف «هذه القرية هي الرد على كل شخص يفكر في انتهاك حرية المرأة، أو يرى أن المرأة هي الجنس الأضعف في المجتمع، أو أنها لا تستطيع إدارة حياتها أو تربية أطفالها، بل العكس، فالمرأة يمكن أن تبني منزلها. وها نحن ذا، لقد شيدنا قرية، وهي ليست حكراً على أحد، فهناك النساء الكرديات والعربيات والإيزيديات وبعض من صديقاتنا الأجنبيات يعشن معنا أيضاً».
وكأنك تشاهد فيلما هوليووديا قديما عن الغرب الأمريكي، حينما تعلم وترى أن هذه القرية لا تسمح للرجال بزيارة القرية إلا في أثناء النهار، شريطة أن يعاملوا النساء باحترام، ولكن لا يُسمح لهم بالمبيت. وتتناوب النساء على مراقبة الداخلين والخارجين منها. إذ إنهن يحملن السلاح أثناء النوبات الليلية فقط، لتأمين القرية.
الفيلم يشعرك أن هناك مجتمعاً طبيعياً يمكنك العيش فيه. فالنساء تعمل وتزرع، وتتلقى رواتب من مجلس القرية أيضاً.
تقول نُجين ديريا، وهي ناشطة في القرية، إن لديهن أرضاً أيضاً يرعين فيها الحيوانات ويزرعن فيها المحاصيل، ويبعن منها ما يفيض عن احتياجهن.
ويوجد في القرية أيضاً مستوصف للطب البديل، حيث تعمل بعض النساء المُدرَّبات، لكن ما زال ينقصهن ما يكفي من الأدوية لفتح مستشفى متكامل.
وعندما يبلغ أطفال القرية سن الرشد، سيُخَيَّرون بين الاستمرار في الإقامة في القرية والانتقال إلى مكان آخر. وسيُسمح لهم بالبقاء في القرية، لأنهم نشأوا على قيمها.
كما يذهب الأطفال بالفعل للخارج، للالتحاق بالمدارس الإعدادية والثانوية، إذ إن مَدرسة القرية لا تدرِّس سوى التلاميذ من الصف الأول إلى السادس.
وبالإضافة إلى ذلك، تحضر النساء دروساً خاصة لتعلُّم اللغة الإنكليزية، وسيصبح بإمكانهن مواصلة تعليمهن بالتزامن مع نمو القرية.
السيدة فاطمة أُم لستة فتيات – تتراوح أعمارهن بين 5 و17 سنة – جاءت إلى القرية منذ سبعة أشهر، وأصبحت رئيسة مجلس القرية. كما يبدو من المقابلة.
تذهب بعض بناتها إلى مَدرسة القرية الابتدائية، حيث يتعلم الأطفال اللغات الكردية والعربية والإنكليزية.
وقالت فاطمة: «مستقبل بناتي هنا أيضاً. ما خططته لهن الدراسة وطريقة العيش يتحقق تدريجياً».

قد يعجبك ايضا