قنبلة غيرت الطقس، وأخرى أزالت جزيرة من الوجود.. ما يحدث للبشر والحجر بسبب التجارب النووية
تبدو التجارب النووية لكوريا الشمالية عملاً عاقلاً مقارنة بما فعلته العديد من الدول العظمى من خلال تجاربها النووية قبل عقود.
فمن المنظور الكبير للأمور، بالكاد تمثل كوريا الشمالية نقطة صغيرة على خريطة التجارب النووية، حسبما ورد في تقرير لمجلة ناشينال اينترست الأمريكية.
أجرت بيونغ يانغ ست تجارب نووية منذ أولى تجاربها عام 2006. ولم تُجرِ أي دولة أخرى تجربة واحدة منذ بداية القرن الحالي.
فبين أول تجربة نووية لأمريكا عام 1945 وآخر تفجير نووي لكوريا الشمالية في سبتمبر/أيلول من العام الماضي،شهد العالم ما لا يقل عن 2056 تجربة نووية.
تشير وثائق الأمم المتحدة إلى أنه خلال الفترة الممتدة بين عامي 1945-1990، تم تسجيل 1820 تجربة نووية على المستوى الدولي، أي بمعدل تجربة واحدة كل تسعة أيام.
أجرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي قرابة 85% من إجمالي التجارب النووية، لكنَّ الدول الأخرى المُعتَرَف بكونها قوى نووية (المملكة المتحدة وفرنسا والصين) أجرت أيضاً قدراً كبيراً من التجارب. ولم تختبر إسرائيل رسمياً أي سلاح نووي، ولو أنَّه توجد دلائل قوية على أنَّها اختبرت سرا بعض الأسلحة في جنوب إفريقيا عام 1979.
وأجرت الهند تفجيراً نووياً “سلمياً” في عام 1974، وأعقبته خمس انفجارات نووية في مايو/أيار 1998. وفي وقتٍ لاحق من نفس الشهر، ردَّت باكستان بستة اختبارات نووية خلال يومين.
إليك أكبر وأشهر التجارب النووية عبر التاريخ
الولايات المتحدة: أول تجربة لقنبلة هيدروجينية تسبب صدمة هائلة
تتميز الولايات المتحدة بأنَّها أول وأكثر مَن أجرى تجارب لأسلحة نووية في التاريخ. ولا يُنسى أنَّ واشنطن أجرت أولى تجاربها النووية، “ترينيتي” (الثالوث)، في صحراء ولاية نيو مكسيكو في 16 يوليو/تموز 1945. وبعد مشاهدته الانفجار، قال د. روبرت أوبنهايمر مقولته الشهيرة: “الآن أصبحتُ أنا الموت ومُدمِّر العوالم”.
كانت تلك هي فقط البداية بالنسبة لأمريكا. فبين عاميّ 1954 و1992، أجرت الولايات المتحدة 1030 تجربة نووية، أي نحو نصف إجمالي تجارب العالم. كانت أكبرها بعد تسع سنوات فقط من تجربة “ترينيتي” في الأول من مارس/آذار 1954 في أتول بيكيني بجزر مارشال. وكان الهدف من تصميم “Castle Bravo” (قلعة برافو) المُستخدَم هو أن يصبح أول سلاح نووي حراري يمكن إطلاقه بعدما كانت الولايات المتحدة اختبرت أولاً قنبلة هيدروجينية في عام 1952.
تحولت تجربة “ٌقلعة برافو” إلى كارثة. ففيما كان المُصمِّمون يتوقعون قوة تتراوح بين 5-6 ميغاطن، بلغ الانفجار الناجم على نحو لا يُصدّق 15 ميغاطن. ويُعَد هذا أقوى بـ1000 مرة تقريباً من القنبلتين اللتين استُخدِمتا ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية. سرعان ما تحولت الآثار الناجمة إلى أزمة دولية للولايات المتحدة، إذ امتد الإشعاع، وفق بعض المصادر ، على مساحة 7 آلاف ميل مربع (نحو 18 ألف كيلومتر مربع) تقريباً.
جزيرة تدمَّر بسبب الانفجار.. إليك ما تبقى منها
لكن الأكثر إثارة للصدمة في هذه التجربة هو تعرض جزيرة صغيرة للتدمير جراء التفجير النووي.
فلقد دُمرت جزيرة إيلوجلاب المرجانية الصغيرة وهي جزء من جزر إنيويتوك أتول في جزر مارشال بالمحيط الهادئ، خلال الاختبار.
