لبنان: الأمم المتحدة تدعم تعاونيات نسائية تساعد السكان على التأقلم مع الأزمات المتلاحقة
Share
في لبنان، تقوم التعاونيات النسائية بدور كبير في المجتمعات المحلية. تعاونية “الأطايب” الواقعة في بلدة كفردبيان قضاء كسروان هي واحدة من المشاريع التي تلبي مصلحة أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وتدعم المزارعين المحليّين من خلال شراء محاصيلهم الزّراعية الضّرورية لإعداد المنتجات الغذائية وتؤمّن فرص عمل لسكان البلدة.
تأسست تعاونية الأطايب في عام 2004 لدعم المجتمع المحلي، وهي تعاونية نسائية متخصّصة في تصنيع وتعليب المنتجات الغذائية اللبنانية التقليدية والمحلّيّة وفق معايير إدارة الغذاء والدّواء الأميركيّة (FDA)، مثل مربّىقشور الحمضيات ومربّى الفاكهة والمكدوس اللبناني الشّهير.
تقول سميرة زغيب عقيقي، رئيسة التعاونية: “أستمتع بتدريب النساء على تقنيات تجهيز الطعام ومساعدة الجيران على تأمين فرص عمل. العديد من النساء في عموم لبنان يقمن بالأمر نفسه.”
وتضم التعاونية اليوم 13 امرأة من مختلف الفئات العمرية، تعمل كلّ منهن على تحضير المنتجات التي تسوّقها التعاونية. فضلا عن الأجر الذي تتقاضاه النساء لقاء عملهن في إعداد المونة، تتلقّى كل منهن نسبة من الأرباح التي تحصدها التعاونية بصفتهن مساهمات في إنشائها.
تقول سميرة بفخر: “تمثّل تعاونية الأطايب كل القيم التي نؤمن بها: أن نعمل بشغف؛ أن نساعد مجتمعنا؛ وأن نخدم المصلحة العامّة.”
من التعليم إلى تجهيز “المونة”
بدأت سميرة مسارها المهني كمدرّسة لغة فرنسية في إحدى مدارس بلدة كفردبيان. لكن، بعد أوّل عام دراسي، قدّمت سميرة استقالتها لتتبع شغفها في الطبخ. وفي عام 2003، التحقت بتدريب على فن الخياطة والتطريز كانت جمعية الشبان المسيحيين آنذاك تنظمه في المنطقة.
Al Atayeb Cooperative
ومن خلال انخراطها مع نساء من مختلف المناطق اللبنانية، لاحظت سميرة أن النساء القرويات يمتلكن مهارات ممتازة في صناعة الأغذية وتعليبها على شكل مؤن ومنتجات غذائية، كما لاحظت أنهن يحببن تبادل المعلومات. لذلك، عملت سميرة مع جمعية الشبان المسيحيين على تنظيم ورش عمل حول تصنيع وتعليب المنتجات الغذائية، لتصبح بعد فترة قصيرة هي نفسها مدرّبة في المجال نفسه.
تقول سميرة: “إن تدريب النساء على مهارة تصنيع وتعليب المنتجات الغذائية هي طريقتي في تمكين المرأة. تمنحني هذه الورش أيضا قوة لأنها تحيطني بنساء معطاءات ولديهن رؤية.”
أحبّت سميرة دور المدرّبة لكنها لم تكتفِ به، فلطالما أرادت أن تكون مؤثّرة في مجتمعها المحلي. “قرّرتُ مع زميلات لي أن نؤسّس تعاونيّة متخصّصة بتصنيع الأغذية نظرا لمهارة النساء في المنطقة في مجال صناعة الأغذية والمجال الزراعي.”
شأنها شأن العديد من التعاونيات في لبنان، واجهت الأطايب تحديات كثيرة مع انتشار جائحة كـوفيد-19، ممّا هدد قدرتها على الاستمرار وخاصة خلال الأشهر الأولى لانتشار الجائحة.
بتمويل من بنك التنمية الألماني KfW قيمته 4.4 مليون دولار، ومن خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عملت الأمم المتحدة في لبنان على دعم التعاونيات والمؤسسات الصّغيرة والمتوسّطة والمزارعين بهدف تخفيف وطأة انتشار جائحة كورونا. من خلال المشروع نفسه، دعمت الأمم المتحدة في لبنان 94 تعاونية من مختلف المناطق اللبنانية، مع التركيز على النساء، من خلال توفير المساعدات النقدية لقاء العمل والمساعدات العينية مثل تأمين المواد الأوّليّة والمعدّات والوسائل الضّرورية لكل مشروع.
واستفاد أكثر من 6,000 شخص في لبنان من هذا المشروع الذي ساعدهم على التّأقلم مع ثلاث أزمات متعاقبة شهدها لبنان: جائحة كورونا، الأزمة المالية والاقتصادية، وانفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020.
بالنسبة لتعاونية “الأطايب”، قدّمت الأمم المتحدة الأجر الشّهري الذي اعتادت النّساء المساهمات في التعاونية تقاضيه لقاء أتعابهن، على الرغم من توقف العمل، بالإضافة إلى تقديم الزيت والسّكر الضّروريّين لتحضير المونة اللبنانية، فضلا عن الأواني الزّجاجيّة المستخدمة لحفظ الأطعمة.
تقول سميرة: “هذا النوع من المساعدات المادية والمالية هو أمر بالغ الأهمية بالنّسبة للتعاونيّات لأنها تحاكي احتياجاتنا الماليّة. فاستعدنا رأس مالنا جرّاء هذا الدّعم وعوّضنا خسائرنا وبالتّالي تمكّنا من استئناف أنشطتنا في وقت كانت العديد من المشاريع تغلق أبوبها.”
أعد هذه القصة مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت بالتنسيق مع مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان.