ظاهرة التسوُّل تنتشر ومعالجتها لم تعد تحتمل الانتظار
في الشوارع والمتنزهات والأسواق والمساجد والمستشفيات وصالات المناسبات وحتى في أبواب المنازل، متسولون من فئات عمرية مختلفة أغلبها الأطفال والنساء، مستخدمين أساليب وعبارات مؤثرة للاستعطاف والتوسل والإلحاح وقد وصل عددهم في اليمن تقريباً إلى 1.5 مليون متسوِّل حسب دراسة أجراها حديثا مركز الدراسات الاجتماعية وبحوث العمل منهم 7 آلاف طفل وطفلة في العاصمة صنعاء بحسب تقديرات المجلس الأعلى للأمومة والطفولة ومنظمة اليونيسف، وقد قسَّمت الدراسة المتسولين إلى صنفين الأول يخرج تلقائياً للحاجة بسبب الفقر الدائم وعدم القدرة على العمل وغياب مصادر الدخل الكافية والصنف الثاني يخرج إما بالإكراه الأسري أو لحساب جهة منظمة مقابل مبالغ محددة إلى جانب الظروف المعيشة الصعبة وانتشار الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة الذي فرضه العدوان الجائر على بلادنا ولهذه الظاهرة أخطار حقيقية على مستوى الفرد والمجتمع نستعرضها في هذا التحقيق الذي نتطرق من خلاله إلى أهم ما تم اتخاذه من إجراءات على المستوى الحكومي لمعالجة هذه الظاهرة تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي الذي تطرق في محاضراته لهذه الظاهرة .. فإلى التفاصيل:
تحقيق/ احمد السعيدي
بحسب البحوث العلمية التي أجريت سابقا في عدد من الدول تشكل ظاهرة التسول خطراً حقيقياً على المجتمع، حيث تُؤدّي إلى إعاقة مسيرة الحياة من خلال تعطّل العمل وانتشار الأشخاص غير المنتجين الذين يعجزون عن العمل وحمل المسؤوليات، فيعتمدون على غيرهم في تأمين احتياجاتهم، ويترتب عليها آثار كارثية أبرزها امتهان الكرامة كون التسول يُنافي فطرة الإنسان الطبيعية ويُظهره بشكلٍ مهين يُجرّده من الكرامة التي منحه الله إياها ومن الآثار أيضا التعرّض للاستغلال فتتسبّب ممارسة التسوّل في الشوارع في تعرّض الأطفال والنساء للاستغلال الجنسيّ والمادي، وذلك عن طريق إجبارهم على أفعالٍ منافية للأخلاق مقابل حصولهم على المال ولا ننسى أيضا من الآثار التسرب من المدارس، حيث يدفع التسوّل الأطفال إلى التسرّب من المدارس لعدم مقدرتهم على التوفيق بين الدراسة وممارستهم للتسوّل، ممّا يؤدّي إلى تدنّي تحصيلهم العلمي وتركهم للمدرسة لاحقاً وتأتي بعد ذلك مخاطر الانحراف حيث يُؤثّر التسوّل على شريحة الأطفال والنساء بشكلٍ أكبر من غيرهم، ويجعلهم أكثر عرضةً للانحراف والإجرام بكافّة أشكاله، وممارستهم سلوكيات لها أضرار خطيرة على المجتمع؛ كالإدمان، والتدخين، وغير ذلك من الممارسات التي تؤدّي في نهاية المطاف إلى تدهور المجتمع ومن الآثار أيضا التعرض للحوادث حيث يلجأ الأطفال وكبار السن إلى التجوّل في الطرقات وبين المركبات لممارسة التسوّل وسؤال السائقين عن المال، لذلك يكونون عرضةً لحوادث الدهس بشكلٍ كبير ومن الآثار أيضا التشرّد في الشوارع، حيث يتشرّد الكثير من الأطفال والبالغين الذين يُمارسون التسوّل في الشوارع، حيث يعتادون على النوم في الساحات العامة، والحدائق، والمتنزهات ويتّخذونها مأوى لهم وأن كانت خفت مسألة النوم في هذه الأماكن في الآونة الأخيرة ويتسبب التسول أيضا في هدر المال حيث يؤدّي التسوّل إلى إضاعة الأموال دون فائدة، فالأفضل استثمار الأموال الممنوحة للمتسولين في إنشاء المشاريع الإنتاجية، أو منحها للمؤسسات الخيرية التي تُقدّم الرعاية للأسر الفقيرة العفيفة.
