من جمع أموال التبرعات إلى شرعنة القتل.. الأمم المتحدة تتاجر بأشلاء الأطفال في اليمن

اليوم تمر الذكرى السنوية الثانية لقيام الأمم المتحدة برفع السعودية ودول التحالف من قائمة العار “اللائحة السوداء” لقتلة الأطفال” في اليمن، والتي كانت فضيحة للمنظمة الأممية أكبر من فضيحة الجرائم المرتكبة بحق البراءة في اليمن.

هذا القرار، أكد للجميع أن منظمة الأمم المتحدة متواطئة في كل جرائم الحرب التي ترتكبها قوات التحالف بحق المدنيين في اليمن لاسيما الأطفال والنساء وكبار السن.

صفقة العار

 

 

 

جرائم قتل الأطفال البشعة في اليمن من قبل التحالف أعطت صورة واضحة عن النفاق العالمي بحق الشعوب المستضعفة وما خلفته تلك السياسة من جرائم وكوارث فيها، كما كشفت للعيان أن المنظمة الأممية لا يهمها مصالح الشعوب، بقدر ما يهمها مصالح الأنظمة الاستعمارية التي تهيمن عليها، بعد أن اصبحت الأمم المتحدة مظلة تشرعن للجرائم التي ترتكبها الأنظمة الاستعمارية بحق الشعوب.

في 5 أكتوبر 2017، أدرجت الأمم المتحدة السعودية والتحالف على قائمة العار لقتل الأطفال في اليمن، وقبل أن يجف حبر توقيع القرار تراجعت الأمم المتحدة عن القرار وقامت في 9 يونيو 2019  بإزالة التحالف والسعودية بشكل مؤقت من القائمة، وفي  15 يونيو 2020 قام أمين عام الأمم المتحدة الحالي “إنطونيو غوتيريش” بإزالة السعودية والتحالف من القائمة بشكل نهائي.

وفي السياق قال أمين عام الأمم المتحدة السابق بان كي مون في مؤتمر صحفي عقد في 9 يونيو 2019، إن “قرار إزالة التحالف والسعودية من القائمة، كان أحد أصعب القرارات التي كان عليّ اتخاذها.”

وأكد بان كي مون، إن قراره برفع اسم التحالف والسعودية بشكل مؤقت من قائمة العار السوداء لقتلة الأطفال في اليمن ليس قراراً نهائياً.

وأشار بان كي مون، إلى أن السعودية مارست ضغوطاً كبيرة على الأمم المتحدة، وهددت بقطع المساعدات التي تقدمها المملكة للاجئين الفلسطينيين.

فاتورة باهظة

 

طفلة يمنية تبكي أخاه الصغير

 

 

دفع الأطفال اليمنيين طوال 8 سنوات من الحرب العبثية، فاتورة باهظة لمعركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل حيث كانوا منذ اليوم الأول لغارات طيران التحالف على منطقة وادي أحمد وبني حوات في العاصمة صنعاء، وحتى الآن وقودها الرئيسي.

ووفقاً للعديد من تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية، فقد تعرض أطفال اليمن لجرائم حرب من قبل التحالف مثل القتل والاعتقال والاغتصاب والحرمان من الالتحاق بالمدارس والحرمان من حق تلقي العلاج .

وكشف تقرير صادر عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن “تحالف رصد” عن إحصائية جديدة لعدد الضحايا من أطفال اليمن طوال السنوات الماضية.

وقال تقرير “تحالف رصد” المنشور في 4 يونيو الجاري، على منصة “تويتر” رصدته “وكالة الصحافة ليمنية”، إنه وثق مقتل 3182 طفلاً، منهم 2795 ذكور و 387 اناث، موزعين على 20 محافظة يمنية.

وأفاد التقرير، أن 973 طفلاً قتلوا بالقصف المدفعي والجوي، و 1584 قاصراً قتلوا في جبهات القتال.

ووفقاً للتقرير، فقد قتل 250 طفلاً بالرصاص الحي و 152 قتلوا بانفجار الألغام الأرضية، فيما قتل 9 أطفال اخرين تحت التعذيب.

حرب إبادة

 

 

 

ولفضح تواطئ الأمم المتحدة وإنصافاً لحق الطفولة المهدورة في اليمن سوف نبرز في هذا التقرير 10 جرائم فقط من بين مئات الجرائم اللاإنسانية التي ارتكبتها دول التحالف بحق البراءة في اليمن.

