بايدن يدين الفظائع الروسية في أوكرانيا بينما يدعم الحرب السعودية الإماراتية على اليمن

في الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على السعودية لزيادة إنتاج النفط لتعويض ارتفاع أسعار الطاقة العالمية وسط العقوبات المفروضة على روسيا، أعلنت المملكة يوم السبت أنها أعدمت 81 شخصاً, وهي أكبر عملية إعدام جماعي في البلد منذ عقود.

 

تقول سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية في العالم العربي، إن الانتقاد الخافت للانتهاكات السعودية يكشف عن ازدواجية المعايير عندما يتعلق الأمر بكيفية تعامل الدول الغربية مع النظام الملكي المطلق، الذي يشن هجوماً وحشياً على اليمن المجاور منذ سبع سنوات بدعم من الولايات المتحدة.

 

إذا كانت الولايات المتحدة تريد من العالم أن يعارض الحرب الروسية الوحشية في أوكرانيا، فعليها أن تتوقف عن دعم الحرب في اليمن، كما أن التغطية المتباينة للحروب في أوكرانيا واليمن تشير إلى “العنصرية المتأصلة” في الغرب ووسائل الإعلام التابعة له.

 

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون زار المملكة العربية السعودية والإمارات لإجراء محادثات حول أمن الطاقة، حتى في الوقت الذي أثار فيه النقاد مخاوف بشأن سجلات حقوق الإنسان في البلدين.

 

يأتي ذلك في الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون الأمريكيون أيضاً إلى المسؤولين السعوديين بشأن زيارة الرئيس بايدن إلى المملكة لمناقشة إمدادات النفط العالمية، بينما ترفض الولايات المتحدة إدانة السعودية بشكل مباشر لإعدامها 81 رجلاً, وهو أكبر إعدام جماعي على الإطلاق.

 

تأتي جهود التفاوض مع السعوديين لزيادة انتاج النفط بسبب العقوبات على النفط الروسي حيث يشعر الكثير في العالم بالرعب من الفظائع في حرب أوكرانيا.

 

تشير اليونيسف إلى أن حرب أوكرانيا تخلق طفلاً لاجئاً كل ثانية تقريباً في أوكرانيا, وفي الوقت نفسه، لا نسمع سوى القليل عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم التي تعيشها اليمن، والتي مضى عليها الآن سبع سنوات من الحرب والحصار بقيادة السعودية، بدعم من مبيعات الأسلحة والمساعدة الفنية من الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك المملكة المتحدة.

 

تحذر الأمم المتحدة من أن حالات الجوع الحادة في اليمن وصلت إلى مستوى غير مسبوق، مع احتمال تعرض أكثر من 160 ألف شخص للمجاعة في العام المقبل.

 

يحتاج أكثر من 17 مليون شخص في اليمن إلى مساعدات غذائية، مع ارتفاع مستويات سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة.

 

– كيف يمكن أن تستمر الولايات المتحدة في دعم الحرب التي تقودها السعودية والحصار المفروض على اليمن؟

 

سارة ليا ويتسن: إنه أمر محير للعقل, من المحير أن محمد بن سلمان قال بالفعل إنه لن يزيد إنتاج النفط ما لم تزيد الولايات المتحدة من دعمها للحرب في اليمن.

 

بالمعنى الاصح فإن إدارة بايدن تفاوض من أجل تقديم المزيد لإنقاذ أطفال أوكرانيا من خلال ذبح المزيد من الأطفال في اليمن، هذه هي الصيغة.

 

وهذا هو السبب في أنه مجرد, إنه أمر مثير للقلق للغاية رؤية الوزير بلينكين والرئيس بايدن يتهافتان على شجب الفظائع الروسية في أوكرانيا بينما يدعمان فظائع مماثلة جداً، إن لم تكن أسوأ – بالتأكيد حتى الآن هي الأسوأ – من قبل السعودية والإمارات في اليمن.

 

علينا أن نكون واضحين للغاية, إن السعودية والإمارات تجوعان الشعب اليمني بفرض حصار جوي وبري وبحري لمدة سبع سنوات أدى إلى عجز قدرة البلد على استيراد الغذاء والدواء والوقود.