ونتج عن التفجير فوهة بقطر 1.9 كلم وعمق 50 متراً، حيث كانت “إيلوجلاب” ذات مرة، فالانفجار وموجات المياه الناتجة عنه (بعض الموجات يصل ارتفاعها إلى 6.1 متر)، جردت جزر الاختبار من الغطاء النباتي، كما لوحظ من خلال مسح بطائرة هليكوبتر في غضون 60 دقيقة بعد الاختبار، وفي ذلك الوقت كانت سحابة الفطر قد تطايرت بعيداً. أصبحت الجزيرة “غباراً ورماداً”، وانسحبت إلى أعلى لتشكل سحابة عيش الغراب التي ارتفعت حوالي سبعة وعشرين ميلاً في السماء. وفقاً لرواية الصحفي الاستقصائي إريك شلوسر، كان كل ما تبقى من الجزيرة حفرة دائرية مملوءة بمياه البحر، يبلغ قطرها أكثر من ميل و”بعمق خمسة عشر طابقاً.
واشنطن ستختفي
وقد أبرزت التجربة أيضاً للولايات المتحدة وصانعي السياسة العالمية الآخرين خطر العصر النووي. فبعد التجربة، ركَّب المستشارون العلميون للرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور أنماط نتائج تجربة “قلعة برافو” على خريطة تكون العاصمة واشنطن هي بؤرة الانفجار فيها. وكانت النتائج صادمة. فكما تقول آني جاكوبسن في كتابها الرائع عن تاريخ “وكالة مشروعات البحوث الدفاعية المتطورة”: “إذا كانت بؤرة الانفجار هي واشنطن العاصمة.. فإنَّ كل شخص من سكان منطقة واشنطن-بالتيمور الكبرى سيكون الآن في عداد الموتى. وحتى في فيلادلفيا، على بُعد 150 ميلاً (241 كم تقريباً)، سيكون معظم السكان مُعرَّضين لمستويات من الإشعاع من شأنها أن تقتلهم في غضون ساعة واحدة. وفي مدينة نيويورك، على بُعد 225 ميلاً (362 كم تقريباً) إلى الشمال، سيموت نصف السكان بحلول الليل. وطوال الطريق حتى الحدود الكندية، سيتعرَّض السكان لـ100 رونتغن أو أكثر من الإشعاع”.
خسائر كبيرة في أوساط الأمريكيين
ويشير بحث جديد إلى أن الخسائر الحقيقية لتطوير أسلحة نووية كانت أكبر بكثير من التقديرات السابقة، حيث تسبب الغبار الإشعاعي في مقتل ما يترواح بين 340 ألفاً إلى 690 ألف أمريكي بين عامي 1951 و1973.
الدراسة التي أجراها الخبير الاقتصادي في جامعة أريزونا الأمريكية كيث مايرز، تستخدم طريقة جديدة لتتبع الآثار المميتة للإشعاع النووي، والذي غالباً ما كان يصل لأجساد حتى الأمريكيين البعيدين عن مواقع التجارب النووية.
فعلى سبيل المثال، بين عامي 1951 و1963، أجرت الولايات المتحدة العديد من التجارب النووية فوق الأرض في ولاية نيفادا بغرب البلاد.
وكان العلماء المتخصصون في مجال الأسلحة النووية، الذين لم يفهموا المخاطر- أو تجاهلوها ببساطة- يعرِّضون آلاف العمال لتساقط إشعاعي، وانبعاثات من التفاعلات النووية مميتة للإنسان بجرعات عالية، ويمكن أن تسبب السرطان حتى في الجرعات المنخفضة وفي مرحلة ما، طلب الباحثون من متطوعين الوقوف تحت انفجار سلاح نووي جوي لإثبات مدى الأمان المتوفر فيه.
الاتحاد السوفييتي: قنبلة تسبب موجة ضغط حول الأرض
في المجمل، نفذ الاتحاد السوفييتي 715 تجربة مقارنةً بـ1030 تجربة لأمريكا. لكن ما تفوقت فيه موسكو على واشنطن كان حجم التجارب. في الواقع، أجرى الاتحاد السوفييتي أكبر خمسة انفجارات نووية في التاريخ.
