الرسالة التي يريد الشعب اليمني تسليمها لسفيرة النوايا الحسنة

على الرغم من زحمة المواضيع السياسية وكثرتها على مستوى العالم، خاصة الأحداث الساخنة التي يحبس العالم فيها الأنفاس خشية اندلاع حرب كونية مدمرة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وأيضاً اشتداد وطأة المعاناة التي تشهدها اليمن في كافة الأصعدة خاصة في ظل انعدام المشتقات النفطية، يترقب الشعب اليمني اليوم، بلهفة شديدة زيارة سفيرة النوايا الحسنة إنجيلينا جولي لليمن، والتي لن تقدم ولن تأخر شيئاً في رفع معاناة ومظلومية الشعب اليمني، إلا أنها فقط ستعطي صورة للعالم بأن اليمن وشعبه قطعت أوصاله بفعل النفاق الدولي، والنوايا الشيطانية للدول الاستعمارية الحديثة وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني.

صور تفضح نفاق عالمي

طفل يمني يعاني من سوء التغذية

 

تتجه أنظار العالم الآن إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية في القارة العجوز، وفي ذات السياق يشاهد الشعب اليمني صوراً تتناقلها وسائل الإعلام الدولية عن منح اللاجئين الأوكرانيين مزايا تفوق الخيال، فيما يتعلق بحق اللجوء والمأوى وكذا فتح دول أوروبا أبوابها على مصراعيها امام الشعب الأوكراني، فيما تغاطت أنظار العالم عن كارثة إغلاق التحالف لكافة المنافذ البرية والبحرية والجوية في وجه الشعب اليمني وحرمتهم من الغذاء والدواء وحليب الأطفال والوقود  وحرمتهم حتى من السفر للعلاج في الخارج.

ففي الوقت الذي نرى خطابات قادة العالم تتحدث عن حقوق شعب أوكرانيا من ذوي العيون الزرقاء نجد صور النساء والأطفال وكبار السن وهم يشرعون في رحلات لا تنتهي أبدًا ليس للوصول إلى مناطق أكثر أمانًا، بل للوصول في ظروف صحية وأمنية سيئة للغاية، إلى أماكن لجلب الماء من السدود والبرك الغير صحية، وهي حقيقة يعاني منها غالبية الشعب اليمني يوميًا.

 

 

انتشرت مؤخراً الصورة الأكثر إثارة للقلق لأطفال اليمن والتي أظهرت عدد من الأشقاء في محافظة صعدة يعانون من طفح جلدي تسبب في تشوهات كبيرة في الوجه بسبب انتشار الخلايا السرطانية جراء أصابتهم بمواد مشعة ناتجة عن القذائف والأسلحة الغير التقليدية التي اطلقتها طائرات قوات التحالف أثناء استهداف الأحياء والمساكن بالمحافظة المنكوبة.

شعب تحت الرماد والجوع

 

طوال 8 سنوات من الحرب والحصار وعقود من المجاعة والجفاف والفقر، لا يزال اليمنيون يتمسكون بقشة النجاة من الأهوال التي خلفتها الحرب والحصار وجعلت من ملايين اليمنيين خاصة الأطفال والنساء وكبار السن في حاجة ماسة إلى المساعدة اليومية، جراء تزايد النقص الحاد وبشكل مستمر للضروريات الأساسية لاستمرار الحياة، ناهيك عن جرائم الحرب التي ترتكبها دول التحالف بحق المدنيين في اليمن بشكل يومي.

وعلى الرغم من خطورة الوضع الكارثي في اليمن، لا يبدو أن استجابة الضمير الإنساني والرحمة الإنسانية في اليمن يمثل أولوية بالنسبة لقادة العالم، من خلال تجاهلهم التداعيات الكارثية الإنسانية في اليمن، والتي عرت مزاعم الحقوق والمبادئ الإنسانية الدولية، التي تهيمن عليها قوى استعمارية خاصة في ظل عدم التدخل الفوري من المنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي ليس في منع مقتل المزيد من المدنيين اليمنيين الأبرياء ودعم احترام المعتدين لحقوق الإنسان العالمية فقط بل حتى في شرعنة الحرب وقتل الكثير من شعب أعزل ومسالم.

يتعرض آلاف اليمنيين الأبرياء ، الذين سحقتهم طموحات سياسية عمياء أخلاقيا ، للقتل والإبادة والتجويع والتشرد وانتشار الأمراض والأوبئة، وجرائم حرب وانتهاكات ترتكب يومياً بلا هوادة ضد شعب بأكمله أصبح يعيش بشكل فعلي في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في قرننا.

وبغض النظر عن عواقب الحرب على الأرواح البشرية ، فإن العمليات العسكرية تنشر الموت وسفك الدماء بين المدنيين، في بلد كانت تمزقه الصراعات السياسية والعسكرية حيث كانت المجاعة ونقص المياه والفقر المدقع هي السائدة لسنوات في اليمن منذ عقود من الزمن، فإن دول التحالف حاصرت المدنيين داخل مدنهم وقراهم، مما تسبب في ما يمكن تحديده الآن كارثة إنسانية فاقت كل كوارث البشرية على مدار قرن كامل وهو ما أكدته التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وإنسانية دولية.

رسالة يمنية

الشعب اليمني يريد من خلال زيارة نجمة السينما الأمريكية والعالمية ومبعوثة النوايا الحسنة “إنجلينا جولي” أن يوصل رسالة للعالم المنافق، أن ما تقدمه المنظمة الأممية من فتات المساعدات ليست صدقة منها، بقدر ماهي مسؤولية إخلافيه وإنسانية لكائنات بشرية كانت ضحية العالم المنافق لقوة المال والسلاح، والصراعات الجيوسياسية العالمية.

 الرسالة التي يريد اليمنيين أرسالها للعالم عبر سفيرتهم الأممية، هي التناقض بين الأهمية المنسوبة إلى الحالات الإنسانية في قضايا وكوارث ومصائب شعوب معينة، وتجاهل مواقف أخرى أكبر من تلك القضية خاصة أن المنظمة الأممية صنفت اليمن أكبر كارثة إنسانية في العالم خلال قرن كامل.

هناك فروق نسبية بين قضيتي اليمن وأوكرانيا، كلاهما ضحيتان أبرياء للحرب ، إلا أن معاناة اليمنيين أكبر جراء حرمانهم من أبسط مقومات عيش الحياة التي يستحقها كل البشر.

اليمنيين يريدون إيصال رسالتهم إلى قادة وحكام العالم، تطالبهم فيها تنفيذ القيم المعتمدة دوليًا التي أرسلتها القوانين والاتفاقيات الدولية والإنسانية، وبأنه حان الوقت للتوقف عن النفاق وعدم تطبيق المعايير المزدوجة التي تتعارض مع جوهر حقوق البشر في الحياة الكريمة والأمنة.

قد يعجبك ايضا