اليمن .. وإعادة صياغة التطور الإنساني
الانحطاط القيمي والأخلاقي والإنساني الذي وصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية واتباعها وأدواتها وصل إلى درجة غير مسبوقة مما يشير إلى أن العالم إذا استمر على هذا الحال فإن البشرية تفقد الغاية من وجودها على كوكبنا.
لهذا كان لابد من وجود من يتصدى لهذا السقوط وإعادة التوازن لعالمنا الذي جعلت أمريكا من التطور العلمي والمعرفي والتكنولوجي أداة للدمار والخراب والفوضى والصراعات لتحقيق هدف واحد وهو الهيمنة والسيطرة وتنميط الناس على وجه الأرض بنمط واحد وبعداً واحدا يسقطه إلى ما هو أبعد من الطبيعة الحيوانية المتوحشة.
في هذا السياق شكل العدوان الذي تشنه أمريكا وحلفائها وأدواتها على الشعب اليمني نموذجاً في القرن الحادي والعشرين للانحدار الأمريكي الذي يقود النظام الرأسمالي والذي يطلق عليه صيغة اصطلاحية شاملة الليبرالي.
عندما شن الحرب على الشعب اليمني كانت أمريكا تعي أنه أصبح جاهزاً لأخذه إلى حيثما تريد في إطار مشروعها الشامل للمنطقة العربية ولإنها واتباعها لا يقرأون ولا يفهمون سوى نزعاتهم ونزواتهم ونهمهم للربح وسفك الدماء ولم يدركوا أن الشعوب الحضارية التاريخية لا تهزم وأن الأنظمة والدول التي نشأت من خليط من الثقافات مهما بلغت قوتها ستهزم .
وحتى إذا نجحت الحروب العسكرية في قهر أمة حضارية ما فإنها تنتصر عليه بحضارتها وثقافتها والأمثلة كثيرة من الصين إلى الهند إلى مصر واليمن .
لقد خرج الشعب اليمني في مدن ومناطق وأرياف المحافظات الحرة يؤكد استمراره في مواجهة هذا العدوان المهزوم عسكرياً وأخلاقيا وسياسياً وإعلامياً والمزيد من التحشيد في مواجهة الإجرام الأمريكي البريطاني السعودي الصهيوني الذي باتت أهدافه واضحة ولم نعد نحتاج لفهم أن ما يسعى إليه ويعمل من أجله هو تقسيم اليمن والسيطرة على موقعه ومناطق ثرواته وقبل أن يزول هذا النظام يريد أن يمتص ما في باطن الأرض من نفط وغاز ومعادن حتى آخر قطرة وآخر ذرة.
النظام الرأسمالي الذي أسسته بكل خبثه وإجرامه ودمويته بريطانيا وورثته لمستعمرتها القديمة أمريكا يعتقد أصحابه أنه خالد لا يموت ولكن هذا وهم وغياب للإيمان بالله وبأن التاريخ له قوانينه ووظيفة الانسان على الأرض ليس سفك الدماء والنهب وظلمه لأخيه الإنسان بل لإعمار الأرض وعندما تصل الدول والإمبراطوريات إلى التوحش تكون نهايتها قد حانت وهذا ما هو حاصل اليوم لإمبراطورية الشيطان أمريكا وما يحدث في أوكريينا إلا بداية لنهاية نظام عالمي استنفذ أسباب وجوده وانبلاج مسار جديد للبشرية التي ستستمر في صراعاتها لكن دون أن تتخلى عن وظيفتها وهي عمار الأرض في سياقها التطوري حتى يرثها الله ومن عليها.