توجيهات السيد القائد
في إحدى محاضراته الرمضانية أكد قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي أن مهنة التسول هي مهنة وضيعة بلا شك، بل هي مهنة الإنسان يعيش فيها حالةً من إهدار كرامته، من جرح مشاعره الإنسانية، وليست جيدة، إذاً هناك ظروف استثنائية لدى البعض، فهناك مسؤولية عليهم من جانب، وعلى المجتمع من جانبٍ آخر، لمعالجة هذه المشكلة، وليس أن تتحول المسألة إلى مسألة طبيعة جداً.
وعرج السيد عبدالملك إلى بعض المشوهين أو العاجزين الذين يستغلون في التسول، ليصبح عملاً منظَّماً، ويجني تلك الأموال من وراء كل هذا العصابات التي تشتغل على الإتجار بهم، حتى من وراء التسول، يدفعون بهم إلى التسول ويأخذون ما جمعوه.
وعلق السيد عبدالملك أيضاً على الذين يستغلون أبناءهم في التسول بشكلٍ مباشر، فيخرج الأب ابنه إلى الشارع، ويجعله يمتهن مهنة التسول بسبب الفقر، يعيش في المنزل ظروف الفقر والمعيشة الصعبة، فيجعل من ضمن المعالجات أن يحوّل ابنه إلى متسولٍ، يمتهن هذه المهنة، ويشتغل عليها بشكلٍ مستمر، وهو هنا يهدر كرامته، هذا يحصل في صنعاء، يحصل في بعض المدن على مستوى البلد، وفي الخارج يحصل هذا أيضاً في كثير من الدول، أن بعض الأسر تدفع بأطفالها إلى احتراف مهنة التسول، وبشكلٍ دائم، بشكلٍ مستمر، فينشأ الطفل على هذه المهنة، على هذه الظاهرة، ينشأ وهو يعتاد على التسول، يعتمد على التسول، وهذه جريمة كبيرة جداً، وبالذات عندما تكون بشكلٍ مستمر، فقد تكون هناك حالة ضاغطة جداً في يوم من الأيام لبعض الأسر، أو في حالة استثنائية، الله أعلم بمثل هذه الحالات! ولكن الحالات المستمرة، التسول المستمر، هو يقتل في ابنك روح الإبداع، الروح العملية، أنت تضحي بكرامته الإنسانية، بإحساسه ومشاعره في العزة الإنسانية، والكرامة الإنسانية.
وواصل السيد عبدالملك: إن البعض وصل به الأمر أكثر من ذلك، حيث يستخدم ابنه وسيلة لاستعطاف الآخرين، للحصول من وراء ذلك على المال، فقد يذهب بطفله معه إلى الشارع، ويجعله عرضةً للشمس لفترات طويلة؛ حتى يستجدي به الآخرين، إذا تعاطفوا معه من أجل ابنه، وقدموا له شيئاً من المال، البعض قد يضع ابنه على الرصيف في الشارع، قد يقدم ابنه وكأنه معاق، ويضع عليه أشياء معينة، ويقدمه وكأنه معاق، ويعرضه للهواء والشمس والرياح- وهو طفل- لفترات طويلة؛ من أجل أن يستجدي به الآخرين، هذا من الاستغلال المحرم، وهو هنا يضحي بكرامته الإنسانية مع ابنه أيضاً، وفي نفس الوقت يؤثر عليه وعلى مستقبلة.
وخاطب السيد عبدالملك الآباء: قائلاً: إن التنشئة الصحيحة والطيبة ستجعل ابنك هذا عوناً لك في المستقبل، بطريقة مشرفة، وبطريقة تُحفظ لك بها كرامتك وكرامته، يمكن للأبناء أن يكونوا عوناً لآبائهم، لكن ليس بهذه الطريقة، ليس بهذا الاستغلال، الذي تخسر فيه كرامتك وكرامة ابنك.
