مخاوف الخبراء من أزمة غذاء عالمية تلوح في المستقبل القريب

تتوسع مخاوف الخبراء والأخصائيين بشأن حدوث أزمة غذاء عالمية، لا سيما بعد حدوث الحرب الأوكرانية والتي سببت بتفاقم الأوضاع بشكل كبير، وكان الحديث عن أزمة الغذاء وأسبابها وتبعات حدوثها ضمن المواضيع الأكثرتداولا على المنصات الرقمية وتناول أبرزالكتاب والصحفيين في العالم العربي الأزمة الغذائية كل حسب رؤيته.

وتحت عنوان “أزمة الغذاء في زمن الحروب والأوبئة” سلطت  الكاتبة السياسية المغربية “وفاء صندي” الأضواء على الأزمة التي تهدد مستقبل البشرية، وعلقت قائلة: أزمة الغذاء الراهنة هي ذات طبيعة مركبة، تتعلق في المقام الأول بنقص الإمدادات والمعروض من بعض السلع الغذائية الأساسية، خاصة الحبوب وزيت عباد الشمس، بسبب تعذر تصديرها نتيجة الحرب في منطقة البحر الأسود. كما أثرت العقوبات الغربية على روسيا في أسواق تلك السلع، بحيث تعتمد نحو50  دولة بقدركبيرعلى استيراد السلع من روسيا وأوكرانيا. وتتفاقم الأزمة بسبب ارتفاع أسعارتلك السلع والطاقة و الأسمدة، والتي يسهم البلدان بنسب كبيرة في تجارتها، وذلك بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين ذات الصلة. ويزيد من وطأءة الأزمة أنها تأتي عقب تداعيات اقتصادية واجتماعية بسبب جائحة كورونا وتغيرالمناخ.

وأضافت وفاء صندي، لمواجهة هذا الخطريتجه كثيرمن الدول نحوتخزين كميات كبيرة من الغذاء وفرض قيود على تصديره لتأمين احتياجاتها، بدلا من الاستفادة منه تجاريا، وهوما سيزيد من ارتفاع الأسعار. على الرغم من الجهود والمبادرات الدولية لتعزيزالشفافية وتوفيرالمعلومات المتعلقة بإنتاج وتخزين السلع الغذائية، إلا أنه يظل من الصعب توفيربيانات دقيقة ومتكاملة حول كميات المخزون الاستراتيجي للدول من السلع الغذائية الأساسية القابلة للتصدير، وذلك لعدة أسباب، من بينها صعوبة تقديركمية المخزون السلعي بحوزة القطاع الخاص، وما إذا كان سيتم استخدامه للاستهلاك المحلي أوللتصدير، فضلا عن وجود اعتبارات سياسية للدول المصدرة للغذاء تدفعها لعدم الكشف عما لديها من مخزون.

ورأت الكاتبة المغربية لتجاوزالأزمة الراهنة، هناك حاجة لزيادة تمويل عمليات البحث و التطويروالابتكارلزيادة الإنتاجية وتحديث البنية الأساسية الزراعية، وتطويرأنظمة انتاج الغذاء وزيادة مرونتها من خلال زيادة الاستثمارفي القطاع الزراعي ومجال البحث والتطويرلرفع الإنتاجية وكفاءة استغلال الموارد المتاحة بما يؤدي إلى زيادة معدلات الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الرئيسية في الدول وتخفيض معدلات الفقرفي المناطق الريفية، فضلا عن زيادة المساعدات الغذائية المقدمة لأغراض الإغاثة الإنسانية وإحلال السلام في مناطق النزاعات. كما أن  هناك حاجة أيضا لتغليب الأهداف الحيوية المشتركة على حساب المصالح الفردية للدول.

وأكدت وفاء صندي في نهاية مقالها على ضرورة تكاتف الجهود الدولية لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة الأزمة الراهنة، وزيادة حجم المساعدات والمنح المقدمة لها، وعدم فرض قيود تجارية على السلع الغذائية وتجنب المبالغة في شراء وتخزين السلع الغذائية تفاديا لحدوث زيادات غيرمبررة في الأسعار. إضافة إلى تطبيق المرونات الموجودة في اتفاق الزراعة في إطارمنظمة التجارة العالمية بما يسمح للدول النامية، خاصة المستورد الصافي للغذاء، بتقديم دعم لصغارالمزارعين يتجاوزالالتزامات الواردة في الاتفاق، وإيجاد حل نهائي لمشكلة برامج التخزين الحكومي لأغراض الأمن الغذائي.

