في اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.. تحذير من تآكل احتمالات حل الدولتين
يتيح اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني فرصة للمجتمع الدولي لتركيز انتباهه على حقيقة أن قضية فلسطين لا تزال دون حل وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف كما حددتها الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير، والحق في الاستقلال والسيادة الوطنية وحق العودة.
وفي اجتماع خاص في الجمعية العامة لإحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، قال شيخ نيانغ، رئيس لجنة فلسطين في الأمم المتحدة: “في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني هذا، اسمحوا لي أن أؤكد من جديد التزامنا المستمر بهذه القضية العادلة: ستواصل اللجنة بذل قصارى جهدها للدعوة إلى حل عادل ودائم لقضية فلسطين.”
وأضاف أنه استجابة لقرار إسرائيل بتوسيع مستوطناتها، حيث يعيش ما يقرب من 700 ألف مستوطن إسرائيلي في مستوطنات غير شرعية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، تدين اللجنة باستمرار هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي. كما تدين علانية توسيع المستوطنات بوصفه تهديدا للحل السلمي للصراع.
وقال إن لجنة فلسطين “ستواصل الوقوف بقوة في تضامنها مع الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك تقرير المصير وبناء دولته، والتمتع بكامل حقوقه الإنسانية.”
وشدد على أن لجنة فلسطين ستسمر “بلا كلل في العمل كحامل الشعلة حتى نصل إلى خط النهاية لحل عادل ودائم وشامل يتم بموجبه قيام دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، مع القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وتمتع الجميع بالحرية والكرامة.”
تآكل احتمالات التوصل إلى حل الدولتين
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة قرأتها ماريا لويزا ريبيرو فيوتي، رئيسة ديوانه، إن الحالة في الأرض الفلسطينية المحتلة – بما فيها القدس الشرقية – لا تزال تشكل تحديا كبيرا للسلام والأمن الدوليين. وقد يؤدي استمرار انتهاكات حقوق الفلسطينيين، إلى جانب توسيع المستوطنات، إلى تآكل احتمالات التوصل إلى حل يقوم على وجود دولتين.
وأضاف في رسالته: “في الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الدولي جاهدا إلى استئناف الحوار الإسرائيلي-الفلسطيني، أرى بوادر مشجعة في الاتصالات الأخيرة بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين. غير أن احتواء الحالة ليس كافيا.”
ودعا الطرفين إلى تجنب اتخاذ خطوات أحادية الجانب تقوض فرص التوصل إلى حل سلمي للنزاع استنادا إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وقال: “أدعو الطرفين كذلك إلى العمل البنّاء لإنهاء إغلاق غزة وتحسين الظروف المعيشية لجميع الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال.”
وأثنى على الجهات المانحة السخية التي تدعم الأونروا داعيا الدول الأعضاء إلى توفير التمويل في الوقت المناسب وبطريقة يمكن التنبؤ بها لتمكين الوكالة من القيام بعملها الحيوي.
وقال في ختام كلمته التي تلتها رئيسة ديوانه: “فلنؤكد معا مجددا التزامنا الثابت تجاه الشعب الفلسطيني في سعيه لإعمال حقوقه غير القابلة للتصرف وبناء مستقبل يسوده السلام والعدالة والأمن والكرامة للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.”
رؤية “بعيدة المنال”
في عام 1977، دعت الجمعية العامة للاحتفال السنوي بيوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر باعتباره اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وفي كلمته، قال رئيس الجمعية العامة، عبد الله شاهد، إن السلام في الشرق الأوسط ظل في طليعة جدول الأعمال العالمي منذ تأسيس الأمم المتحدة، وتمحور جزء كبير من تلك المحادثات حول تنفيذ تسوية عادلة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
لكنه أضاف: “من المخيب للآمال أنه على الرغم من الأولوية التي أعطيت لهذه القضية، وكمية الطاقة التي استنفدت، والقرارات المتعددة التي تم تبنيها، والعقود من المفاوضات والحوارات والالتزامات، لم يتم إنجاز الكثير.”
وأشار إلى أن رؤية حل الدولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967، حيث يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنبا إلى جنبا إلى جنب بسلام، “لا تزال بعيدة المنال.”
وقال في ختام كلمته: “كشخص دعا بثبات إلى السلام في جميع أنحاء الشرق الأوسط طوال مسيرته المهنية، سأستمر في الدفاع عن الشعب الفلسطيني. سأستمر في الدفاع عن حقوقه.”
