الشعب اليمني يموت لتجني أمريكا الأرباح من صادرات السلاح
يكشف تقرير – نُشر قبل أشهر – أن ثلاثة أرباع مشتريات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من السلاح تأتي من أمريكا وحلفائها الغربيين: بريطانيا- فرنسا- ألمانيا، ويقول مسؤولون غربيون إن تلك المبيعات أهدافها الربح، ويؤكد خبراء وحقوقيون أنها السبب في إشعال الحروب وفي انتهاكات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط.
وشكلت صادرات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية والإمارات أكثر من 80% من السلاح الذي استوردته الدولتان لاستخدامه في الحرب على اليمن ، حسب تقرير نُشر مؤخراً لـ”مركز السياسة الدولية” (CIP)، الذي يقع مقره في واشنطن.
تقرير/ محمد الروحاني
تعتبر أمريكا والدول الغربية صادرات الأسلحة مكوّناً رئيسياً لاقتصاداتها، وهي السبب في الانتهاكات والجرائم التي تضرب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، أما في اليمن يقول خبراء “لولا الدعم الأمريكي بالسلاح لما استمرت الحرب على الشعب اليمني لما يقارب سبعة أعوام”.
الأسلحة الخفيفة وغيرها من الأسلحة الأمريكية والغربية كان لها دور في إدامة العدوان على اليمن ، لكن أنظمة السلاح الكبيرة لعبت دوراً تدميرياً شاملاً في اليمن ، فقد تسبب القصف الجوي والمدفعية طويلة المدى في موت أكثر من خمسين ألفاً من المدنيين بشكل مباشر ، وبشكل غير مباشر في وفاة ما يزيد عن الرقم المتداول بسبب الأوضاع التي سببها قصف البنى التحتية وساهمت مبيعات الأسلحة البريطانية والأمريكية من طائرات مقاتلة وقنابل وعربات مدرعة لكل من السعودية والإمارات في استمرار العدوان على اليمن، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 ألف مدني، حسب هيومن رايتس ووتش.
يسلط تقرير “مركز السياسة الدولية” (CIP) الضوء على مدى اعتماد الدول الرئيسية المصدرة للسلاح في الغرب، على سوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، ثلاثة من أكبر خمسة دول غربية مزودة للسلاح في المنطقة، وهي: أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، تصدر أكثر من نصف مبيعاتها من السلاح “للسعودية والإمارات” والنصف الباقي لدول العالم الأخرى.
توفير الأرباح على حساب حياة ملايين اليمنيين
تواصل الولايات المتحدة الأمريكية الاستثمار في دماء اليمنيين من خلال صفقات الأسلحة التي تزود بها دول العدوان ما يؤكد ثبات سياستها الإجرامية تجاه اليمن والتي لن تتغير بتغير الإدارات في البيت الأبيض .
محاولات عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي الضغط على إدارة بايدن بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية لم تفلح بعد رفض مجلس الشيوخ الأمريكي منتصف الأسبوع الماضي مشروع قرار كان يستهدف منع بيع صواريخ متقدمة جو-جو متوسطة المدى، وقاذفات صواريخ، وأسلحة أخرى للسعودية بقيمة 650 مليون دولار، حيث جاء رفض مشروع القرار بأغلبية 67 صوتاً مقابل 30 صوتاً .
تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على استمرار تزويد السعودية بالأسلحة يناقض مواقفها وادعاءاتها بالسعي مع الأمم المتحدة لإحلال السلام في اليمن؛ كون استمرار تدفق الأسلحة إلى الرياض يعني استمرار العدوان على اليمن وقتل المزيد من اليمنيين .
دعم مفتوح لدول العدوان
خلال الأيام الماضية سقط العشرات من الشهداء والجرحى المدنيين نتيجة التصعيد الأخير لدول العدوان واستهداف المناطق الآهلة بالسكان في العاصمة صنعاء والمحافظات ، ورغم ما شاهده العالم من مجازر إلا أن الأمريكيين غضوا الطرف عن هذه المجازر ، ولم يصدروا بياناً واحداً يدينها، في الوقت الذي تعالت فيه أصواتهم بالإدانات عندما تم استهداف وزارة الدفاع في العاصمة السعودية الرياض وأهداف أخرى داخل الأراضي السعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة اليمنية ، والتي وصفها المبعوث الأمريكي إلى اليمن ” ” بأنها تتعارض مع دعوات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى التهدئة والمضي نحو السلام، حسب زعمه .
تناقضات وتضليل
رغم ادعاء الأمريكيين بالسعي نحو السلام في اليمن ، إلا أن التصريحات الأمريكية تقول غير ذلك ، فهم يؤكدون وقوفهم إلى جانب السعودية في عدوانها على اليمن ويتهمون صنعاء بأنها تعرقل الوصول إلى حل دبلوماسي في اليمن، وآخر هذه التصريحات، تصريح المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس التي أطلقها الأسبوع المنصرم وأدان فيها استهداف الأراضي اليمنية من قبل ما اسماهم بـ” الحوثيين ” وأكد فيها وقوف بلاده إلى جانب السعودية في مواجهة الهجمات.. وقال إنهم العائق الذي يحول دون تقدم الحل الدبلوماسي في اليمن متجاهلاً المجازر التي ترتكب بحق المدنيين وأن الهجمات على الأراضي السعودية لم تكن إلا رداً على هذه المجازر.