واختتم السيد عبدالملك حديثه عن ظاهرة التسول قائلا:”هذا تصرف لا إنساني، تصرف لا إنساني، ولا يجوز أن تبقى مثل هذه الظاهرة على هذا النحو متفشية، هناك مسؤولية على الجميع في معالجتها (دولةً، شعباً)، الذين يتصرفون مثل هذه التصرفات كذلك هذا وزرٌ من جانبهم، تصرفٌ خاطئ من جانبهم، لا يجوز ولا يليق أن يمارسوا مثل هذه الأساليب، في السعي للحصول على المال.
اجتماعات حكومية
وتنفيذا لتوجيهات السيد القائد للجهات المعنية بمعالجة هذه الظاهرة عقدت حكومة الإنقاذ عدداً من الاجتماعات الحكومية وفي هذه السطور نستعرض أبرزها:
اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة من قبل مجلس الوزراء لمراجعة مشروع اللائحة التنظيمية لمراكز مكافحة التسول برئاسة نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن والدفاع الفريق الركن جلال الرويشان، حيث ناقشت اللجنة التي تضم وزراء الشؤون الاجتماعية والعمل عبيد بن ضبيع والإدارة المحلية علي القيسي والشباب والرياضة محمد المؤيدي والقائم بأعمال وزير حقوق الإنسان علي الديلمي، مشروع اللائحة المقدمة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وذلك من كافة الجوانب المؤسسية وجاء إعداد اللائحة بناءً على الموجهات التي تضمنتها المحاضرات الرمضانية لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، وأكد ذلك الاجتماع على أهمية تكاتف الجهود للتخلص من هذا السلوك لدى هؤلاء البعض من الناس بتعزيز التكافل المجتمعي وتقديم العون من قبل الجمعيات والتعاونيات للمحتاجين وإيجاد فرص عمل إنتاجية للقادرين على العمل والتوعية الدائمة لنبذ هذا السلوك الذي أضحى وسيلة سهلة للكسب ومهنة منظمة.
ورأت اللجنة ضرورة أن يتم البدء بتنفيذ الإجراءات العملية في هذا السياق بأمانة العاصمة من خلال إنشاء مركزين لمكافحة التسول كنموذج يتم تعميمه لاحقاً على المحافظات، وأقرت اللجنة على ضوء دراستها المستفيضة لمشروع اللائحة رفعه إلى مجلس الوزراء مشفوعاً بالإجراءات والمقترحات التنفيذية التي تم التوصل إليها للمناقشة في اجتماع مقبل واتخاذ الإجراءات الملزمة للجهات الحكومية المعنية وذات العلاقة للتنفيذ كل فيما يخصها.
بعدها ناقش لقاء حكومي برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، الجوانب المتصلة بتعزيز وتطوير الأداء في عدد من المجالات وفي المقدمة ما يتعلق بالموجهات التي تضمنتها المحاضرات الرمضانية لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ومنها المتعلقة بمجالات الشؤون الاجتماعية وما يتصل بمكافحة ظاهرة التسول والسير بخطوات التنمية الزراعية.
وناقش اجتماع آخر برئاسة وكيل الأمانة المساعد لقطاع الوحدات الإدارية سامي شرف الدين، مقترحات لمعالجة ظاهرة التسول، وأقر الاجتماع بحضور وكيل الأمانة المساعد لقطاع الشؤون الاجتماعية عبدالوهاب شرف ومدراء الجهات الأمنية ومكتب الشؤون الاجتماعية والمكاتب والإدارات المعنية ورؤساء اللجان المجتمعية، تنفيذ برامج توعوية وإرشادية وإعلامية لتسليط الضوء على هذه الظاهرة للحد من آثارها المجتمعية وجمع البيانات والمعلومات عن المتسولين كما تطرق الاجتماع إلى التدابير الممكنة لمكافحة هذه الظاهرة بتأهيل ورعاية وإيجاد فرص عمل للقادرين من المتسولين ومنحهم قروضاً ميسرة من قبل هيئة الزكاة لإنشاء مشاريع صغيرة تعينهم على متطلباتهم المعيشية.
