ناشطة سورية: التطورات الاخيرة تفرض ضرورة الخروج الامريكي وملء الفراغ وفق مصالح الشعوب

قالت الناشطة  السياسية السورية “زهراء مهنا” ان المشهد الأكثر إحراجاً لأمريكا وإدارة بايدن هو إقلاع آخر طائرة أمريكية من مطار كابل وإسقاط شخصين من الأفغان تعلقوا بعجلات الطائرة حيث أدى هذا المشهد إلى فقدان الثقة بين أمريكا وحلفائها في المنطقة من دول وأحزاب وجماعات وترك أثراً سلبياً في نفوسهم وكأنه مشهدٌ انتشل من قبضة الغيب لينبئهم بمصيرهم المحتوم طالما أنهم يعولون على الأمريكي في دعمهم وحمايتهم ويعلقون عليه آمالهم ويربطون به مصالحهم.

واضافت مهنا في حديث خاص لـ “شفقنا العربي” انه يجب على الدول والتنظيمات والأحزاب والجماعات التي علّقت مصالحها بالنفوذ الأمريكي وثقل تواجده في المنطقة أن تعلم أن المعادلات والوقائع والتغيرات الجديدة تفرض ضرورة الخروج الأمريكي من المنطقة عاجلاً أم آجلاً فعليها أن تفكر في ملء هذا الفراغ بما يتوافق مع مصالح شعوبها وبلدانها.

وشددت بالقول على شعوب المنطقة أن تدرك أن أمريكا وكل القوى العالمية الأخرى لا تستطيع الخروج من طبيعتها الاستغلالية والاستبدادية فهي دائماً تنظر بعين الطمع إلى ثروات وخيرات الدول الأخرى وخاصة دول الشرق الأوسط فلا ننتظر منها ان تبحث مع تلك الدول الضعيفة عن أفق التعاون وتفاهم وتبادل اقتصادي وحضاري يضمن لها حفظ السيادة والاستقلال وعلى الشعب الأمريكي أن يعي أن الإدارة الأمريكية لن تستطيع أن تجلب لدول المنطقة الحروب وما تخلفها من الدمار والعجز والفقر والجهل والتطرف والإرهاب والفتنة والاقتتال وفي نفس الوقت تحمي نفسها وتحمي شعبها من تبعات تلك الأزمات التي تولد انفجاراً في كامل الإقليم.

وفيما يتعلق بالتطورات في افغانستان قالت هذه الخبيرة : هناك وضع داخلي متدهور جداً ي فأفغانستان اليوم خرجت من حرب دامت 20 سنة خلفت دماراً هائلاً وفقراً مدقعاً وتراجعاً كبيراً في الاقتصاد والصحة والتعليم والبنية التحتية للبلاد، وهناك أيضاً تنوع ديني ومذهبي يتطلب من طالبان التعاطي معه بانفتاح واحتواء مغايرين لطبيعة السلوك الذي انتهجته خلال العقدين الماضيين من تطرف وعداء تجاه الآخر.

واضافت : قد سمعنا بعض التصريحات التي تدعو إلى التفاؤل فيما يتعلق بحقوق الإنسان ورعاية قضايا المرأة من تعليم الفتيات وحرية الحركة للنساء وغيره، وهناك أيضاً تصريحات لبعض مقاتلي طالبان نقلاً عن BBC News تحث على التعامل بمحبة ولطف مع الشعب الأفغاني، آمل أن تتحول تلك المواقف إلى قوانين تشريعية وثوابت دستورية وأعمال تنفيذية وأرى أن طالبان مضطرة لمثل ذلك لكسب الاعتراف بشرعيتها من قبل المجتمع الدولي ولكنها أيضاً أمام تحديان كبيران يتعلق الأول بقدرتها على تحديد خياراتها بما يتوافق مع مصالح الشعب وموقعها في هذا الإقليم بدون تدخلات خارجية تؤثر في سيادة واستقلالية قرارها والثاني يتعلق بلجم تنظيم داعش من القيام بوظيفته في تنفيذ مشاريع دول أجنبية تسعى لإعادة تفجير الوضع الأمني في أفغانستان وفي النهاية لا يمكن الحكم على مستقبل أفغانستان وإنما على مستقبل وسلوك طالبان.

واضافت هذه الخبيرة انه من المؤكد أن أمريكا دخلت أفغانستان لتحقيق مصالح استراتيجية كبيرة وللاستفادة من موقعه المهم لإظهار تفوقها الإقليمي والدولي ولكنها فشلت واستنزفت قوة الجيش وخسرت المعادلة وهذا ما جعلها تنسحب.

وکان عقد القمة الاقليمية في بغداد ضمن القضايا التي استعرضتها الناشطة السياسية السورية زهراء مهنا حيث قالت ان الهدف من هذه القمة كان اظهار العراق بصورة مغايرة لما هو عليه من أزمات داخلية ومنعطفات حرجة وأن يكون له دوراً إقليمياً بارزاً كما اراد ماكرون عبر هذا المؤتمر أن يملأ فراغ الانسحاب الأمريكي من العراق حيث في تقرير نشره الموقع البريطاني (ميدل ايست آي) فإن فرنسا تطمح بجعل العراق منصة انطلاق لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط .

ومضت بالقول .. لم تكن هناك مصلحة لدعوة سورية إلى تلك القمة طالما أن وجود سورية كقوة مؤثرة بعد تحقيقها إنجازات مهمة سياسياً وعسكرياً كان يمكن أن يفسد تحقيق الأهداف الخفية التي تقف خلف انعقاده  فقد كشف مصدرً عراقي لـ (RT) بحسب ما نشرته على موقعها أن سبب عدم دعوة سورية لحضور المؤتمر هو أنه كان ذلك أحد الشروط التي وضعها ماكرون لإنجاحه رافضاً بذلك الجلوس مع الرئيس بشار الأسد.