 

اليمن بلد يستورد أكثر من 90٪ من طعامه, بالطبع الناس يتضورون جوعاً عندما تفرض السعودية والإمارات حصاراً شاملاً على البلد, بالطبع الناس يتضورون جوعا عندما تستمر العقوبات, لم يتم رفعه بالكامل.

 

أعادت الولايات المتحدة للتو إقرار فرض حظر كامل على توريد الأسلحة للحوثيين، مما سيزيد من إضعاف قدرة البلد على استيراد حتى المنتجات المشروعة مثل واردات الوقود والأغذية والأدوية.

 

ما فعلته إدارة بايدن الآن هو ما رفضت حتى إدارة ترامب القيام به، وهو إعادة الانخراط كطرف في الصراع، ووضع القوات الأمريكية على المحك كجزء من الجهود القتالية، كجزء من الحرب، مما يجعلها عسكرية شرعية.

 

في الإمارات، حيث شاركت القوات الأمريكية من القاعدة العسكرية بفاعلية في إطلاق صواريخ باتريوت ضد الحوثيين في اليمن، ظاهرياً للدفاع عن الإمارات من صواريخ الحوثيين القادمة, لكن في الحقيقة، فإن أفضل طريقة تحمي بها الإمارات نفسها هي التوقف عن دعم القوات التي تعمل بالوكالة، والتوقف عن تسليح وتمويل القوات بالوكالة في اليمن، وهو الأمر الذي تزايد بشكل كبير في بداية هذا العام، وإنهاء حصارها لليمن, الشيء نفسه ينطبق على السعودية, هذه الحرب لن تؤدي إلا الى طريق مسدود.

 

أفضل خبر سمعته هذا الصباح: ورد أن السعوديين دعوا ممثلين عن الحوثيين لإجراء محادثات في الرياض.

 

لا أعرف ما إذا كان الحوثيون سيثقون في هذا العرض, كانت هناك عروض سابقة مثل هذه, لكن العالم كله يعرف أن السعوديين والإماراتيين لن ينتصروا في هذه الحرب.

 

لقد مرت سبع سنوات, ظنوا أن الأمر سيستغرق أسابيع, يالها من مزحة, لقد قضوا على هذا البلد.

 

إذا كانت الولايات المتحدة تتوقع من العالم بأسره، الذي لم ينسجم مع روسيا، أن يعاقب روسيا، وأن يشتري ما تبيعه من حيث الدفاع عن أوكرانيا، فعليها أن تتوقف عن دعم الحرب في اليمن، لأن العالم يرى ذلك.

 

يرى العالم أنه عندما تتحدث الولايات المتحدة عن السيادة والعنف وليس محاولة انتزاع التنازلات بالقوة، يجب أن تتبع، وتتحدث عن قضية اليمن، وليس فقط إخبار العالم بما يجب فعله في أوكرانيا، لأن العالم ليس كذلك, هذا هو السبب في عدم وجود المزيد من الدعم للحرب ضد روسيا في أوكرانيا.

 

– كما تعلم، ربما يكون هذا هو المكان الذي أخطأت فيه، عندما تقول إن العالم يرى. أعتقد أن العالم لا يرى الطريقة التي تجري بها الأمور في أوكرانيا الآن, أريد قراءة تغريدة من “CodePink” تتسأل, لماذا يوجد مثل هذا التفاوت بين تغطية الحرب على أوكرانيا مقابل الحرب على اليمن؟ تكشف تغطية اليمن عن تواطؤ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في خلق الأزمة الإنسانية, تغطية أوكرانيا تجعل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاءهما “منقذين للديمقراطية”, لذا، فلنتحدث عن هذا الاختلاف, أعني، لديك على سبيل المثال مذيعو قناة السي ان ان، وهذا ليس خطأ. ربما ينبغي أن يكون نموذجاً لتغطية الحرب في العديد من المدن المختلفة، في أوكرانيا، لذلك ترى الآثار الحقيقية لما تبدو عليه الحرب، وتشعر بها، ورائحتها، وتدمير المستشفيات، وقصف المدارس، ويشعر الناس بشكل عميق. هل يمكنك أن تتخيل لو كان لديك هؤلاء المذيعون أنفسهم في صنعاء وعدن وفي أماكن أخرى في اليمن كل يوم لتشعر بهذه الكارثة الإنسانية، الأسوأ في العالم؟ هل يمكنك التحدث عن ذلك، النقص الفعلي في تغطية ما يحدث على الأرض في اليمن، وبالتالي لا يستجيب العالم، أليس كذلك؟ كما يقول نعوم تشومسكي، تصنع وسائل الإعلام الموافقة على الحرب، وتتيح للناس معرفة ما يحدث حتى يتمكنوا من الرد.

