قالت صحيفة وال ستريت جورنال الأمريكية، في تقرير لها إن الحكومة الأمريكية بصدد السماح بانتهاء صلاحية ما يصل إلى 80 ألف بطاقة خضراء، ومعظمها من بطاقات إقامة العمل الدائمة، ما يترك عدداً كبيراً من العمال الأجانب معلَّقين في انتظار حلٍّ دائم لمشكلات الهجرة الخاصة بهم.
كان تضاربٌ ما في قانون الهجرة أدَّى إلى دخول الحكومة الأمريكية سنتها المالية في أكتوبر/تشرين الأول 2020 وقد أصدرت نحو 120 ألف بطاقة خضراء زائدة على العدد الذي تصدره عادة ويبلغ 140 ألف بطاقة، لكن الأمر حمل في الوقت نفسه أملاً واعداً بإحداث تأثير ملموس في معالجة التراكم القائم في أعداد المتقدمين المؤهلين للحصول على تلك البطاقات.
لكن سلطات الهجرة الأمريكية بدت عاجزة عن التعامل مع هذا التدفق، ما أدى إلى تفاقم الإحباط الذي يشعر به أكثر من 1.2 مليون مهاجر- معظمهم من الهنود الموظفين في قطاع التكنولوجيا- من الذين باتوا مؤهلين للحصول على البطاقة الخضراء، ما سيضطرهم إلى الاستمرار في العمل بتأشيرات مؤقتة تحدُّ من قدرتهم على السفر أو تغيير الوظائف.
من جهة أخرى، يدرس الكونغرس عدداً من الحلول التشريعية الممكنة، لكنه بات عالقاً في جدالات أوسع نطاقاً حول الهجرة تدور رحاها في كلا الحزبين.
من جانبه، يقول كايلاش باوار، وهو طبيب أعصاب للأطفال يعمل في مدينة كانساس وقد انتقل إلى الولايات المتحدة لإتمام فترة التخصص الطبي وتقدم للحصول على البطاقة الخضراء لأول مرة في عام 2013: “أنا أشعر بالعجز”.
كذلك وفي أغسطس/آب 2021، ظهر رقم الدكتور باوار بين قائمة المؤهلين للانتقال إلى الخطوة القادمة واستكمل بالفعل آخر الإجراءات الخاصة بطلبِه، لكنه لم يتلق بعد البطاقة الخضراء، ومن المستبعد أن يحصل عليها بالنظر إلى أن السنة المالية ستنتهي اليوم، ومن ثم سيُعاد النظر في طلبه من البداية.
حيث نشأت المشكلة خلال السنة المالية الماضية بسبب الجائحة، عندما اضطرت الولايات المتحدة إلى إغلاق قنصلياتها في الخارج، ما أدى إلى إصدار بطاقات خضراء أقل بكثير من المعتاد إصدارها لأفراد عائلات المواطنين الأمريكيين.
لم يكن لدى مكتب خدمات المواطنة والهجرة في الولايات المتحدة، وهي الوكالة المسؤولة في المقام الأول عن شؤون الهجرة القانونية، القدرة على التعامل مع هذه الطلبات جميعاً، وفقاً لمسؤولي الوكالة. وقال أحد المسؤولين في وقت سابق من هذا الأسبوع إن الوكالة توقَّعت الأسبوع الماضي إهدار ما بين 75 ألفاً إلى 80 ألف بطاقة خضراء، لكنها تأمل في أن يكون العدد النهائي أقل من ذلك.
يُشار إلى أن الوكالة عانت مشكلات مالية ونقصاً في القدرة على إنجاز التزاماتها منذ بداية الوباء، ولم تبدأ في تسيير المعاملات الخاصة بطلبات البطاقة الخضراء بوتيرةٍ أسرع إلا مع حلول هذا الصيف. وقال المسؤول إن إدارة بايدن، التي جعلت التعجيل في مراجعة الطلبات أولوية، شجَّعت مسؤولي الهجرة على تخطي بعض الخطوات المكررة، مثل تعليق الشرط الخاص بإصدار البصمة إذا كان المهاجر سبق له أن قدم بصماته مع طلب تأشيرة سابق.
كان التوصل إلى حل لأزمة التسيير البطيء لطلبات الحصول على البطاقة الخضراء قد أصبح أولوية لشركات وادي السيليكون، التي توظف عدداً كبيراً من المهاجرين الذين ينتظرون بطاقاتهم الخضراء، لا سيما مع ضغوط موظفيها للدفاع عنهم.
يذكر أنه، وفي معرض التعليق على ذلك، قال جاك تشين، وهو مستشار عام مساعد بشركة مايكروسوفت: “هذه أزمة جلبناها على أنفسنا، والأدهى أنها على الأرجح ستجعل مزيداً من الموهوبين أقل إقبالاً على استثمار مهاراتهم والمراهنة على مستقبلهم في أمريكا”.
من جانبه، قال ماثيو بورك، المتحدث باسم وكالة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية، إن الوكالة “تُراجع جميع السياسات والإجراءات التشغيلية المتاحة قانونياً” للسماح بإصدار مزيد من البطاقات بحلول اليوم، أو اليوم الأخير من السنة المالية الحكومية، أو الاحتفاظ ببعض البطاقات الخضراء غير المستخدمة لاستكمال معاملاتها في العام المقبل.
أشار بورك أيضاً إلى أن هذا العام، وإن كان شهد هذا العدد الكبير من البطاقات غير المستخدمة، فإن عدد الطلبات الذي راجعته خلاله يفوق ما راجعته من طلبات في أي عام آخر في تاريخها.
كان الحزب الديمقراطي يأمل في الدفع من أجل حلٍّ للمساعدة في التغلب على أزمة طلبات الهجرة المتراكمة، وتضمن ذلك التصويت لتضمين 3.5 تريليون دولار من حزمة الميزانية الخاصة بالمناخ، والسياسات الاجتماعية التي من شأنها استعادة البطاقات الخضراء غير المستخدمة على مدى العقود الثلاثة الماضية والسماح للمهاجرين بدفع بعض الرسوم الإضافية للتقدم في قوائم انتظار البطاقة الخضراء.
من جهة أخرى، فإن القرار المتعلق بإعادة تفعيل الحصول على التأشيرات غير المستخدمة يفيد بدرجة كبيرة فئتي المتقدمين للحصول على البطاقة الخضراء القائمة على التوظيف ولم شمل الأسرة، وتشير تقديرات صادرة عن الكونغرس إلى أنها ستؤدي إلى توفير مئات الآلاف من البطاقات الخضراء الجديدة.
من ناحية أخرى، فقد أقرت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي القرارَ في وقت سابق من من شهر أغسطس/آب 2021 ، لكن مصيره غير محسوم في مجلس الشيوخ؛ إذ تتزايد الاحتمالات التي تستبعد أن يتمكن الديمقراطيون من توجيه حزمة الميزانية لتوفير مسار يُتيح الحصول على الجنسية لملايين المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية.
في سياق متصل، يعتقد مساعدون بالكونغرس أن القرارات المتعلقة بمساعدة العالقين في تراكم البطاقات الخضراء من المرجح أن تُمرَّر في مجلس الشيوخ، الذي سبق أن قال إن الإجراءات المماثلة “يمكن تمييزها” عن المسارات الأخرى التي عُرضت لحل المشكلة في وقت سابق من هذا الشهر.
رغم ذلك، فإنه في حال عدم حدوث تغيير ما في القانون الحالي، فإن المتوقع أن يزداد في العام المقبل عددُ طلبات البطاقات الخضراء المتراكمة دون إتمام للتعاملات الخاصة بها.