في جلسة تاريخية لجمعية الصحة العالمية، الدكتور تيدروس يدعو إلى عقد اتفاق دولي جديد بشأن التأهب للجوائح والاستجابة لها
Share
قال مدير منظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس غيبرييسوس، إن ظهور متغير أوميكرون “شديد التحور” هو تذكير آخر بأن جائحة كوفيد-19 لا تزال تفتك بعالمنا، على الرغم من اعتقاد الكثير بانتهائها.
جاء حديث الدكتور تيدروس في افتتاح الجلسة الخاصة لجمعية الصحة العالمية، التي عقدت اليوم الاثنين.
تعد هذه المرة الثانية فقط في التاريخ التي يتم فيها عقد جلسة خاصة لجمعية الصحة العالمية- التي يتم عقدها عادة في أيار/مايو.
ستنظر الجمعية العالمية في فوائد وضع اتفاق أو صك دولي آخر لمنظمة الصحة العالمية بشأن التأهب والاستجابة للجوائح، بهدف إنشاء عملية حكومية دولية لصياغة مثل هذه الاتفاقيات والتفاوض بشأنها، مع مراعاة تقرير الفريق العامل المعني بتعزيز استعداد منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية والاستجابة لها.
أخبر الدكتور تيدروس جمعية الصحة العالمية أنه بدلا من الاجتماع للإعلان عن انتهاء الجائحة، “نجتمع في خضم موجة جديدة من الحالات والوفيات في أوروبا، مع حدوث وفيات لا حصر لها وغير محسوبة في جميع أنحاء العالم”.
ما من أحد آمن حتى نكون جميعا في أمان
مشيرا إلى تدني حالات الإصابة أو استقرارها في المناطق الأخرى، قال الدكتور تيدروس: “إذا كان هناك شيء واحد تعلمناه، فهو أنه لا توجد منطقة ولا بلد ولا مجتمع ولا فرد آمن حتى نكون جميعا في أمان”.
وأضاف أن ظهور متغير أوميكرون شديد التحور يؤكد مدى خطورة وضعنا وعدم استقراره، ومضى قائلا: “ينبغي توجيه الشكر لجنوب أفريقيا وبوتسوانا على اكتشافهما هذا المتغير وتسلسله الجينومي والإبلاغ عنه، بدلا من معاقبتهما”.
وشدد مدير عام منظمة الصحة العالمية على الحاجة إلى اتفاق جديد بشأن الجوائح لأن النظام الحالي “يثبط همم البلدان عن تنبيه الآخرين إلى التهديدات التي ستحدث في أراضيها”.
سعي حثيث لسبر غور المتغير الجديد
وقال الدكتور تيدروس إن العلماء في منظمة الصحة العالمية وحول العالم يعملون، بشكل حثيث، للإجابة عن العديد من الأسئلة بشأن متحور أوميكرون مثل ما إذا كان مرتبطا بمزيد من معدل الانتقال، أو بمرض أكثر شدة، أو بمزيد من خطر الإصابة بالعدوى، أو زيادة خطر مقاومة اللقاحات.
إحدى العاملات في مجال الرعاية الصحية في البرازيل تتلقى لقاح ضد كوفيد-19.
المساواة في اللقاح من مصلحة كل بلد
وقال الدكتور تيدروس إن منظمة الصحة العالمية حذرت قبل عام، عندما أبرمت بعض الدول صفقات ثنائية مع الشركات المصنعة، من أن “أفقر الناس وأكثرهم ضعفا سوف يتم سحقهم في معركة التدافع العالمي على اللقاحات؛ وهذا بالضبط ما حدث”، وأضاف:
“أكثر من 80 في المائة من اللقاحات التي تم إنتاجها في العالم ذهبت إلى دول مجموعة العشرين. تلقت البلدان منخفضة الدخل، ومعظمها في أفريقيا، 0.6 في المائة فقط من جميع اللقاحات. نحن نتفهم وندعم مسؤولية كل حكومة في حماية شعبها. إنه أمر طبيعي. لكن المساواة في اللقاح ليست عملا خيريا؛ إنها من مصلحة كل بلد. لا يمكن لأي بلد إجراء التطعيم بغرض القضاء على الجائحة بمفرده. وكلما طال أمد عدم المساواة في اللقاحات، زادت فرصة انتشار هذا الفيروس وتطوره بطرق لا يمكننا التنبؤ بها أو منعها”.
الاستثمار في مستقبل أكثر صحة
وشدد مدير منظمة الصحة العالمية على أن هذه الجائحة هي “دليل قوي على أن الصحة ليست رفاهية، بل حق من حقوق الإنسان. ليست تكلفة، بل استثمار؛ ليست مجرد نتيجة للتنمية، ولكنها أساس الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمن”.
وقال إن الأشهر والسنوات المقبلة ستشهد أزمات أخرى تتطلب انتباهنا، وتصرف تركيزنا عن ضرورة التحرك الآن. “لقد حان الوقت الآن لجميع البلدان لاتخاذ خيار الاستثمار في مستقبل أكثر صحة وأمانا وإنصافا. إن الأمن الصحي العالمي مهم للغاية بحيث لا يمكن تركه للصدفة أو حسن النية أو تغيير التيارات الجيوسياسية أو المصالح الخاصة للشركات والمساهمين”.
ووصف الدكتور تيدروس اجتماع جمعية الصحة العالمية بأنه “لحظة تاريخية” تمثل “فقط نهاية البداية”، مشيرا إلى أنه “لا يزال أمامنا الكثير من العمل الذي يتعين فعله. يتطلب تحقيق غايتنا المنشودة تفاوضا وتسويات ووقتا. المهمة ملحة ولكنها تتطلب الصبر أيضا. إن المخاطر كبيرة، ولكن المكافآت كذلك كبيرة. لن يحل تبني أي اتفاق أو صك دولي آخر كل مشكلة. لكنه سيوفر الإطار الشامل لتعزيز تعاون دولي أكبر وتوفير منصة لتعزيز الأمن الصحي العالمي”.