اجتماع رابع عقد بمحافظة صنعاء برئاسة أمين عام محلي المحافظة عبدالقادر الجيلاني، ناقش الجوانب الكفيلة للحد من ظاهرة التسول وتطرق الاجتماع الذي ضم وكيل أول المحافظة حميد عاصم وعضوي الهيئة الإدارية مهيوب مهدي وعلي السهيلي ومدير مكتب الشؤون الاجتماعية وعدداً من مدراء المكاتب المعنية، إلى التدابير الممكنة والمتاحة للتعامل مع هذه الظاهرة والجوانب المتعلقة بتقديم خدمات الدعم والرعاية للفئات المستحقة.
وأكد الجيلاني وعاصم، أهمية مشاركة جميع المكاتب والمنظمات والهيئات لمعالجة ظاهرة التسول والعمل على إيجاد بدائل وحلول لتأهيل ورعاية المتسولين ولكن هذه الاجتماعات الحكومية تظل حبراً على ورق ما لم يتم تنفيذ آلية عملية لما تم مناقشته.
دور الزكاة
وأثناء إعداد هذا التحقيق بالصدفة وفي إحدى قاعات الأعراس بالعاصمة صنعاء مر أحد الأطفال المتسولين على الضيوف ليوزع عليهم قصاصة ورقية صغيرة تشرح حالته فقام احد الضيوف يبدو مسؤولاً وكتب في ظهر هذه الورقة رقم هاتف وقال له بأن يتصل على هذا الرقم لتوفير عمل شريف له يناسب سنه وعندها قمت مباشرة إلى جوار هذا الشخص للاستفسار عما حدث لتغذية هذا التحقيق، وفي البداية عرفني بنفسه بأنه الأستاذ أبو الفضل الورقي مسؤول الرصد والمتابعة بالهيئة العامة للزكاة في المنطقة وعندها أخبرناه أن التواصل مع الهيئة العامة للزكاة كان ضمن برنامجنا لهذا التحقيق ووافق أن يتحدث لـ”الثورة” بالنيابة عن الهيئة العامة للزكاة وقد بدأ الحديث عن دور الزكاة في معالجة هذه الظاهرة ثم استعرض مشروع الزكاة الذي بدأ تنفيذه استشعارا للمسؤولية أمام الله وتنفيذا لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، وعلى ضوء ذلك أعطى للطفل المتسول رقم هاتف المسؤول عن المشروع حيث قال:” الزكاة حق للفقير في مال الغني, من خلالها يحدث التراحم والتعاطف في المجتمع, ويتم تضييق الفجوة بين الفقراء والأغنياء, ما يغرس بذور الأمن الاجتماعي, ويُساعد على الوقاية من جرائم عديدة تُحركها الحاجة والفقر, ومن ثم فالزكاة تُعتبر المؤشر الصحيح في المجتمع الإسلامي على سلامة أوضاعه اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، تطبيق وتفعيل الوقف طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، فالوقف هو منع بيع الرقبة (مثل عقار أو أرض ..) والتصدق بمنفعتها على وجه مخصوص، ولهذا فإنه يُمكن استخدام هذا العائد في سد حاجة بعض الأسر الفقيرة ورفع مستواهم التعليمي والصحي من ناحية, والتخفيف عن كاهل الدولة من ناحية أخرى، تشجيع أشكال الإنفاق التطوعي الأخرى مثل الوصية والهبة والصدقات والكفارات, ما يُساعد على زيادة التكافل والتضامن بين أبناء المجتمع، إنشاء قاعدة بيانات للأسر الفقيرة، بحيث تتضمن جميع المعلومات الاقتصادية والاجتماعية عن كل فرد من أفراد الأسرة، حتى يُمكن توجيه المساعدات والمعونات النقدية والعينية بصورة شهرية أو متكررة أو طارئة أو استثنائية، والعناية بالأحياء الفقيرة برفع مستوى الخدمات والبنية الأساسية فيها, ونشر دور الرعاية الاجتماعية فيها, ولذلك الهيئة العامة للزكاة عازمة على تنفيذ برامج لشغل أوقات الفراغ لدى الأطفال والشباب والنساء والمسنين، وعمل مشروع خيري يحمل شعار “إغاثة ومساعدة أطفال الشوارع”, وذلك بإنشاء مراكز متخصصة لاستقبال أطفال الشوارع, وتوجيههم اجتماعياً ودينياً, وإنشاء دور