ولا توجد تجربة أكبر من “قنبلة القيصر”. ففي 30 أكتوبر/تشرين الأول 1961، أقلعت قاذفة مُعدَّلة خصوصاً من طراز وهي Tu-95 وهي تحمل قنبلة يصل طولها إلى 26 قدماً (8 أمتار تقريباً) وعرضها إلى 7 أقدام (2.1 متر) بزنة 27 طناً. وبعد إلقاء القاذقة لقنبلة القيصر، ظلَّت تتهاوى بمظلة تزن طناً حتى يتسنى للطائرة الابتعاد لمسافة 45 كيلومتراً (28 ميلاً) من نقطة الصفر، مما منح طياريها فرصة للبقاء على قيد الحياة بنسبة 50%.
وانفجرت القنبلة على ارتفاع 13 ألف قدم (4 آلاف متر تقريباً) من الأرض. أنتج الانفجار الناجم قوة 57 ميغاطن، ما يعني انها كانت”أقوى بعشر مرات من كل الذخائر التي استُهلِكَت خلال الحرب العالمية الثانية”.
كان القصد من التفجير أن يكون سرياً، ولكن تم اكتشافه من قبل وكالات المخابرات الأمريكية، عبر طائرة طائرة استطلاع أمريكية سرية تسمى “سبيد لايت ألفا” كانت تراقب الانفجار، واقتربت بدرجة كافية لإحراق طلائها المضاد للإشعاع.
وكما ستفيد شبكة بي بي سي البريطانية لاحقاً: “كان بالإمكان رؤية وميض الانفجار من على بُعد 1000 كيلومتر، لوحظ التوهج في النرويج وجرينلاند وألاسكا، وارتفعت سحابة فطر القنبلة إلى ارتفاع 64 كيلومتراً” أي نحو ثمانية أضعاف قمة إفرست أعلى قمة في العالم.
ووفق بعض الروايات ، حطَّم الانفجار النوافذ الواقعة على بُعد 560 ميلاً (901 كيلومتر تقريباً).
دارت موجة الانفجار حول الكرة الأرضية ثلاث مرات، تم تسجيل موجة الضغط الجوي الناتجة عن الانفجار ثلاث مرات في نيوزيلندا.
تسبب تأين الغلاف الجوي في حدوث تداخل في الاتصالات اللاسلكية حتى مئات الكيلومترات من موقع الاختبار لحوالي 40 دقيقة.
تم تدمير جميع المباني في قرية سيفيرني، الخشبية والطوب، الواقعة على بعد 55 كم (34 ميلاً) من نقطة الصفر داخل نطاق اختبار.
قد تكون الحرارة الناتجة عن الانفجار قد تسببت في حروق من الدرجة الثالثة على بعد 100 كيلومتر (62 ميلاً) من نقطة الصفر.
تسبب تركيز الغلاف الجوي في حدوث أضرار نتيجة الانفجار على مسافات أكبر، مما أدى إلى تحطيم النوافذ في النرويج وفنلندا.
بريطانيا.. فشل أول قنبلة هيدروجينية
كانت المملكة المتحدة ثالث بلد ينضم إلى النادي النووي، وفجَّرت أولى قنابلها الذرية في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1952. كانت بريطانيا أولى القوى النووية الثانوية، والتي أظهرت كلها سلوكيات نووية مختلفة على نحوٍ ملحوظ عن القوتين العظميين.
فمثلاً، كان لدى بريطانيا والبلدان الأخرى (فرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل) ترسانات أصغر بكثير من ترسانتيّ الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفييتي. كما أنَّ البلدان النووية الثانوية لم تُجرِ تجارب نووية بقدر التي أجرتها واشنطن أو موسكو.
فلقد أجرت بريطانيا 45 تجربة نووية بين عاميّ 1952 و1991. في البداية، اختبرت لندن القنابل النووية بنفسها. ثُمَّ بداية من عام 1961، أُجريَت تجاربها النووية بالشراكة مع الولايات المتحدة.
رفضت واشنطن التعاون مع المملكة المتحدة في معظم المسائل النووية حتى أظهرت بريطانيا قدرتها على صنع أسلحة هيدروجينية. وبدأت لندن تختبر القنابل النووية الحرارية في عام 1957، لكنَّها لم تؤدِّ إلى النتائج المرجوّة. جرت أول تجربة ناجحة لقنبلة هيدروجينية في نوفمبر/تشرين الثاني 1957، لكنَّ أكبر تجارب القنابل النووية الحرارية البريطانية كانت تجربة “Grapple Y” في نوفمبر/تشرين الثاني 1958. وقد أنتجت 3 ميغاطن.
