إغلاق مطار صنعاء يكشف حقد التحالف وإصراره على فرض العقاب الجماعي على اليمنيين
تقرير: يحيى جارالله للعام السادس على التوالي يحل اليوم العالمي للطيران المدني السابع من ديسمبر فيما لا يزال تحالف العدوان الأمريكي السعودي يفرض حظراً ظالماً على مطار صنعاء الدولي ومطارات يمنية أخرى دون أي أسباب قانونية سوى الحقد والإصرار على فرض العقاب الجماعي على الشعب اليمني. دونما ذكر لأسباب أو مبررات أعلن تحالف العدوان في التاسع من شهر أغسطس 2016م فرض حظر على المجال الجوي وإغلاق مطار صنعاء الدولي أمام كافة الرحلات بما فيها التجارية والإنسانية، وإيقاف ما يقدمه من خدمات لنحو 80 بالمائة من سكان اليمن ممن يقطنون العاصمة صنعاء والمحافظات الشمالية. زعم تحالف العدوان يومها أن إغلاق المطار سيستمر لمدة 72 ساعة قابلة للتمديد لكنه تناسى الساعات ال 72، وبقي التمديد قائماً حتى الآن، ما ترتب عليه حبس ملايين اليمنيين في منطقة تتعرض يوميا لعشرات الغارات التي ظل يشنها ولايزال الطيران الأمريكي السعودي متسببا في قتل وإصابة آلاف المدنيين بالتزامن مع استهدافه للمنشآت الطبية ومنع دخول الأدوية، مما زاد ضاعف المعاناة الإنسانية للمواطنين. مثّل إغلاق مطار صنعاء أول إجراء تعسفي لتشديد الحصار على الشعب اليمني والذي كان قد هدد به السفير الأمريكي السابق لدى اليمن “ماثيلو تيلر” أعضاء الوفد الوطني في ختام مشاورات الكويت في إطار الضغوط الاقتصادية التي ظلت الإدارة الأمريكية وأدواتها تمارسها على صنعاء لإرغامها على القبول بأي واقع يفرضه تحالف العدوان. تزامن إغلاق المطار مع تصعيد عسكري لتحالف العدوان ومرتزقته، بعد أن كان المطار يعمل جزئياً برحلات محدودة بين صنعاء والأردن والقاهرة، وكانت الرحلات التجارية في الغالب تخضع للتفتيش في أحد المطارات السعودية، قبل أن تستثني قوات تحالف العدوان في وقت لاحق الرحلات الخاصة بطائرات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة. حينها اعتبر مراقبون إغلاق المطار “محاولة من تحالف العدوان للحيلولة دون عودة الكثير من اليمنيين في الخارج وعلى رأسهم أعضاء في البرلمان وقيادات حزبية، والذين سارعت الرياض لشراء ولاءاتهم لإلحاقهم بحكومة المرتزقة التي شكلتها في أبريل 2016م لتتخذ منها ذريعة لمحاولة إضفاء الشرعية على عملياتها العدائية ضد اليمن”، إلا أن إغلاق المطار استمر منذ ذلك الوقت وحتى الآن دون أي أسباب واقعية سوى أن دول تحالف العدوان والمرتزقة اتخذوا منه وسيلة حرب وعقاب جماعي لحرمان ملايين اليمنيين من خدماته. فيما رجح آخرون “أن السعودية تحرص على استمرار إغلاق مطار صنعاء وتعز والحديدة لزيادة نفوذها وليس لإعادة حكومة المرتزقة خاصة وأن الرحلات من وإلى صنعاء ستمر عبر رقابة دول العدوان وبالتالي لا يوجد مبرر لإغلاقه بحسب ما رأى المراقبون”. أما أبناء الشعب اليمني فاعتبروا إغلاق مطار صنعاء محاولة مكشوفة للانتقام منهم وإمعانا في فرض العقاب الجماعي على أبناء المحافظات الحرة التي رفضت إملاءات تحالف العدوان والانخراط في صفوف قواته متعددة الجنسيات التي استقدمها وشكلها لاحقها لتدمير اليمن. وأيا كانت الذرائع التي ساقها تحالف العدوان لإغلاق المطار، فإنها لا تبرر ما أقدم عليه من حرمان ملايين اليمنيين من حقوقهم المشروعة والمكفولة في الحصول على العلاج