وفی جانب اخر من الحوار تطرقت مهنا الى تطورات المنطقة وقالت  ان ايران كسرت حاجز الخوف من أي تصعيد عسكري أمريكي تجاهها من خلال اعتماد سياسة جريئة سواء في الملف النووي عبر رفع تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60% وإنتاج معدن اليورانيوم وذلك رداً على هجمات إسرائيلية على منشآتها، أو من خلال رسم معادلة درع جديدة في سوريا بعد قيام غرفة عمليات حلفاء سورية بضرب قاعدة التنف الأمريكية رداً على هجوم إسرائيلي على مواقع تابعة للجيش السوري والحلفاء، حيث أثارت تلك التطورات قلقاً كبيراً في الأوساط السياسية الأمريكية والإسرائيلية ففي مقال كتبه دينيس روس (المساعد الخاص السابق للرئيس أوباما) عنونه بقوله “لم تعد طهران تأخذ واشنطن على محمل الجد” وطالب إدارة بايدن بإعادة وضع احتمالات التصعيد العسكري على الطاولة إذا أرادت إحراز أي تقدم بشأن القضية النووية بحسب تعبيره.

ومضت بالقول لدى إيران اليوم الكثير من الأوراق الجاهزة لاستثمارها ويمكنها أن تستمر في تحطيم هيبة القوة العسكرية الأمريكية وأن تقدم نفسها كقوة إقليمية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً .

وسلطت مهنا الضوء على باخرة النفط الايرانية الى لبنان وقالت: إن قيام إيران بإمداد لبنان يعتبر صفعةً قوية لكل من أمريكا وإسرائيل وأدواتهما في لبنان وقد أدت إلى تحطيم جدار حصارها الاقتصادي ليس فقط على لبنان بل وأيضاً أجبرها على تخفيف وطأته عن سورية وذلك بأن أرغمها على الإيعاز إلى أدواتها السياسيين في لبنان للدفع باتجاه إبرام إتفاقية استجرار الغاز من مصر عبر سورية .

وبشآن العلاقات الروسیة والسورية اوضحت زهراء مهنا ان العلاقة بين روسيا وتركيا مضطربة تحاول تحقيق التوازن معتمدة على بعض التقاطعات والمصالح التي تجمع البلدين حيث نجد أن تركيا أول دولة في الناتو اشترت من روسيا منظومة الدفاع الجوي “اس 400” رغم معارضة الولايات المتحدة بشدة ناهيك عن الكثير من المصالح الاقتصادية وأهمها ما يتعلق بإنشاء محطات الطاقة الكهروذرية في تركيا برعاية روسية ونقل الغاز الطبيعي “السيل التركي” من روسيا إلى تركيا وأوربا مروراً بالبحر الأسود، ولكن في الوقت نفسه تختل وتتضارب تلك العلاقة في كثير من الميادين وتذهب باتجاه المواجهة وخصوصاً في إدلب والكثير من الملفات المتداخلة في ليبيا وأذربيجان وأرمينيا فنرى أن أردوغان يمد يده للقاء بوتين من جهة ويقوم ببناء طائرة بدون طيار هجومية داعماً بها أوكرانيا ضد القوات الانفصالية المدعومة من روسيا من جهة أخرى.

فلذلك من المبكر جداً القول أن العلاقة الروسية التركية ترسو على بر أو تذهب باتجاه معالم واضحة أو أجواء مستقرة لأن احتلال تركيا لمناطق إدلب يدر عليها الكثير من المصالح والمكاسب الاقتصادية والسياسية التي لا يمكن أن تفرط بها أو تتنازل عنها بسهولة خصوصاً بعد فرض التعامل بالليرة التركية في المناطق التي تسيطر عليها في إدلب الأمر الذي أنعش اقتصادها بشكل واضح.

وفی جانب اخر من الحوار ناقشت الناشطة السورية العلاقات بين لبنان وسوريا في ضوء التطورات الحالية بما فيها تشكيل الحكومة في لبنان وايضا التطورات الايجابية التي تشهدها سوريا بما فيها تحرير اراضي واسعة منها من الارهابيين وقالت: لقد أثبتت الوقائع أنه لا يمكن فصل سورية عن لبنان أبداً وذلك بحكم الجغرافيا والتاريخ والبيئة والعلاقات الاجتماعية والمصالح السياسية والاقتصادية المشتركة ووحدة الدم في مختلف الحروب التي تعرض لها البلدان، فلبنان بحكم طبيعة موقعه الجغرافي هو أمام خيارين آما الانفتاح على سورية أو التوجه نحو التعامل مع إسرائيل وهذا محال أن يحدث بوجود المقاومة اللبنانية وشعبيتها الواسعة فتبقى سورية الخيار الوحيد وهذا ما أدركه السياسيون في لبنان ما جعلهم يعدلون عن سياسة النأي بالنفس التي اتبعوها مسبقاً وإن تم ذلك بضوء أخضر أمريكي.

أما أن یكون لبنان وسيطاً لعودة العلاقات بين سورية والدول العربية فذلك متوقف على مدى استقلالية قرارات تلك الدول عن التبعية الأمريكية ومدى قدرتهم على الالتزام باحترام السيادة السورية والأهم من ذلك كله احترامهم لمبادئها في رفض التطبيع مع إسرائيل أو التنازل عن خياراتها ومواقفها في دعم القضية الفلسطينية.

* الحوار من ليلى.م.ف

قد يعجبك ايضا