مؤتمر لـ”التعايش” بحيفا.. حرب على الوعي ومحاولة لإجهاض إنجازات “هبة الكرامة”
Share
تطلق جمعيات استيطانية ومجموعات ما يسمى “التعايش” يوم الخميس، مؤتمرًا تطبيعيًا في مدينة حيفا بالداخل الفلسطيني المحتل، وذلك بالتزامن مع الذكرى الأولى لهبة الكرامة التي اندلعت بمايو 2021 في الداخل المحتل.
ولم يكن محض صدفة بأن يتم اختيار توقيت المؤتمر تزامنًا مع إحياء أهل الداخل لهبة مايو التي جاءت تنديدًا بالعدوان على المسجد الأقصى وقطاع غزة وأهالي الشيخ جراح، واعتداءات المستوطنين على الممتلكات بالداخل.
وتهدف المجموعات القائمة على المؤتمر والتي يدعمها رأس الهرم السياسي الإسرائيلي، طمس إنجازات هبة الكرامة وحرف الهوية الفلسطينية وأبناء الداخل عن قضاياهم.
ويحيي أبناء الداخل الذكرى الأولى لهبة الكرامة التي كانت امتدادًا لمعركة “سيف القدس” التي أطلقتها المقاومة لصد العدوان الإسرائيلي على القطاع، وللدفاع عن المسجد الأقصى.
مؤتمر “التعايش” الذي تشهده حيفا اليوم تحت عنوان “مؤتمر حيفا للتضامن” سيعقد في متحف حيفا للفنون، جاء فيه أنه “بمناسبة حلول عام على ذكرى هبة الكرامة، لمناقشة فرص التضامن والتعايش في المدن المختلطة”.
ويلقى المؤتمر تنديدًا وغضبًا واسعيْن وسط أبناء الداخل عامة ومدينة حيفا المستهدفة منه خاصة، والتي كانت من أبرز المدن التي شاركت بهبة الكرامة، مؤكدين أنه محاولة لتغيير تاريخ أكبر المدن التاريخية بفلسطين.
ويشارك في المؤتمر جمعيات تدعم الاستيطان وترفض وجود التعايش أصلًا، ما يعكس “زيف فكرة التعايش” التي يقوم عليها، كما يؤكد ناشطون مناهضون للمؤتمر.
إجهاض للقضية
ويقول الناشط يوسف إبراهيم في حديث لوكالة “صفا”، “إن هذا المؤتمر يأتي لإجهاض القضية الفلسطينية خاصة بد هبة أيار، التي رأى السياسيون الإسرائيليون أن هناك حالة من الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني”.
ويضيف “هذا المؤتمر امتداد لمؤتمرات تحت بند التعايش سابقة، لكن اختيار توقيته بالتزامن مع ذكرى هبة الكرامة، يأتي من أجل تفكيك حالة الوحدة التي تخيف الإسرائيليين على المستوى السياسي والأمني”.
ويشارك في الدعوة للمؤتمر كل من “شراكة حيفا-بوسطن” و “دفيئة حيفا لدراسات الأديان” وهما مبادرتان تهتمان بالجانب الديني في المجتمع الإسرائيلي، وتدعمان وجود الاستيطان والمستوطنين في حيفا.
وفي هذا الشأن، يشدد إبراهيم على أن هذه الجمعيات وغيرها من الجهات الداعية للمؤتمر، تؤمن فقط بوجود اليهود حيفا خاصة والمدن المختلطة بالداخل عامة.
لكن دعوتهم للمؤتمر ومحاولة التغطية على أفكارهم، يأتي من باب “الحرب على الوعي بالدرجة الأولى”، وفق إبراهيم.
ويكمل الناشط الحيفاوي، “هم يحاولون بدعم من الهرم السياسي التوغل في المجتمع الفلسطيني عبر محاولة حرف الهوية خاصة في حيفا التي معروفة لديهم بأنها مدينة لليهود، لكنها صدمتهم بالتحامها مع غزة والشيخ جراح في هبة الكرامة”.
ومن المقرر أن يشهد الداخل أوسع مشاركة في إحياء ذكرى هبة الكرامة غدًا الجمعة في مدينة اللد، والتي كانت شرارة الهبة منها.
محاولة لمنع تكرارها
وشهدت حيفا احتجاجات واسعة خلال هبة الكرامة ومواجهات استمرت لأيام متواصلة، ولا تزال المدينة تشهد حملة ملاحقات واعتقالات منذ تلك الأحداث.
وحسب إبراهيم، فإن الدعوة للتعايش “الزائف” التي يحملها المؤتمر هي محاولة أيضًا لمنع تكرار مشاهد الهبة في حيفا، وكل هذا ضمن معركة الوعي لمحاولة إخماد صوت الشعب وتفكيك الوحدة الوطنية المستمرة حتى الأن.
ويرى أن ما شهدته حيفا أمس من احتجاجات واسعة تنديدًا بجريمة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، أزعج المؤسسة الإسرائيلية بكافة أذرعها، لأن الاحتلال يؤذيه الوحدة بين أبناء الشعب في الداخل والضفة والقدس وغزة.
“تطبيعي سيفشل بتشويهها“
من جانبها، تقول الناشطة الحيفاوية وعضو البلدية سهير بدارنة لوكالة “صفا” “إن هدف المؤتمر هو إظهار حيفا والمدن المختلطة وكأنها فيها تعايش بين اليهود والفلسطينيين، وهذا غير صحيح”.
وتصف المؤتمر بأنه “تطبيعي بالدرجة الأولى وأن الأفراد المشوهين فكريًا من الوسط العربي الذاهبين للمؤتمر مع تلك المبادرات الإسرائيلية، لا يعرفوا أصلًا إلى أن هم ذاهبون”.
وتؤكد بدارنة أن الأشخاص الداعين للمؤتمر معروفين لدى أبناء حيفا بأنهم مستوطنين ولا يؤمنون إلا بوجود الاستيطان، وهو ما جعل المؤتمر يلقى غضبًا ورفضًا واسعين وسط أبناء المدينة.
وتلفت إلى أن المشاركين فيه ليسوا من حيفا على الأغلب بل من خارجها، قائلة: “هذه المجموعات حاولت عبر تلك المؤتمرات طمس هوية مدينة يافا، ولما فشلت تحولت لحيفا”.
وتشدد بدارنة على أن 45 ألف فلسطيني بحيفا يرفضون ويقاطعون المؤتمر، وهو لا يمثلهم، ولن يجعلهم يتراجعون عن خطواتهم النضالية وتثبيت إنجازات هبة الكرامة التي يحييها أبناء الداخل اليوم.
وتجزم على أن المؤتمر “فاشل قبل أن يُعقد، خاصة وأنه لا يمثل أغلبية أهل حيفا ولا أبناءها ولا معتقداتهم، حتى لو شاركت فيها قلة قليلة لا تمثل إلا نفسها”.