بمستشفيات الخارج خصوصا بعد انهيار القطاع الصحي في اليمن جراء استهداف غالبية منشآته، وتوقف الكثير منها عن العمل منذ بدء عمليات العدوان الجوية عام 2015م، وما رافقها من حصار مشدد على المنافذ البرية والبحرية وحظر استيراد الأدوية والمحاليل الطبية وغيرها من المستلزمات. يعتبر العلاج في الخارج أحد أبرز أغراض السفر جواً لليمنيين، وبذلك فإن مطار صنعاء الدولي يعد الشريان الحيوي لسكان غالبية المحافظات الشمالية والغربية والوسطى في البلاد، حيث أدى إغلاقه إلى وفاة أعداد كبيرة من اليمنيين، قدرتهم وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ نهاية العام 2019م بنحو 43 ألف إنسان، كانوا بحاجة إلى العلاج في الخارج جراء حالاتهم الحرجة واحتياجهم لمساعدات طبية دولية، إلا أن تحالف العدوان حرمهم من الخروج أو العودة إلى اليمن، ليضيف بذلك معاناة كبيرة لم يكن لها أي مبررات على الملايين من سكان تلك المحافظات. ووفقا لوزارة الصحة فإن أكثر من 320 ألف حالة مرضية لم تتمكن من السفر لتلقي العلاج بسبب إغلاق المطار، فيما توفي أكثر من 28 ألف من مرضى السرطان نتيجة انعدام المستلزمات الطبية بالشكل المطلوب، في حين كان من الممكن علاج الآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتدارك حالتهم، لو تمكنوا من السفر إلى خارج اليمن للعلاج. أجبر تحالف العدوان الآلاف من المرضى على تكبد مشقة السفر الطويل للوصول إلى مطاري عدن وسيئون، بعد رحلة محفوفة بالمخاطر والإجراءات المعقدة والتأخير والابتزاز والخسائر المرتفعة وغيرها من الممارسات اللاإنسانية التي تفرضها نقاط التفتيش المنتشرة على امتداد الطريق وقيامها بنهب وقتل المسافرين كما حدث مؤخرا مع الشاب عبدالملك السنباني. تنتشر تلك النقاط ابتداء من محافظة البيضاء قبل تحريرها مؤخرا ومرورا بمأرب وحتى حضرموت وعدن، وتديرها مجاميع مسلحة متعددة الولاءات، منها ما يتبع حزب الإصلاح والجماعات المتشددة المرتبطة به، ومنها ما يخضع لحكومة المرتزقة الموالية للسعودية، أو ما تسمى قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات. دفعت كل هذه التعقيدات الكثير من المرضى للبقاء في منازلهم بانتظار الموت نظرا لحالتهم الصحية وعدم قدرتهم على تحمل مشقة السفر إلى مطاري عدن وسيئون أو خوفهم من المجازفة بحياتهم، وعجزهم عن دفع تكاليفها المرتفعة. وبعد مضي نحو أحد عشر شهرا على إغلاق مطار صنعاء أعلنت حكومة المرتزقة عن إغلاق مطار سيئون الدولي، في محافظة حضرموت، أواخر شهر يونيو 2017م، بسبب ما أسمته نفاد وقود الطيران، وهو المطار المتبقي آنذاك إلى جانب مطار عدن، بل إنه كان الوحيد في فترات متقطعة، بسبب إغلاق مطار عدن، نتيجة النزاع على حراسته بين قوات موالية للرياض وأخرى تابعة للإمارات، متسببا بمعاناة إضافية لعدد كبير من المسافرين وأغلبهم من المرضى. وأرجع مراقبون الأسباب الحقيقة لإغلاق مطار سيئون حينها إلى محاولة دول العدوان الضغط على القوات العسكرية التي كانت منتشرة في سيئون لتسليم المطار ومنشآت أخرى لقوات”النخبة الحضرمية” التي شكلتها الإمارات في الجزء الساحلي من حضرموت. في غضون ذلك دفعت الإمارات بقوات تابعة لها لاحتلال مطار الريان الدولي بمدينة المكلا أحد أبرز المطارات المحلية، والثالث بعد مطاري صنعاء وعدن، من حيث التجهيزات والخدمات، والذي