كيف سيقدم المسؤولون في المدارس والمعاهد و الجامعات في الدول العربية التي اتجهت الى التطبيع التربوي ابناء المستوطنين الصهاينة عندما يزورونهم و هل سيقولون لهم هؤلاء ابناء من يغتصبون الارض و العرض هؤلاء ابناء من يطردون امثالكم من اطفال فلسطين من ديارهم و يحرمونهم من الحياة و يقتلون اباؤهم و يرملون نسائهم وياسرون اطفالهم ام انهم سيقولون لهم هؤلاء ابناء مؤسسو الشرق الاوسط الجديد وسلام الاوهام الذي يصدقه الا الاغبياء ؟نترك الاجابة للزمن فهو الوحيد الكفيل بتوضيح الرؤية حيث لا حاجة لمزيد التوضيح ..
من التطبيع الديبلوماسي والسياسي إلى التطبيع الاقتصادي والزراعي والرياضي يواصل قطاع التطبيع الإسرائيلي طريقه دون عراقيل تذكر.. آخر محطات التطبيع امتدت هذه المرة إلى التطبيع في مجال التعليم بالإعلان أمس عن مذكرة تفاهم بين الإمارات وإسرائيل في الشؤون التعليمية..
وفي قناعتنا أن هذا النوع من التطبيع الذي يبدأ من المدرسة إلى الجامعة هو الأخطر على كل المستويات والأكثر تأثيرا من بقية مسارات التطبيع التي يمكن إيقافها في كل لحظة في حين أن اختراق المؤسسات التعليمية والمناهج التربوية لأي مجتمع يمكن أن يكون الطريق الأسهل لتدمير المجتمعات ونسف الهوية وتلوثها في زمن التلوث البيئي والثقافي والمجتمعي والإنساني ولا يمكن بالتالي إيقافه لأنه يهدف وهنا موطن الداء العقول والأذهان والأفكار انطلاقا من الناشئة التي تكون قابلة لكل أشكال التطويع والاستلاب والإغراء بكل الأساليب الممكنة وهذا بالتأكيد عنوان قوة إسرائيل التي تمتلك كل أسباب الدعاية الإعلامية والالكترونية فضلا عن إمكانيات التجسس وزرع العملاء للوصول إلى أهدافها.. وليس التاريخ ببعيد ولعل سجل إسرائيل في هذا المجال الكثير ولعل في اغتيال المبحوح ما يستحق استذكاره ..
..طبعا لسنا في إطار التساؤل بشان جدوى وأهمية التطبيع الذي اتجهت إليه دولة الإمارات وهي الدولة العربية وعضو جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي والمؤتمر الإسلامي.. فقد تكون الإمارات وديبلوماسيتها ارتأت أن مصالحها ستتعزز بفضل التطبيع أو اتفاقية ابراهام التي حرص الرئيس السابق دونالد ترامب على تفعيلها وفرضها على دول المنطقة وربما كان يتجه لفرضها على ما بقي لولا انه خسر الانتخابات.. تماما كما أننا لا نخال أن الديبلوماسية الإماراتية تحتاج لتذكير بشروط وأهداف التطبيع التي كانت السعودية بادرت بإعلانها في قمة بيروت واستعدادها للذهاب بعيدا في مجال التطبيع في حال حصول تقدم في القضية الفلسطينية في إطار حدود 67 وفق القرار 242 الذي سقط من كل الحسابات في ظل تعقيدات الوضع الدولي الراهن وتغييب القضية الفلسطينية إقليميا ودوليا ..
وبالعودة إلى اتفاقية الأمس بين الإمارات وإسرائيل والتي يمكن اعتبارها تهديدا خطيرا واختراقا غير مسبوق للمناهج التربوية وهي في قناعتنا الأخطر على كل المستويات وهي اختراق يحدث تحت غطاء ما تتميز به إسرائيل من تقدم في مجال التعليم والتكنولوجيا وما تحظى به جامعاتها أيضا بالنظر إلى أنها تحتل مراتب متقدمة بين اكبر وأفضل الجامعات في العالم.. لا نعرف تفاصيل مذكرة التفاهم المعلنة بالأمس بين الإمارات وإسرائيل في الشؤون التعليمية، وما يمكن أن تتضمنه من اختراقات للمؤسسات التربوية ولكن ما تم تسريبه عن هذه الاتفاقية أنها تشمل مجالات التعليم العام والعالي والتقني والمهني بجانب تعزيز تبادل الزيارات الأكاديمية والطلابية بين الطرفين وذلك في خطوة تهدف إلى تكريس التعاون بينهما في إطار حرصهما على بناء شراكات وعلاقات أوثق تعود على شعبيهما بالمنفعة والخير والتقدم والتعايش السلمي الذي لا نعتقد انه يمكن أن يشكل أولوية أو يحتل موقعا في حسابات سلطة الاحتلال الحريصة بالدرجة الأولى على ابتلاع ما بقي من الأراضي الفلسطيني وتهويد المقدسات وسرقة الهوية وطمسها وإلغاء الذاكرة الفلسطينية العربية الإسلامية والمسيحية وفرض هيمنتها على الأجيال الفلسطينية المتعاقبة وترحيلها أو تهجيرها.. والأكيد أن كل اتفاقية تفوز بها إسرائيل تشكل بالنسبة لها مكسبا إضافيا وشهادة براءة ما أحوجها إليها لتلميع صورتها أمام الرأي العام الدولي من مختلف الجرائم التي تقترفها.. وآخر ما فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي عبر مجلس الأمن الدولي محاولة تصنيف ست جمعيات فلسطينية ووصمها بالإرهاب وهي بالتأكيد خطوة مدرسة لتجفيف منابع هذه الجمعيات وشل أنشطتها وتحركاتها في كشف جرائم الاحتلال وتعريته أمام الرأي العام العالمي. .
إلى ماذا سيؤدي التطبيع التربوي وكيف ستقدم قضية القدس والأقصى والخليل والأسرى للتلاميذ والطلبة الذين ستستضيفهم المدارس والجامعات الإسرائيلية على ارض فلسطين المحتلة؟ الأكيد أن كل مسارات التطبيع مهما أجمعت على تجميل المحتل لا يمكن أن تساوي بين الجلاد والضحية …