فرنسا: 30 ألفاً من الضحايا الجزائريين
كانت فرنسا رابع بلد يختبر سلاحاً نووياً في فبراير/شباط 1960.
وكانت سلوكيات فرنسا النووية أقرب إلى بريطانيا منها للقوتين العظميين. وتمثَّل الاختلاف بين فرنسا وبريطانيا في عدم إقامة علاقات وثيقة بنفس القدر مع الولايات المتحدة في المجال النووي مثل لندن.
وفي المجمل، أجرت فرنسا 210 تجارب نووية بين عاميّ 1960 و1996. ومع أنَّها سبقت الصين في النادي الذري، فإنَّ بكين في الحقيقة فجَّرت أول قنبلة هيدروجينية لها قبل باريس، وهو الأمر الذي أزعج شارل ديغول كثيراً.
وبعكس بريطانيا، كانت أول تجربة فرنسية لقنبلة هيدروجينية ناجحة. وكما يصيغ روبروت نوريس الامر : “فجَّرت فرنسا أولى قنابلها النووية الحرارية ذات المرحلتين في 24 أغسطس/آب 1968. وكانت هذه التجربة النووية الحرارية الأولى هي أيضاً أكبر انفجار معروف لفرنسا، بقوة 2.6 ميغاطن”.
وأجريت 17 تجرية نووية فرنسية في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966، ولا تزال مواقع دفن النفايات النووية وتطهيرها من المواد المشعة من المواضيع الرئيسية العالقة في قضايا الذاكرة بين الجزائر وباريس.
وفي الأول من مايو/أيار 1962، خلال التجربة “بيريل” تسرّبت جزيئات إشعاعية من موقع التفجير الذي لم يكن عزله محكماً، حسبما ورد في تقرير لموقع يورو نيوز”.
وفي عام 2012 أوردت وكالة الأنباء الجزائرية أن عدد الضحايا الجزائريين لهذه التجارب بلغ 30 ألفاً على الأقل أصيبوا بأمراض ناجمة عن التعرّض لنشاط إشعاعي.
ويقول خبراء نوويون إن هذه التجارب الـ17 التي أجريت في الصحراء مكّنت التقنيين في مفوضية الطاقة الذرية والعسكريين من التوصل إلى قنبلة البلوتونيوم المجهّز بها الجيل الأول من مقاتلات “ميراج 4” التابعة لقوة الردع الفرنسية. يذكر كذلك أن إحدى عشرة تجربة منها جرت بعد توقيع اتفاقية إيفيان لعام 1962، التي أكدت استقلال الجزائر، لكن مادة منها سمحت لفرنسا باستخدام مواقع الصحراء حتى عام 1967.
وكشفت وثائق رفعت عنها السرية في عام 2013 عن تداعيات إشعاعية أكبر بكثير مما تم الإعلان عنه في البداية، امتدت من غرب إفريقيا إلى جنوب أوروبا.
الصين: أسرع دولة تصل للقنبلة الهيدروجينية
كسرت الصين احتكار الرجل الأبيض للأسلحة النووية حين فجَّرت أولى قنابلها الذرية في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1964 في موقع الاختبار “لوب نور”. وخلال أقل من ثلاث سنوات، أي في 17 يونيو/حزيران 1967، ادعت بكين أنَّها قد أجرت تجربة نووية حرارية. وكانت هذه أسرع فترة انتقل خلالها بلد ما من تفجير أولى قنابله الذرية إلى أولى قنابله الهيدروجينية، وقد أنتجت هذه الأخيرة قوة 3.3 ميغا طن.
وفي عام 1976، فجَّرت الصين قنبلة مُسقَطة من الجو بقوة 4 ميغاطن. وفي العموم، أجرت بكين 45 تجربة نووية بين عاميّ 1964 و1996.
الهند وباكستان.. لماذا أصر البلدان على إجراء تجارب متعددة في جولة واحدة؟
أجرت الهند خمس تجارب نووية في عام 1998، ردت عليها باكستان بست تجارب، ونادراً ما تقوم الدول بتجارب نووية متعددة هكذا، فالدولتان لم تدخلا النادي النووي من خلال تفجير واحد كبير، كما حدث من قبل، بل عبر سلسلة تفجيرات.
ويرجع ذلك إلى أن الهند قررت إجراء خمسة تفجيرات نووية مرة واحدة، بهدف تحقيق الأبعاد الاستراتيجية والفنية والعسكرية مرة واحدة.