نابالم في اليمن

 

 

في 8 يونيو 1972، أثارت صورة “طفلة نابالم” سخط العالم من وحشية الجريمة التي وقعت لطفلة فيتنامية كانت تجري وهي عارية وتصرخ إثر حروق تعرضت لها جراء قصف الطائرات الأمريكية لقريتها واستخدامها سلاح النابالم المحرمة.

صورة “طفلة نابالم” تكررت بنفس السيناريو في اليمن لعدد من الأطفال اليمنيين وأطفال مهاجرين من القرن الأفريقي كانوا يركضون وهم يصرخون إثر حروق تعرضوا لها إثر قصف طائرات التحالف لمخيم اللاجئين والنازحين التابع للأمم المتحدة في منطقة المرزق بمحافظة حجة، بأسلحة محرمة إلا أن العالم لم يكترث لهم كما حصل مع فتاة نابالم.

الجريمة وقعت في 30 مارس 2015 حيث أسفر قصف طائرات التحالف للمخيم المذكور عن استشهاد ما لا يقل عن 45 شخصاً بينهم نساء وأطفال واصابة 250 أخرين، بينهم أطفال يمنيين نازحين وأطفال لاجئين من القرن الأفريقي.

عين الإنسانية

 

في 25 أغسطس 2017 ، نفذ طيران التحالف مجزرة جديدة في حي فج عطان جنوب غرب العاصمة صنعاء أحد أكثر الأحياء المنكوبة في صنعاء الذي شهد طوال سنوات الحرب سلسلة من جرائم الحرب ضد الإنسانية المرتكبة من قبل طيران التحالف، حيث فقدت الطفلة بثينة محمد منصور الريمي (6 سنوات) في تلك الجريمة والديها وخالها “منير” و 5 أشقاء (آلاء, آية, برديس, رغد, عمار)، فأثارت صورة الطفلة بثينة وهي تغطي جروح وجهها وتحاول فتح عينها المصابة بيدها ردود أفعال غاضبة على المستوى المحلي والدولي وكانت خير شاهد على بشاعة الجرائم المرتكبة من قبل التحالف بحق أطفال اليمن.

لم تسعى الطفلة بثينة من محاولاتها فتح عينيها بيديها إلى رؤية النور والهرب من عتمة الظلام البهيم فقط بقدر ما كانت تلك المحاولات رسالة منها للعالم بأن يفتحوا في ضمائرهم عين الإنسانية لرؤية ما يعانيه أطفال اليمن، من جرائم بشعة لم يشهد العالم مثيلاً لها.

لم تكتفي السعودية ودول التحالف بجريمة إبادة أسرة الطفلة بثينة حيث لجأت في 25 سبتمبر 2017، إلى سيناريو اختطاف وتهريب بثينة إلى الرياض بعد أن لاقت قصتها اهتمام  وسائل إعلام دولية عربية واجنبية ومنظمات دولية عديدة.

النزوح إلى الدار الأخرة

 

الأطفال اليمنيين لم يسلموا من القتل أثناء محاولاتهم الفرار من جحيم المعارك، حيث قتل العشرات منهم  في الطرقات أثناء محاولتهم النزوح من جنوب محافظة الحديدة.

في 26 يونيو 2018، استهدفت طائرات التحالف في خط الجراحي زبيد جنوب الحديدة حافلة كانت تنقل النازحين، ما أسفر عن استشهاد 9 واصابة  11 أخرين معظمهم من الأطفال والنساء.

 

في 22 أغسطس 2018، قصفت طائرات التحالف منزلاً في مديرية الدريهمي جنوب محافظة الحديدة ما أسفر عن استشهاد 4 أطفال الأمر الذي دفع بالعديد من سكان المدينة للنزوح إلى مناطق أمنة وبعد يوم واحد من تلك الجريمة استهدف طيران التحالف سيارات أسر حاولت النزوح من قرية “الكوعي” بالمديرية المنكوبة، ما أسفر عن استشهاد 22 طفلاً و 4 نساء.

عزاء الأعياد

 

في العيد يلبس الاطفال في كافة دول العالم ملابسهم الجديدة إلا في اليمن حيث يكتسي أطفالها الكفن عوضاً عن ملابس العيد.