 

سارة ليا ويتسن: هناك ثلاثة عناصر لهذا, الأول هو عدم وجود تغطية ليس من قبيل الصدفة. إنه حسب التصميم, بذلت السعودية والإمارات كل ما في وسعهما لمنع وسائل الإعلام الدولية، ومنع المحققين الدوليين في مجال حقوق الإنسان، بمن فيهم أنا، من السفر إلى اليمن.

 

عندما بدأت الحرب، كنا – عندما كنت في هيومن رايتس ووتش على الأرض في اليمن, تمكنا من السفر إلى اليمن لتوثيق ما كان يحدث، لتوثيق الدمار، ومقابلة الضحايا, جعل السعوديون ذلك الأمر أكثر صعوبة، بما في ذلك الحظر، والحظر القسري، من خلال التهديد بسحب الأموال من طائرات الأمم المتحدة التي كانت لا تزال تسافر إلى اليمن وتستقبل المنظمات الإنسانية.

 

لذا، فإن السعوديين يفهمون قوة الإعلام, إنهم يفهمون قوة التغطية التي وصفتها, وهذا هو السبب في أنهم فعلوا كل ما في وسعهم لجعل ذلك مستحيلاً.

 

من الصعب جداً على وسائل الإعلام الدولية الاقتراب من القتال في اليمن, لا يزال من الممكن الوصول إلى عدن، ولكن عليك أن تستقل قارباً من جيبوتي للوصول إلى هناك.

 

كاد يكون من المستحيل الطيران إلى البلد, لذا، فإن القيود المفروضة على دخول وسائل الإعلام الدولية هائلة، مقابل أوكرانيا بالطبع، حيث يمكن لأي شخص الدخول بحرية لتوثيق ما يحدث.

 

والثاني هو مجرد عامل الوقت, الإعلام يقفز من أزمة إلى أخرى, أزمة أوكرانيا جديدة وأزمة اليمن قديمة.

 

لقد مرت سبع سنوات, وقد رأينا، مراراً وتكراراً، كيف تفقد وسائل الإعلام الاهتمام وعليها الانتقال إلى الشيء التالي, لذلك هناك مشكلة في مدى الانتباه.

 

وأخيراً، هناك العنصرية المتأصلة التي نراها والتي رأيناها على مثل هذا العرض البشع من قبل وسائل الإعلام الغربية، نتحدث عن الأوكرانيين ذوي العيون الزرقاء والشعر الأشقر الذين يختلفون إلى حد ما, وضعهم كلاجئين مختلف, معاناتهم مختلفة, إنهم شعب متحضر, إنهم شعب أوروبي.

 

وبالتالي، هناك تحيز متأصل في وسائل الإعلام الغربية، على وجه الخصوص، الذين هم الجزء الأكبر من الموجودين في أوكرانيا، للتعاطف معهم، والشعور بالشفقة والمعاناة تجاه الأوكرانيين تحت القصف، ولكن ليس نفس المعاناة، وليس نفس الألم بالنسبة للأوكرانيين.

 

اليمنيون تحت القصف ويموتون من الجوع حرفيا, وأعتقد أن هذه لحظة جيدة لكل شخص في وسائل الإعلام للتحقق من تحيزاتهم، والتفكير حقاً في سبب ذلك وما يمكنهم فعله لإصلاحه.

 

آمل أن تستغل وسائل الإعلام الدولية ذلك كفرصة لمضاعفة جهودها للسفر إلى اليمن ورؤية الأمر بنفسها.

 

عندما ظهروا، كما فعلت بي بي سي العام الماضي في بعض اللقطات المذهلة والتغطية الرائعة، فقد أحدثت فرقاً.

 

أنا أفكر وأتمنى حقاً أن تبذل وسائل الإعلام الدولية جزءاً بسيطاً من الجهد الذي يبذله الآن لتغطية حرب أوكرانيا للدخول إلى اليمن، لتظهر للعالم ما يحدث.

 

هذه لحظة جيدة لاستخلاص المقارنات والتوازنات القوية بين ما يحدث في اليمن وما يحدث في أوكرانيا.

