هل يكسر فيديو الجندي “السيد” جليد إبرام صفقة الأسرى؟
Share
بعد 8 سنوات من الجمود في ملف إبرام صفقة تبادل الأسرى، نشرت كتائب القسام الجناح العسكرية لحركة “حماس”، للمرة الأولى مشاهد لأحد الضباط والجنود الإسرائيليين الأسرى لديها.
وعلى مدار السنوات الماضية، عملت الكتائب على تسريبات وتلميحات حول الضباط والجنود الأسرى لديها، لكنها هذه المرة حرصت على نشر مقطعٍ مصوّر لأحد الجنود الأسرى الذي ما زالت تفاصيل أسره طي الكتمان.
وفي فبراير 2020 كشف الناطق العسكري باسم “القسام” أبو عبيدة أن بعضًا من أسرى الاحتلال لدى المقاومة أصيبوا بشكلٍ مباشر في قصف قوات الاحتلال لقطاع غزة في مايو 2019.
وقال أبو عبيدة آنذاك: “نعلن عن حقيقة أخفيناها منذ العدوان، حين قصف العدو العمارات المدنية والأمنية وأماكن أخرى، فإن أسرى العدو قد أصيبوا بشكلٍ مباشرٍ”، دون مزيد من المعلومات حول حالتهم الصحية.
ثم نشرت الكتائب في يونيو من العام التالي وللمرة الأولى، تسجيلًا صوتيًا منسوبًا لأحد الجنود المأسورين.
وحينها قال الجندي في التسجيل الصوتي: “أنا الجندي الإسرائيلي (تم إخفاء الاسم).. الموجود في الأسر لدى عز الدين القسام، أتمنى أن دولة إسرائيل لا تزال تعمل على استعادتنا”.
وأضاف: “إنني أموت كل يوم من جديد، وأشعر بالأمل في أن أكون عما قريب في حضن عائلتي”.
لكن كل هذه التسريبات والإشارات والتلميحات لم تُفضِ إلى جديد بجهود الوسطاء لإبرام صفقة تبادل على غرار صفقة الجندي جلعاد شاليط.
أهداف الفيديو
الباحث بالشأن العسكري والأمني رامي أبو زبيدة يرى أن هدف الكتائب من نشر الفيديو أنه يأتي “في ظل مماطلة الاحتلال والتسويف في ملف الأسرى وعدم الجدية في معالجة، إضافة لكذب القيادة السياسية الإسرائيلية ومراوغتها لمجتمعها بعدم وجود أسرى أحياء من الجنود”.
تجزئة الصفقة
ويقول أبو زبيدة لوكالة “صفا” إن “الفيديو رسالة من المقاومة بجديتها في إنهاء هذا الملف والتعامل معه؛ سواءٌ كرزمة واحدة أو تنفيذ ملف الصفقة على عدة مراحل”.
ويعبّر عن اعتقاده أن المقاومة جاهزة بأن تتعامل مع ملف الجنود على عدة صفقات تبدأ بصفقة إنسانية مقابل الإفراج عن الجندي “السيد” مقابل الأسرى الفلسطينيين المرضى وكبار السن”.
ويتوقع أيضا أنه في حال تم ذلك، فسيتم إدخال الجندي أبراهام منغستو في الملف الإنساني لصفقة تبادل محتملة.
ويرى أبو زبيدة أن هذه المشاهد “تفضح عنصرية الاحتلال على صعيد جبهته الداخلية، ويكشف مدى العنصرية بالتعامل والتمييز داخل المجتمع الإسرائيلي؛ سواء باللون والمعتقد والتمييز بين الصهيوني الغربي والشرقي”.
ويبين أن الفيديو “يضع الكرة في ملعب الاحتلال والمجتمع الدولي ويبرز قضية الأسرى الفلسطينيين وخاصة في ظل الإضرابات وبظل وجود أسرى يعانون”.
لذلك، يرى أبو زبيدة أن هذا الفيديو “قد يفتح الباب أمام صفقة إنسانية، تساعد في حلحلة الملف”.
ويعتقد أن المقطع يمكن أن يدفع الوسطاء لحلحلة الأزمة، والسعي لإبرام صفقة إنسانية، لأن “كل الأجواء داخل الكيان وحالة عدم الاستقرار السياسي لا تساهم في هذه المرحلة بإبرام صفقة كبيرة مقابل الضباط والجنود الـ4”.
جمود المفاوضات
ويؤكد المحلل أن “الحالة الإسرائيلية المتأزمة وعدم استقرار الحكومة هناك أحد العناصر الرئيسية لعدم إنجاز صفقة “.
ويقول: “الحالة الموجودة حاليًا لا تساهم بوجود حل لعدم وجود استقرار سياسي أو حكومة مستقرة تستطيع اتخاذ قرار بأغلبية”.
التأثير على الإسرائيليين
ويرى أبو زبيدة أن الفيديو “سيساهم في تأزيم وزيادة الشرخ لدى المجتمع الإسرائيلي بإظهار مدى العنصرية، وعدم تعامل الاحتلال بجدية مع من يرى أنهم أحياء”.
ويلفت إلى أن كتائب القسام أرادت إيصال رسالة بأن هذا الأسير يعاني من مرض وتدهورت حالته الصحية وقد يفقد حياته نتيجة تعامل الاحتلال بعنصرية مع هذا الملف، وأنه على المجتمع الإسرائيلي التحرك بجدية لإنقاذ ذلك الأسير.
ويوضح أبو زبيدة أن المقاومة تريد إخلاء مسؤوليتها أمام المجتمع الدولي من تبعات أي طارئ لهذا الأسير وإبلاغ بطبيعة الحالة الصحية له”.
سرّ الفيديو
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن من الصعب الجزم بأهداف نشر المقطع.
ويلفت إلى أن الكتائب القسام تدير معركة حساسة ودقيقة مع الاحتلال، مضيفًا: “من المحتمل أن يكون من ضمن الأسباب أن ثمة عمل على صفقة سرية محدودة تتطلب من القسام الكشف عن حياة بعض الجنود لديها”.
ويضيف: “من المرجح أنه يجري استئناف المفاوضات وبالتالي من الممكن أن نربط الفيديو بذلك”.
ويرى عرابي أن “من الممكن أن هذا الملف ليس متوقفٌ تمامًا، لكن ملفًا يجري إحياؤه عبر وسطاء، وبالتالي تقدم القسام الأثمان على نحو دقيق”.
ويضيف: “هذه معركة طويلة متعلقة بعوامل متعددة ليس فقط بما تملكه القسام من جنود ولا إدارتها لهذا الملف، لكن بحيثيات إقليمية ودولية ولدى الكيان، وطبيعة الصراع نفسه”.
توقيت الفيديو
ويقول إن “من مصلحة القسام ضعضعة المجتمع والجبهة الداخلية الإسرائيلية وإظهار العنصرية أنه لا قيمة إلا للجنود اليهود بشكل عام والاشكيناز بشكل خاص”.
ويضيف: “صحيح أن المؤسسة الإسرائيلية عملت بشكل كبير على اقناع المجتمع الإسرائيلي بأنهم أموات وأن هشام عربي مريض نفسي، لكن التسجيل قد يحقق مجموعة من النقاط في سياق معركة الصبر الاستراتيجي”.