في 6 يونيو 2019، شاءت الأقدار أن تذهب الطفلة مريم عمير (عامين) إلى منزل جدها لقضاء أيام العيد هناك إلا أن طيران التحالف سارع إلى قصف المنزل ، ما أدى إلى استشهاد الأسرة بالكامل، ولم يتبقى إلا صراخ والدها “بأي ذنب قتلوك يا مريم”.

خذوا حقائبكم.. طلاب اليمن يُقتلون

 

الطلاب والمدارس كان لهم نصيب الأسد من الجرائم التي ارتكبتها طائرات التحالف بحق أطفال اليمن، حيث نستعرض في سياق هذا التقرير البعض من تلك الجرائم.

في 14 أغسطس 2016، أفادت منظمة أطباء بلا حدود أن 10 أطفال على الأقل قتلوا في اليمن وأصيب 28 طالب في غارات جوية شنها التحالف على مدرسة في منطقة حيدان بمحافظة صعدة.

 

طلاب مدرسة تحفيظ القرآن في حيدان صعدة

في 10 يناير 2017 قصفت طائرات التحالف مدرسة الفلاح الابتدائية بمديرية نهم شمال شرقي محافظة صنعاء، ما أسفر عن استشهاد 3 من الأطفال، بينهم فتاة تُدعى إشراق المعرفي ، كانت ملقاة على الأرض بإشلاء جسدها الممزق والزي المدرسي وقد استلقت حقيبتها المدرسية إلى جانبها ، كما أصيب في الغارة 4 أطفال آخرين.

الطفلة  اشراق المعافى

 

الفتاة إشراق حاولت الزحف بعد أن بترت الغارات قدميها باتجاه منزلها للاستنجاد بأسرتها، إلا أن الأقدار لم تحقق لها أمنيتها، بعد أن لفظت انفاسها الأخيرة جراء النزيف الحاد الناتج عن الجروح البليغة التي كانت تعاني منها، لتستقر جثة هامدة على قارعة الطريق.

لقد رسمت الصور التي التقطت لجثة الشهيدة إشراق الملاقاة على قارعة الطريق وإحدى قدميها مقطوعة بشكل كامل والأخرى معلقة بجلد ساقها الواقع المأسوي لأطفال اليمن وبشاعة مرتكبي الجرائم بحقهم دون رحمة وشفقة ودون رادع للمجرمين من قبل المجتمع الدولي.

في 9 أغسطس 2018 قصفت طائرات التحالف حافلة مدرسية في سوق مزدحم في مديرية ضحيان بمحافظة صعدة ، ما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 120 طفلاً.

 

صور طلاب حافلة ضحيان

وبحسب مراسل تلفزيون “إيرب”، فأن طلاب حافلة ضحيان كانوا يحملون حقائب وزعتها عليهم منظمة “اليونسيف” وصور أطفال وطلاب يمنيين استشهدوا في غارات التحالف، واحتجوا على صمت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في مواجهة جريمة قتل الأطفال، حيث لم يتوقعوا حينها أن احتجاجهم السلمي على قتل أطفال اليمن سيكون ثمنه استشهادهم.

 

حقائب ملطخة بالدماء وزعتها اليونسيف على الطلاب قبل قتلهم

 

 

في 4 إبريل 2019، لم يمهل التحالف طالبات مدرسة الراعي بمنطقة سعوان شمال شرق العاصمة صنعاء أن يجمعن أي شيء من مستلزماتهن المدرسية حيث أجبرتهن الغارات على التخلي عنها وتركها مرمية في الفصول وفي سلالم وفناء المدرسة وسط حالة ذعر كبيرة لدى الطالبات وثقتها العديد من مقاطع الفيديوهات.

 

 

 

الجريمة راح ضحيتها 13 شهيدة من طالبات المدرسة وكذا استشهاد الطفل ناصر على ناصر جحاف أحد نازحي كشر بمحافظة حجة ووحيد والديه، إلى جانب 83 جريحاً معظمهم من طالبات المدرسة.

 

 

الطلبة في العاصمة صنعاء تظاهروا امام مبنى الأمم المتحدة احتجاجاً على قتل التحالف لزملائهم في اليمن مطالبين من المجتمع الدولي عدم السكوت في وجه تلك الجرائم.

كما قدم الطلاب والطالبات خلال وقفتهم الاحتجاجية، حقائب ملطخة بدماء طلاب حافلة ضحيان المقدمة لهم من قبل الأمم المتحدة مكتوب عليها “خذوا حقائبكم”.

قد يعجبك ايضا