شكراً محمد الكرد.. شاب فلسطيني يلقن الأمم المتحدة درساً فلسطينياً حراً
قدّم الناشط والكاتب الفلسطيني محمد الكرد كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تحدث فيها عن محاولات الكيان الإسرائيلي المستمرة لإلصاق الهوية الإسرائيلية بالقدس وحيّ الشيخ جراح وطرد سكانه، وتحدث عن القانون الإسرائيلي الذي وضع لخدمة المستعمر.
وجاءت مداخلته واحدةً من أبرز المداخلات التي تم تقديمها خلال اجتماع الجمعية العامة الخاص بـ”اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”. وجاءت دعوة الكرد ضمن دعوات تقدمها الجمعية العامة لممثلين عن المجتمع المدني لتقديم رؤيتهم حول قضايا مختلفة تناقشها.
ويأتي الاجتماع ضمن إحياء الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي عبّر خلاله عدد من المسؤولين الدوليين وممثلون عن المجتمع المدني عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، وقدموا رؤيتهم لآخر التطورات على الأرض.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت، بموجب قرارها 40/32 لعام 1977، الـ29 من نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام يوماً دولياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
خطابات رنانة بدون أي أفعال
بدأ الكرد كلمته ساخراً من المجتمع الدولي وخطاباته التي لا تترجم إلى أفعال بقوله: “مرحبا أيها المجتمع الدولي، وشكراً لخطاباتكم المزلزلة. أنا متأكد أن السلطات القائمة بالاحتلال تشعر بالقلق الشديد الآن”.
ثم تحدث الكرد عن معاناة عائلته وطردها من حيفا في النكبة، واستمرار تلك المعاناة بعد ذلك، والتهديدات بطردهم من بيوتهم في الشيخ جراح، ووضعها في السياق الأوسع لاستمرار التطهير العرقي بحق الفلسطينيين.
ورجّح أن يطرد الكيان الإسرائيلي والمنظمات الاستيطانية المدعومة من الأغنياء، والمحمية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسرته من منزلها كما آلاف الأسر الفلسطينية الأخرى في حيّهم وأحياء أخرى من القدس ومناطق مختلفة من فلسطين.
كما أشار هذا الناشط الفلسطيني إلى أن القوانين الإسرائيلية والمحاكم تهدف إلى “حماية المستعمر وتثبيت حكمه على المحتلين والمستعمرين الفلسطينيين”. وتحدث، كذلك، عن حصار غزة ومعاناة أهلها، كما أوضاع الأسرى الفلسطينيين.
وعبر عن إيمانه بزوال الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي، ثم ختم حديثه قائلاً: “ستكون هناك، يوماً ما، متاحف ونصب تذكارية لتكريمنا وأخرى تحمل أسماءنا، وسيقف الناس فوق أرضنا ويعترفون بمعاناتنا، لكن آمل أن يحدث كل هذا الاعتراف… بينما ما يزال الفلسطينيون هنا. نستحق العدالة والتحرير في حياتنا”.
وخاطب الكرد مندوبي الدول في الامم المتحدة …الى متى سنبقى نقف امامكم و نروي لكم قصص عن الانتهاكات الاسرائيلية دون اي فعل منكم ، رفع الحواجب و الاستغراب لن يجلب السلام ، نريد أن ننال حريتنا في وجودنا و ليس بعد ذلك.
محمد الكرد وشقيقته رمز للنضال في القدس
كان محمد الكرد وشقيقته منى من بين الوجوه الفلسطينية التي ذاع صيتها على الإنترنت خلال الانتفاضة الأخيرة التي أشعلتها محاولات المستوطنين الإسرائيليين الاستيلاء على منازل الفلسطينيين في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، بما في ذلك منزل عائلة الكرد.
وطلاقة التوأم البالغين من العمر 23 سنة في اللغتين العربية والإنجليزية، جنبا إلى جنب مع استخدامهما الماهر لمنصات التواصل الاجتماعي، من العوامل الرئيسية التي جعلتهما المصدر الأول للحصول على معلومات حول التوسع الإسرائيلي في القدس وشعارات التأثير المستمر للاستيطان بعد سبعة عقود من الطرد الأول للفلسطينيين من قبل القوات الصهيونية.
بالنسبة لمحمد، أدى تسليط الضوء على محنة العائلة أيضًا إلى إبراز أعماله كشاعر، كما ترسخت مؤهلاته ككاتب عندما عينته صحيفة “ذا نيشن” مراسلا لها في فلسطين في أيلول/ سبتمبر. وبدخوله قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في 2021 لصحيفة التايم، وهو شرف تقاسمه مع أخته، يعتزم الكرد أن يودع السنة بمجموعته الشعرية الأولى بعنوان “رفقة”.
ردود الأفعال الشعبية
أثار خطاب الناشط الفلسطيني محمد الكرد في الأمم المتحدة، تفاعلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث أشاد مغردون بالرسالة الحادة والساخرة في ذات الوقت التي أطلقها من منبر المنظمة الدولية، والتي أدان خلالها صمت المجتمع الدولي حيال ما يتعرض له الفلسطينيون من انتهاكات وطرد وتهجير.