مجلس الأمن ملتزم بالسعي للسلام
لا تزال الحالة في الشرق الأوسط تشكل مصدر قلق رئيسي لمجلس الأمن، لا سيما فيما يتعلق بعدم إحراز تقدم في إيجاد حل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
هذا ما قاله رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، مندوب المكسيك الدائم لدى الأمم المتحدة، خوان رامون ديلا فوينتي، الذي أوضح أن الوضع القائم غير مستدام ودعا إلى اتخاذ خطوات عاجلة وكبيرة لعكس الاتجاهات السلبية على الأرض.
وقال إن مجلس الأمن يظل ملتزما التزاما كاملا بالسعي لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط بما يتماشى مع القانون الدولي: “يجب تحقيق ذلك من خلال المفاوضات المباشرة حول قضايا الوضع النهائي بين الطرفين، بما يؤدي إلى تحقيق حل الدولتين، حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين المستقلة ذات السيادة، جنبا إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وكذلك مع مراعاة المعايير المتفق عليها دوليا.”
وأشار إلى أن أعضاء المجلس قلقون من تدهور الوضع على الأرض، ويدعون إلى الوقف الفوري للإجراءات التي تقوّض الثقة بين الطرفين، وتهدد حل دولتين قابل للحياة. ويشمل ذلك بناء المستوطنات وهدم ومصادرة الممتلكات الفلسطينية وطرد الفلسطينيين في القدس الشرقية وهجمات المستوطنين عبر الأرض الفلسطينية المحتلة والتحريض على العنف والإرهاب.
تعميق الاحتلال بدلا من إنهائه
في كلمته التي ألقاها نيابة عنه المراقب الدائم لدولة فلسطين، رياض منصور، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن المجتمع الدولي يرفض ما تقوم به إسرائيل من سياسات الضم الاستعماري والتوسع الاستيطاني، لكنّه شدد على ضرورة أن تترافق مع هذا الموقف الدولي تدابير عملية لترجمة الإجماع الدولي إلى أرض الواقع.
إننا أمام حكومة إسرائيلية تجسد مفاهيم اليمين في أشد صورها عنصرية وصلفا. ولا تؤمن بحل الدولتين، أو بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره — السفير ماجد عبر العزيز
وقال: “لكن رفض إسرائيل لحل الدولتين بشكل صارخ وإصرارها على تعميق احتلالها بدلا من إنهائه وانتظار جاهزية الأطراف للحوار وتحقيق السلام يعني عمليا ترك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تستكمل الضم من خلال فرض الوقائع غير القانونية وتغيير الحقائق على الأرض، ما يزيد من تعقيد الوضع القائم ويجعل حل الدولتين أكثر صعوبة وربما مستحيلا.”
وأضاف أن هذه لحظة فارقة، “إما أن تنتصر فيها الإرادة الدولية ومعها حل الدولتين، أو يترك حل الدولتين رهينة لإرادة المحتل، وهذا يعتبر تخليا عن هذا الحل.”
وأكد على جاهزية الفلسطينيين للعمل مع المجتمع الدولي، بما في ذلك الرباعية الدولية ومجلس الأمن لإنقاذ حل الدولتين على حدود 1967 قبل فوات الأوان على حد تعبيره.
حكومة إسرائيلية لا تؤمن بحل الدولتين
ألقى السفير ماجد عبد العزيز، المراقب الدائم لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة، كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وقال “إننا أمام حكومة إسرائيلية تجسد مفاهيم اليمين في أشد صورها عنصرية وصلفا. ولا تؤمن بحل الدولتين، أو بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.”
وأشار إلى أنها حكومة برنامجها التوسع الاستيطاني والتهويد وقمع الفلسطينيين والتنكيل بهم على حد تعبيره.
وأضاف يقول: “الإجماع الدولي الكاسح على حل الدولتين كأساس وحيد للتسوية النهائية يجد نفسه عاجزا عن تحويل هذا الاقتناع إلى واقع تفاوضي ملموس بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.”
وحذر من التبعات الخطيرة لذلك على مستقبل المنطقة وفرص تمتعها بالسلام والاستقرار الدائمين. وقال: “مقومات هذا الحل تتآكل على الأرض، إذ يقوم الاحتلال يوميا بتقويضها عبر قضم الأرض والتهويد.”
محمد الكرد: شهادة حية على الوضع على الأرض
ومن على منبر الجمعية العامة، ألقى الشاب الفلسطيني محمد الكرد أحد النشطاء من حي الشيخ جراح المهدد بالإخلاء كلمة، وقال: “من المرجح أن تطرد المنظمات الاستيطانية المدعومة من الأثرياء، والمحمية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسرتي من منزلنا إلى الأبد. ليس عائلتي فقط، بل آلاف الفلسطينيين في الحي الذي أسكن فيه وفي أحياء أخرى، مثل سلوان والعيسوية.”
وصفتها الأمم المتحدة بأنها جريمة حرب. والأهم من ذلك، أنا أصفها بالسرقة — محمد الكرد