فلقد كانت الهند تدرك أنها تتحرك خارج “حقبة التفجيرات النووية”، في ظل توجه العالم لحظر التجارب النووية، وأنها في الغالب سوف تتوقف عن أعمـال التفجير بعد “الاختبار الأول” جراء الضغوط الدولية، لذا قررت أن تجعله سلسلة “اختبارات” لتصل الرسالة السياسية التي تريدها، ولتحصل أيضاً على النتائج الفنية المطلوبة لعمليات التطوير النووي اللاحقة. لذلك كانت هناك نوعيات مختلفة من التفجيرات النووية الانشطارية (الذرية) والاندماجية (الهيدروجينية) بعيارات وأشكال مختلفة للرؤوس المستخدمة في التفجير.
ولاعتبارات الموازين الاستراتيجية والنفسية، كان على باكستان أن ترد بالعدد نفسه من التفجيرات، واحدة منها كانت من عيار كبير (35-40 كيلو طن)، والرؤوس الأخرى تكتيكية، فيما لم تجرِ تجربة رؤوس هيدروجينية.
كوريا الشمالية.. غموض حول مسألة إجرائها تجربة هيدروجينية
تُعَد كوريا الشمالية، بطبيعة الحال، هي آخر دولة تنضم إلى النادي النووي بعدما فجَّرت أولى قنابلها الذرية في 2006. أنتجت هذه التجربة الأولى قوة 2 كيلو طن على الأكثر. لم تبلغ أول أربعة تجارب نووية لبيونغ يانغ قوة 20 كيلوطن، لكنَّ تجربتها الخامسة قد تكون بلغت 25 كيلوطن. لكن من الواضح تماماً أنَّ آخر تجاربها النووية كانت هي الأقوى. لا تزال قوتها بالضبط مسألة خلافية، وتتراوح التقديرات بين 100 و250 كيلو طن. وهناك أيضاً آراء متباينة بشأن ما إن كانت كوريا الشمالية قد اختبرت قنبلة هيدروجينية– مثلما تزعم بيونغ يانغ نفسها- أم أنَّها بالأحرى قنبلة انشطارية مُعزَّزة.
التجارب في الفضاء وتحت المياه
ومن بين ما يزيد عن 2000 انفجار نووي في جميع أنحاء العالم بين 1945 و1996، تم تفجير 25% أو ما يزيد عن 500 قنبلة في الغلاف الجوي.
تم حظر تجارب الغلاف الجوي عن طريق معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية في عام 1963. وقد استجابت المفاوضات بشكل كبير للقلق الكبير لدى المجتمع الدولي بشأن سقوط المواد المشعة الناجمة عن تجارب الغلاف الجوي. وأصبحت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة أطرافاً في المعاهدة؛ لكن فرنسا والصين لم تنضما إليها. وقد أجرت فرنسا آخر تجربة في الغلاف الجوي في عام 1974، بينما أجرت الصين آخر تجربة لها من نفس النوع في عام 1980. وتُستخدم محطات نظام الرصد الدولي التي تعمل بالصوت تحت السمعي التابعة لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لاكتشاف الانفجار النووي من خلال مراقبة موجات الصوت منخفضة التردد في الغلاف الجوي.
ويقصد بالتجارب تحت المياه التفجيرات التي تتم تحت الماء أو بالقرب من سطح الماء. وقد تم إجراء عدد قليل نسبياً من التجارب تحت المياه.
وتم إجراء أول تجربة نووية تحت الماء “عملية مفترق الطرق”، بواسطة الولايات المتحدة في عام 1946 في جزر مارشال بهدف تقييم تأثيرات الأسلحة النووية المستخدمة ضد السفن البحرية. وفي وقت لاحق، من عام 1955، أجرت الولايات المتحدة- في عملية ويغوام- تجربة نووية واحدة تحت الماء على عمق 600 متر لتحديد نقاط ضعف الغواصات تجاه الانفجارات النووية.
يمكن للانفجارات النووية تحت الماء والتي تتم قرب السطح أن تعمل على نشر كميات ضخمة من المياه والبخار المُشع، مما يؤدي إلى تلويث السفن والهياكل والأفراد المجاورين.
وقد تم حظر التجارب النووية تحت الماء عن طريق معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية في عام 1963. تعد محطات نظام الرصد الدولي الصوتي المائي التابعة لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية هي الأفضل لاكتشاف الانفجارات النووية تحت الماء.
*عربي بوست