وعبر الفلسطينيون عن فخرهم بالكرد، وأطلقوا هاشتاغ #محمد_الكرد_يمثلني، مشيدين بمضمون خطابه الذي استنكر جرائم الاحتلال، وبقوة وجرأة الرسالة وقدرة الكرد على انتقاء الكلمات، حاثاً المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عملية بعيداً عن استخدام عبارات الإدانة والشجب، وأنه بذلك مثل صوت الشباب الفلسطيني الواعي المؤمن بعدالة قضيته.
الأمين العام للأمم المتحدة يناشد لإنهاء الحصار على غزة
من جهته، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، خلال مداخلة له قرأتها أمام الجمعية العامة نيابة عنه رئيسة ديوانه ماريا لويسا ريفيرو بيوتي، من استمرار تدهور الأوضاع.
وقال غوتيريس: “في هذا اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، فإن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة ما زال يمثل تهديداً وتحدياً للسلم والأمن الدوليين. الانتهاكات المستمرة لحقوق الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات يمكن أن تقوض احتمال تنفيذ حل الدولتين، وجهود المجتمع الدولي وهو يجاهد لإعادة إطلاق الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين“.
وأضاف “شجعتني كثيراً الاتصالات الأخيرة بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين، ولكن السيطرة على الوضع ليست كافية، والهدف الأسمى هو إنشاء دولتين تعيشان جنباً إلى جنب بأمن وسلام. وتحقيق التطلعات الوطنية والشرعية للشعبين على أساس حدود 1967 والقدس عاصمة للدولتين“.
ثم نادى بـ”وقف أي إجراءات أحادية الجانب يمكن أن تقود احتمالات التسوية السلمية للنزاع والتواصل بشكل بناء لإنهاء الاحتلال”. وناشد بإنهاء الحصار على غزة، وتحسين الأوضاع المعيشة للفلسطينيين تحت الاحتلال.
رسالة محمود عباس للجمعية
بدوره قدّم السفير الفلسطيني للأمم المتحدة في نيويورك، رياض منصور، كلمة نيابة عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ومن أبرز ما جاء فيها مناشدة عباس الدول الأعضاء في الجمعية العامة بالالتزام بقرارتها ذات الصلة، بما فيها “ضرورة التمييز عند التعامل مع إسرائيل بين الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وضمان احترام القانون الدولي وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الأعزل“.
كما حث الدول التي تعترف باكيان الإسرائيلي على الاعتراف كذلك بالدولة الفلسطينية، وعدم الاعتراف بالأعمال أحادية الجانب غير الشرعية، وعدم منحها أي شكل من أشكال الدعم.
وأكد “ضرورة أن ترافق الرفض الدولي لسياسات الكيان الإسرائيلي الاستيطانية وغيرها من انتهاكات القرارات الدولية خطوات وتدابير عملية لترجمة الإجماع الدولي على أرض الواقع، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حريته وإنجاز السلام الشامل في المنطقة”.
الرد الإسرائيلي المباشر على كلمة الكرد
وفي خطوة تصعيدية رداً على خطاب الكرد، سمحت شرطة الاحتلال للمستوطنين بوضع شمعدان على مدخل عائلته، موفرة لهم الحماية.
وذكرت صفحة تهتم بأخبار حي الشيخ جراح أن المستوطنيين الذين تجمهروا أمام منزل عائلة الكرد كانوا يحملون السلاح، محملة الاحتلال المسؤولية عن أي جريمة قد تقع في الحي.
شكراً محمد ومنى الكرد
نعم لقد كبر التوأم محمد ومنى الكرد في حيّ الشيخ جراح واستفاقا على عالم يحتل فيه المستوطنون نصف بيتهما ويأتون بالسياح يومياً على متن باصات، يتجولون في باحة بيتهم ويشتمونهم لكونهم عرباً ويستفزون أهلهم ويرحلون ثمّ يعيدون الكرة. في هذا الجوّ المسموم والمليء بالقهر من الاستباحة المطلقة لحياتهم وطفولتهم، حمل الطفلان الكاميرا ووثقا معاً كل ارتكابات المستوطنين والجنود الذين يحمونهم. لذلك كانا جاهزَين عندما حاولت إسرائيل إضفاء صبغة قانونية لترحيل 28 عائلة من حي الشيخ جراح هذا العام. استلمت منى البث المباشر عبر مواقع التواصل واستلم محمد موضوع التحدث مع وسائل الإعلام العربية والعالمية، واستطاعا مع رفاقهما الناشطين والمقاومين لفت انتباه العالم إلى حيّهم الصغير المهدد.
نعم هي رسالة من شاب فلسطيني ذاق مرارة أن تكون أرضك مستباحة وأن يكون بيتك وحياتك مهددة وهي الرسالة الأصدق والأكثر تعبيراً عن الوضع الفلسطيني وليس تلك الرسائل التي يبعثها المسؤولين لأن المسؤول أيا كان هو يعيش حياة جيدة ومريحة ولن يشعر بما يشعر به الناس.
شكراً محمد الكرد وشكراً منى الكرد ونتمنى أن يكون لدينا آلاف وملايين من أمثالكم.