إلى جانب ذلك أشارمصطفى عبدالسلام “الكاتب الصحفي المختص في الشؤون الاقتصادية”  العربي الجديد، إلى الإشارات التي صدرت خلال الأيام الماضية والتي تشي بأن العالم بات على موعد مع مجاعة لم تحدث منذ سنوات، وأن هذه المجاعة ستمتد لبعض الدول العربية ،وذلك على خلفية الارتفاع الحاد لأسعارالغذاء، والاضطرابات الكبيرة لسلاسل الإمدادات الزراعية والتوريد والشحنات، والاضطرابات في أسعارالسلع، وتعطل حركة الملاحة في بحرآزوف الذي يجري من خلاله تصديرجزء من القمح الروسي، الذي يغذي العديد من الأسواق العالمية بما فيها أسواق عربية كبرى مستهلكة للأغذية.

أيضا ذكرعبدالسلام بتحذيرأممي صدرمن برنامج الغذاء العالمي والتي تم التأكيد خلاله على أن الصراع في أوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى إرتفاع أسعارالمواد الغذائية، ماسيكون له تأثيرفادح على سكان الدول الفقيرة مثل اليمن والسودان والصومال و سورية وغيرها، وأن ذلك يعرض المزيد من الناس في جميع أنحاء العالم لخطرالمجاعة.

وعلق الكاتب أن العالم بات على موعد مع أزمة غذاء قد تفوق في حدتها ما حدث في العام 2008، وهوما يعيدنا للتذكيرمجددا بقضية الأمن الغذائي العربي وضرورة تأمين الغذاء من مصادرداخلية لا الاعتماد فقط على الاستيراد، في ظل توقعات بتكرارأزمات غذائية أخرى في المستقبل، واستنزاف نحو100 ملياردولاركلفة واردات الأغذية سنويا من قبل دول المنطقة.

بينما قال الكاتب والباحث الإماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوارالثقافات “سالم سالمين النعيمي” في مقاله بعنوان “أزمة الغذاء تحاصرالعالم” في صحيفة الاتحاد، قد يعتقد البعض أن الحرب في أوكرانيا هي أهم أسباب المخاوف المتزايدة من حدوث أزمة غذاء عالمية. لكن في حقيقة الأمرالأزمة كانت مثل كرة ثلج تكبركل يوم منذ أكثرمن عشرين عاما، مابين هجرة عكسية من الأرياف للمدن وتصاعد في مؤشرالآفات الزراعية، ومجاعات وجفاف وتآكل ونقص حاد في مساحة التربة الصالحة للزراعة ومياه الري والطاقة، وتنافس اقتصادي غيرمسبوق، وسلاسل توريد عالمية تختنق بسبب التحديات العديدة في أسواق العالم المختلفة، وزلازل اقتصادية تتبعها أزمات مالية طاحنة، وحروب ونزاعات وكوارث طبيعية وجائحة اجتاحت العالم، وتزايد سكاني متسارع والذي بحلول  2050سيعجزكوكب الأرض عن استيعابه بالموارد المتوفرة عليه. وحتى قبل أن تتدخل روسيا عسكريا في نطاق واسع داخل أوكرانيا، كان عام 2022 في طريقه ليكون أحد أكثرالسنوات ارتفاعا في أسعارالمواد الغذائية، وأكثرها نقصا في الغذاء والجوع الشديد في أجزلع اء كثيرة من العالم، ومع ما يجري في العالم يكاد يكون من المؤكد أنه لن يكون هناك ما يكفي من الغذاء لإطعام العالم هذا العام، وهناك إشارة واضحة لما يحتمل أن يأتي هذا الصيف، وذلك ليس لتأثرإنتاج أهم المحاصيل في العالم فقط، بل لأنه روسيا على سبيل المثال تعد واحدة من أكبرمنتجي الأسمدة في العالم، مما سيؤدي إلى إرتفاع أسعارجميع المحاصيل تقريبا في الأشهرالمقبلة.

وأخيرا كتب طلال القشقري “الكاتب السعودي” في “الغذاء والدواء إذا اندلعت الحرب العالمية” في صحيفة المدينة، أن العالم يمربمرحلة مفصلية، قد تكثرفيها الحروب الاقتصادية والعسكرية، وأن الاعتماد على النفس في صناعة الغذاء والدواء هوأمرمستحب لكل دولة، لتسارع الظروف العالمية بأسرع من الضوء، وتطويرالزراعة والصناعة كما ونوعا وعمالة بشرية وطنية شيء مطلوب ولاغنى عنه، فما يحك جلد الإنسان مثل ظفره، وما يغذيه مثل بره وبحره، وما يداويه مثل ما تصنعه يداه والإكتفاء المحلي من الغذاء والدواء والسيادة والاستقلال هي حاجة أساسية وليست كمالية، واللع عزوجل تكفل بإطعام عباده من جوع وتأمينهم من خوف، بعبادته وحده وحسن التوكل عليه.

يذكرأن التقريرالعالمي الذي أطلقته الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية، كشف عن إرتفاع مستمرفي عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة منقذة للحياة ودعم سبل العيش –وذلك بمعدل ينذربالخطر- وركزالتقريرعلى البلدان والأقاليم التي يتجاوزفيها حجم وشدة أزمة الغذاء الموارد والقدرات المحلية.

قد يعجبك ايضا