 

– أخيراً، أردت أن أسألك عن الكونغرس وماذا يفعل بشأن اليمن الآن، لأن هذا ليس مجرد هجوم بقيادة السعودية والإمارات على اليمن, يتم إمدادها عسكرياً وتساعدها الولايات المتحدة في تمويلها, هل يمكنك التحدث عما يحدث في الكونجرس؟

 

سارة ليا ويتسن: بالتأكيد, في ظل إدارة ترامب، صوت الكونجرس الأمريكي، في عرض رائع للدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ثلاث مرات لحظر دعم الولايات المتحدة للحرب في اليمن وحظر مبيعات الأسلحة إلى السعودية، في ظل إدارة بايدن، وافقوا على بيع الأسلحة إلى السعودية للحرب، مستخدمين الذريعة التي وصفوها بأنها أسلحة دفاعية, إنه أمر مخيب للآمال للغاية، إن لم يكن مثيراً للاشمئزاز، أنه حتى أعضاء الكونجرس، مثل كريس مورفي، الذين كانوا صريحين جداً في إدانة الحرب في اليمن وصريحين جداً في إدانة مبيعات الأسلحة، وحتى أنهم تعهدوا بأنه لن يدعموا مبيعات الأسلحة, لقد قاموا بالتصويت لصالح دعم مبيعات الأسلحة التي طرحتها إدارة بايدن.

 

أعتقد، لسوء الحظ، أنه يكشف الكثير عن تضارب المصالح داخل حكومة الولايات المتحدة التي تدين بالفضل لأرباح صناعة الدفاع وصناعة الاسلحة والتوظيف في الصناعة الدفاعية، قبل وبعد – فهم جزء من الحكومة- ولكن مثل وكذلك فكرة أنه يجب علينا الاستمرار في إقناع السعوديين بالرضوخ لصفقة أسلحة جديدة مع إيران، أو الآن لزيادة إنتاج النفط، من خلال فعل ما يريدون والتضحية باليمن والشعب اليمني إذا كان علينا ذلك.

 

هناك جهود لتقديم قرار جديد بشأن سلطات الحرب، بقيادة النائب رو خانا واخرين، والذي من شأنه أن يعيد تقديم القتال الأمريكي المتجدد في حرب اليمن إلى قرار قوى الحرب في الكونغرس وموافقة سلطات الحرب, لكنني لست واثقاً تماماً من أن ذلك سيمر.

 

– هل يمكنك أن تشرح بالضبط ما هو دور الولايات المتحدة في الهجوم وتدمير اليمن؟

 

سارة ليا ويتسون: بالتأكيد، إنها متعددة الجوانب, رقم واحد، بالطبع، هو توفير الأسلحة الأمريكية, وهي جل الأسلحة التي تشتريها السعودية والإمارات، وهي الأسلحة التي تنزل على رؤوس الأطفال, والنساء, والمنازل والمزارع، والمدارس والجامعات اليمنية.

 

هكذا يتم تدمير هذا البلد بالأسلحة الأمريكية, بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك سنوات من ما يسمى بالدعم الاستخباري – يجب أن أقول الدعم الغبي – في مساعدة السعودية المفترضة في تنفيذ عمليات الاستهداف والتدمير والقصف، والتي كانت بالطبع عشوائية إلى حد بعيد، لأن السعوديين يصرون على تحليق طائراتهم, عالية جداً، لتجنب إطلاق النار عليهم من مضادات الطيران، بحيث لا يمكنهم استهداف أي شيء بأي نوع من الدقة.

 

والآن لدينا الاشتباك المباشر للقوات الأمريكية، كما أشرت، في الإمارات لدعم القوات الإماراتية في صد الهجمات الحوثية بالطائرات بدون طيار والصواريخ البالستية عبر اطلاقها صواريخ الباتريوت.

 

لذا فإن الولايات المتحدة طرف مباشر في هذا الصراع مرة أخرى، وقواتها معرضة للخطر في الإمارات كأطراف في الحرب ومن اللافت لي أن الرئيس بايدن سيعرض الأمريكيين بهذه الطريقة للخطر.

 

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من موقع ” Democracy Now” الأمريكي لمقابلة اجرتها إيمي جودمان مع  سارة ليا ويتسن – المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية في العالم العربي

 

ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”

قد يعجبك ايضا