وقد فاقمت الازمة الأوكرانية وضع الأمن الغذائي الذي كان مقلقا أصلا، في ظل سنوات من الصراع، والانكماش الاقتصادي الحاد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بصورة هائلة منذ عام 2020.
وأشار البرنامج إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في آذار/مارس بنسبة 24 في المائة في شهر واحد فقط، في أعقاب زيادة بنسبة 800 في المائة في العامين الماضيين.
وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2013.
وقال السيد ديفيد بيزلي إن وصف الوضع في سوريا بأنه مقلق هو أقل مما يحدث في الواقع، مشيرا إلى أن الحقيقة المؤلمة بالنسبة لملايين العائلات السورية هي أنها لا تعرف من أين ستأتي وجبتها التالية.
“يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن عدم اتخاذ إجراءات الآن سيؤدي حتما إلى مستقبل كارثي للسوريين. إنهم يستحقون دعمنا الفوري وغير المشروط “.
ارتفاع معدل التقزم وسط الأطفال
يواجه حوالي 12 مليون شخص في سوريا – أكثر من نصف السكان – انعداما حادا في الأمن الغذائي. وهذا يمثل زيادة بنسبة 51 في المائة عن عام 2019. وهناك 1.9 مليون شخص معرضون لخطر الانزلاق إلى براثن الجوع.
وقد أصبحت التغذية تمثل مشكلة خطيرة مع تحول الوجبات الأساسية إلى رفاهية بالنسبة للملايين.
تُظهر بيانات عام 2021 أن واحدا من كل ثمانية أطفال في سوريا يعاني من التقزم، بينما تظهر الأمهات الحوامل والمرضعات مستويات قياسية من الهزال الحاد.
تشير كلتا الحقيقتين إلى عواقب صحية مدمرة بالنسبة للأجيال القادمة.
تحذير من تقليص المساعدات
وقد استنفدت العائلات السورية- التي ابتليت بالأزمات المستمرة لأكثر من عقد من الزمان- قدرتها على التكيف.
كملاذ أخير، يتجه الناس إلى تدابير متطرفة، مثل عمالة الأطفال، والزواج المبكر والقسري، وإبعاد الأطفال من المدرسة.
وفي الوقت نفسه، تتعرض موارد برنامج الأغذية العالمي لضغوط أكثر من أي وقت مضى، ولا يواكب التمويل الاحتياجات الهائلة للناس في جميع أنحاء البلاد. بمرور الوقت، اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى تقليص حجم الحصص الغذائية الشهرية تدريجيا في جميع أنحاء البلاد.
دعوة إلى المانحين
تم تمويل برنامج الأغذية العالمي بنسبة 27 في المائة حتى تشرين الأول/أكتوبر، مع عجز قدره 595 مليون دولار. هناك حاجة ماسة إلى تمويل إضافي لمواصلة مساعدة ملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد.
وحذر البرنامج من أنه قد يضطر إلى إجراء تخفيضات كبيرة إضافية في الأشهر المقبلة، في حال عدم الحصول على تمويل جديد.
وأكد السيد ديفيد بيزلي أنه “في عام شهد احتياجات غير مسبوقة، يتطلب التأثير المركب للحرب في أوكرانيا أن تدخل المانحين لمساعدتنا على تجنب تقليل الحصص الغذائية أو تقليل عدد الأشخاص الذين نساعدهم“.
وذكر البرنامج أن الدعم المقدم من الجهات المانحة أتاح مساعدة ملايين السوريين الضعفاء في الحصول على الغذاء الذي يحتاجون إليه بشدة.
ويوزع برنامج الأغذية العالمي المواد الغذائية المنقذة للحياة، شهريا، على 5.6 مليون شخص؛ ويضخ حوالي 3 ملايين دولار في الاقتصاد المحلي من خلال التحويلات النقدية؛ ويقدم ألواح التمر المقواة والوجبات الطازجة و / أو قسائم الطعام لأطفال المدارس؛ ويقدم الدعم الغذائي للنساء اللواتي أنجبن حديثا أو اللواتي سيضعن مواليد قريبا.
وقالت إحدى الأمهات في مدينة حماة غربي سوريا:
“لو علمت أن حياتي ستنتهي على هذا النحو، لما أنجبت أطفالي. كنت سأجنبهم هذه المعاناة“.