توقف عن العمل بعد سقوط المكلا بيد تنظيم “القاعدة” في أبريل 2015، قبل أن تتخذ الإمارات منه مقرا وقاعدة عسكرية لها، رافضة إعادة فتحه أمام حركة الطيران لدواع اعتبرتها أمنية. وبعد مرور أكثر من عام على إغلاق مطار صنعاء، قرر تحالف العدوان في 6 نوفمبر 2017 الإغلاق المؤقت لكافة المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية بما فيها مطاري عدن وسيئون حيث كانا مفتوحين أمام الرحلات التجارية. زعم تحالف العدوان أن الإجراء يأتي لسد ما اسماه الثغرات الموجودة في إجراءات التفتيش الحالية والتي تسببت في استمرار تهريب الصواريخ والعتاد العسكري للقوات التابعة لحكومة الإنقاذ في صنعاء حد قوله، إلا أن القرار أثر على وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن بسبب توقف الرحلات الإنسانية. ومنذ إغلاق مطار صنعاء الدولي في أغسطس 2016م أدى الإقبال الكبير على رحلات شركة الخطوط الجوية اليمنية الناقل الوحيد لليمنيين إلى ارتفاع أسعار التذاكر إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل العدوان، وبات المرضى والطلاب والمغتربون مجبرين على التعامل معها رغم تدني مستوى خدماتها وافتعال الكثير من المشكلات أمام الركاب. تسببت الحرب العدوانية التي يتعرض لها اليمن في خروج طيران اليمنية من نظام ” إياتا “، الذي تعمل في إطاره كل شركات الطيران في العالم، ليحمي حقوق الركاب ويكفل لهم الأمان، إذ تؤكد الهيئة العامة للطيران والخطوط الجوية اليمنية أن دول العدوان بقيادة السعودية والإمارات هي السبب في عدم وجود ناقل آخر غير اليمنية حيث تمنع أي طيران من الإسهام في تخفيف الأعباء والرحلات عن اليمنية، خصوصا أن شركات عديدة للطيران عرضت إمكانية فتح رحلات لها عبر مطاري عدن وسيئون إلا أن تحالف العدوان لم يسمح لها. وبحسب مصادر في اليمنية فإن تحالف العدوان يرفض بين فترة وأخرى إعطاء التصاريح ومنع الرحلات من وإلى مطار عدن دون معرفة الأسباب مما يراكم الضغوط على الرحلات ويفاقم معاناة المسافرين من خلال بقائهم عالقين في مطارات أخرى، كما يرفض منح الشركة تصاريح لرحلات إضافية تعويضاً عن الرحلات الملغية؛ من اجل تخفيف معاناة المسافرين، وهي معاملة يرى مراقبون أنها الأسوأ في تاريخ الطيران المدني العالمي. يعرّف الحصار الجوي بأنه عملية يقوم بها طرف ضد آخر في حالات الحرب وذلك بمنع طائراته من الدخول أو الخروج من المجال الجوي أو البحري الذي يسيطر عليه، طالما أن الوسائل المتبعة في الحرب لا تنتهك القانون الدولي الإنساني، كما يجب السماح للطائرات المحايدة بالدخول، إلا أن ذلك الحصار يتحول إلى انتهاك للقانون الدولي الإنساني إذا تسببت احدى نتائجه في الإضرار بمصالح وأرواح المدنيين، خصوصا عندما تفوق معاناة المدنيين المكاسب التي يتوقع تحقيقها من وراء الحصار. ووفقا لحقوقيين يشكل إغلاق المنافذ اليمنية من قبل التحالف خرقا للمادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تنص على أنه يحق لكل فرد حرية التنقل ومغادرة أيِ بلد، بما في ذلك بلده، وكذلك العودة إلى إليه. كما ينتهك الحصار المفروض على اليمن اتفاقية جنيف الرابعة، مادة (23)، والتي تشير إلى السماح بالمرور الحر لجميع شحنات المخازن الطبية والمستشفيات المخصصة للمدنيين وحرية مرور جميع شحنات المواد الغذائية الأساسية. |