كذلك ظهرت سياسة الكيل بمكيالين في تصريحات متحدث الخارجية الأمريكية، عندما تحدث عن الهجمات على مارب وأكد فيها أن بلاده هي التي تقود الحرب على اليمن بلا هوادة .
إلى جانب ذلك، ظهر التضليل الواضح في تصريح “برايس” الذي اتهم صنعاء بأنها غير جادة في حل الصراع وأنها غير مهتمة بالحل الدبلوماسي، رغم أن صنعاء قدمت العديد من المبادرات في سبيل الوصول إلى السلام وأكدت قبولها بأي مبادرة يمكن أن تحقق السلام في اليمن ومنها المبادرة العمانية التي رفضتها دول العدوان والتي لم تكن لترفضها لولا الدعم الأمريكي المفتوح لها وعدم الرغبة الأمريكية في إنهاء الحرب على اليمن إلا وفق الاشتراطات الأمريكية التي تحقق لها أجندتها في اليمن ولا تحفظ لليمن استقلاله وسيادته .
مشاركة مباشرة في العدوان
تنخرط الولايات المتحدة الأمريكية بعمق في العدوان على اليمن، ليس من خلال صفقات الأسلحة التي تزود بها دول العدوان والدعم اللوجستي فقط وإنما من خلال المشاركة المباشرة لجنودها في هذه الحرب، وقد ظهر ذلك من خلال الرسالة التي وجهها مؤخراً الرئيس الأمريكي “جو بايدن ” إلى الكونجرس واعترف فيها بنشر قوات أمريكية في اليمن بدعوى مكافحة الإرهاب، وهي الذريعة التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية دائماً للتدخل في أي بلد ، ومنها اليمن .
رسالة بايدن جاءت بعد أقل من شهرين على نشر وسائل إعلام صوراً لانتشار قوات أمريكية في شوارع بمدينة غيل باوزير محافظة حضرموت، وهو ما أثار وقتها ردود أفعال غاضبة من قبل اليمنيين لهذا التواجد الذي اعتبروه احتلالاً واضحاً لليمن وتمهيداً لاستقدام مزيد من هذه القوات إلى المحافظة بغرض احتلالها .
القائد الفعلي للعدوان
لم يعد اليمنيون وحدهم من يتهمون الولايات المتحدة الأمريكية بأنها تقف وراء العدوان على اليمن وإنما الأمريكيون أنفسهم، ففي بداية الأسبوع الماضي اتهم تقرير – نشره المنتدى الأمريكي ” أوغوستا فري برس” للكاتب، ميل جورتوف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية بورتلاند الأمريكية – بأنها المحرك الفعلي للحرب على اليمن وأن تدخلها في الحرب أساسي منذ إدارة أوباما ،وحتى اليوم.
ووفق التقرير، فقد بلغت المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة للسعودية في بداية إدارة بايدن 27 مليار دولار في برنامج المبيعات العسكرية الخارجية، وأكثر من 8 مليارات دولار في المبيعات التجارية ، ومجموعة متنوعة من العسكريين والبرامج التدريبية، وهو ما يعني أنها المحرك الفعلي للحرب على اليمن .
كما أشار التقرير إلى أن الخطوات التي قام بها الرئيس الأمريكي بايدن – بدءاً بإيقاف مؤقت لمبيعات الأسلحة للسعودية، وتعيين مبعوث خاص للمساعدة في إنهاء الحرب بالتنسيق مع الأمم المتحدة – لم تحقق شيئاً على أرض الواقع ، حتى أن المبيعات العسكرية للسعوديين لم تتوقف ، حيث مهدت وزارة الخارجية مؤخرًا الطريق لبيع ما قيمته 500 مليون دولار من معدات التدريب وخدمات لطائرات الهليكوبتر الهجومية مثل أباتشي ، ونوه التقرير أن الادعاء بأن طائرات الهليكوبتر ستستخدم فقط في مهام دفاعية يبدو خادعًا ، لأن السعوديين استخدموا طائرات هليكوبتر هجومية ضد اليمن من قبل.
وتطرق التقرير إلى عرض أمريكي للسعودية في أواخر أكتوبر الماضي تضمن صواريخ جو-جو بقيمة 650 مليون دولار، حيث بات من الواضح أن مليارات الدولارات من المبيعات العسكرية التي لا تزال في طور الإعداد، تمضي قدمًا.
بالتزامن مع تقرير المنتدى الأمريكي ” أوغوستا فري برس”، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً مشتركًا لعضوي الكونغرس “بيرني ساندرز”، و”رو خانا ” تحت عنوان ” الطائرات الحربية السعودية تقصف اليمن بدقّة بمساعدة الولايات المتحدة “، طالبا فيه بلادهما بإنهاء كل الجهود الحربية السعودية ضد اليمن؛ لأنها تغذي أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وأوضح المقال أن متعاقدي الدفاع الأمريكيين يواصلون خدمة الطائرات السعودية التي تسهم في استمرار هذه الحرب، خاصة بعد إعلان أمريكا صفقة جديدة لبيع الأسلحة للسعوديين.
كما أكد المقال أن هذه الحرب دعمتها أمريكا ولا تزال منخرطة فيها بعمق.