للإقامة المؤقتة أو الدائمة, ومشروع متكامل للتنمية، ومستقبلا نفكر في منح قروض حسنة من دون فوائد للأسر الفقيرة لتنمية دخلها ورفع مستواها, بإنشاء مشاريع إنتاجية صغيرة أو متوسطة، ولمعالجة ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس, يجب تشجيع برامج محو الأمية للكبار ممن فاتهم قطار التعليم, والاهتمام بمدارس التعليم الفني والمهني المتخصصة وأيضا تنمية الوازع الديني لدى المتسولين وأسرهم, ومحاولة إصلاحهم حتى يُصبحوا أعضاء نافعين عاملين في المجتمع مع ضرورة تغيير النظرة المتبادلة بين المجتمع وأطفال الشوارع للوقاية من الإجرام في المستقبل, وكذلك تغيير النظرة إلى المعوقين والعمل على دمجهم في المجتمع و نشر الوعي العام بخطورة مشكلة التسول بين الجهات والجمعيات الأهلية ذات الصلة بالظاهرة لرفع مهارات العاملين فيها للوقوف على الحجم الحقيقي للمشكلة وطبيعتها, ووضع الحلول الوقائية والعلاجية لها وضرورة قيام وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية بدور مهم في التعريف بالظاهرة, وتوضيح حجمها وأضرارها من خلال الكتابات والبرامج والندوات
حلول ممكنة
وتعليقاً على الحلول الممكنة لعلاج هذه الظاهرة تحدث لـ”الثورة” الدكتور رمزي المنج- شريعة وقانون بجامعة إب حيث قال:” لعلاج ظاهرة التسول من الممكن أن تتّخذ الدولة مجموعةً من التدابير والإجراءات اللازمة لعلاج الظاهرة والحدّ منها، ولعل أهم الحلول المقترحة هي تجريم التسوّل وهذ يُمكن أن يحد من ظاهرة التسوّل من خلال اعتبارها جريمة يُعاقب عليها القانون فيما ينص مشروع مكافحة التسول في عام 1999م بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 107 الذي يعتبر جهة ردع وضبط للممتهنين للتسول وأيضا تقديم الرعاية، فينبغي إقامة مراكز للمتسولين المحتاجين للحماية، كي ترعاهم وتحفظهم وتُقدّم لهم حاجاتهم الأساسية والضّرورية ومن الحلول أيضا المراقبة وذلك بوضع برنامجٍ زمني لمراقبة حركة المتسوّلين يومياً عبر دراسة الحالة بما يُؤدّي إلى إجراء الدراسات الاجتماعية اللازمة على كلّ شخص من المتسولين وفهم احتياجاتهم والأسباب الكامنة التي أدّت إلى لجوئهم إلى التسوّل واتخاذ إجراءات وذلك بإحالة المتسولين إلى الجهات المختصة، وخاصةً الأشخاص الذين يتّخذون التسوّل كمهنة ولا ننسى من الحلول المعاقبة حيث تتّخذ الحكومة العقوبة كوسيلةٍ للحدّ من ظاهرة التسوّل، كالحبس لكل من يتسول في الأماكن العامّة، أو يقود قاصراً للتسوّل، أو يُشجّع على التسوّل، وتُصادَر الأموال المُحصّلة من هذا الفعل ومن الحلول تقديم الدعم اللازم للمتسوّلين بتوفير الوظائف والتدريب المهني المناسب لهم ليتمكّنوا من إعالة أنفسهم وأسرهم، بالإضافة إلى دعم المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة مادياً لإبعادهم عن التسوّل، وأهم من ذلك كله إقامة الحملات التوعوية حيث تُعدّ توعية المجتمع حول مخاطر ظاهرة التسول مهمّةً جداً للحدّ منها، ويُمكن تنفيذ حملات توعوية عبر جميع وسائل الإعلام المختلفة، وأخيرا التخطيط الإعلامي وذلك بجمع المعلومات اللازمة عن مدى انتشار ظاهرة التسوّل في الريف والمدن، وتقديم نماذج حيّة لبعض المتسولين والمشاكل التي تُواجههم، بالإضافة إلى إنشاء قضية رأي عام حول الظاهرة وخلق جو مناسب لتمكين العاملين في مجالات الرعاية من تنمية قدراتهم للقضاء على ظاهرة التسول”.