القبض على بريطانية يكشف تورط الإمارات في أحدث جرائم غسيل الأموال حول العالم
Share
قضت محكمة بريطانية اليوم بسجن امرأة لمدة 34 شهرا، بعد أن اكتشفت السلطات في مطار هيثرو بحوزتها خمس حقائب مليئة بما يقرب من مليوني جنيه إسترليني نقدا.
وكانت السلطات البريطانية قد قبضت على تارا خلال محاولتها ركوب طائرة متجهة إلى دبي في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020، وفي حوزتها أكثر من 1.9 مليون جنيه إسترليني نقدا، لتكشف عن فضيحة جديدة تقترن بدولة الإمارات التي باتت تعرف بانها واحة غسيل الأموال حول العالم
وأقرت تارا هانلون، البالغة 30 عاما، والمنحدرة من منطقة بيلام كورت في ليدز، بالذنب في محكمة آيسلوورث كراون في يونيو/حزيران وارتكابها جريمة غسل أموال في مبالغ تزيد قيمتها على 5 ملايين جنيه إسترليني.
وقال مسؤولو الحدود إن المبلغ كان أكبر مصادرة لأموال نقدية في حوزة شخص على حدود بريطانيا في عام 2020.
والحادثة واحدة من عشرات عمليات تهريب الأموال إلى الإمارات يتم ضبطها شهريا في دول أوروبية مختلفة.
وكانت تارا هانلون اعترفت في السابق بارتكابها ثلاث تهم للتخلص من جرائم تتعلق بمبالغ نقدية قدرها 1.4 مليون جنيه إسترليني في 14 يوليو/تموز، و1.1 مليون جنيه إسترليني في 10 أغسطس/آب و 1 مليون جنيه إسترليني في 31 أغسطس/آب 2020.
واستمعت المحكمة إلى اقوال مسؤول الجمارك هانلون في المطار الذي قبض عليها ،حيث كانت متوجه مع صديق لها إلى دبي، وعندما سُئلت عن الغرض من الزيارة وعن أمتعتها، قالت إنها كانت ذاهبة في “رحلة نسائية”، وإن معها خمس حقائب، لأنها “لم تكن متأكدة مما سترتديه”خلال وجودها هناك.
واكتشفت الأموال التي كانت في حوزة تارا في عبوات مفرغة من الهواء، مخبأة تحت بعض عبوات من القهوة في محاولة، على ما يبدو، لإخفاء الشحنة من الكلاب البوليسية.
وقالت هانلون في بيان معد للمحققين إن هذه كانت الرحلة الأولى التي تقوم بها، وإنها لم تتقاض أجرها، وأنها كانت تعتقد أن الأمر قانوني، إذ سيعلن عن الأموال في دبي.
وبعد تحري السلطات البريطانية مع شركة الطيران والبحث في هاتفها تبين أنها قامت بثلاث زيارات سابقة كموصلة طرود في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، وأنها دفعت حوالي 3000 جنيه إسترليني لكل رحلة.
وتسلط الحادثة المزيد من الضوء على أن الإمارات أصبحت المدينة الأنسب لغسيل الأموال حول العالم ،ويرجح أن تزيد الضغوط الأوروبية الممارسة على أبوظبي لمكافحة جرائم غسيل الأموال.
وكان الاتحاد الأوربي منتصف الشهر الجاري ، وجه إنذارا أخيرا للإمارات بشأن ضرورة مكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل أنشطة إرهابية.
وقالت مصادر موثوقة إن الانذار الأوروبي تم توجيهه خلال انعقاد الدورة الثالثة من الحوار الهيكلي بين الإمارات والاتحاد الأوروبي قبل أيام.
وترأس الاجتماع من جانب الإمارات آمنة فكري مديرة إدارة الشؤون الاقتصادية والتجارية بوزارة الخارجية والتعاون الدولي ، ومن جانب الاتحاد الأوروبي، رالوكا برونا، رئيسة وحدة مكافحة الجريمة المالية، ورئيسة المديرية العامة للاستقرار المالي والخدمات المالية واتحاد أسواق رأس المال.
وتناولت المناقشات كيفية تحسين السلطتين القضائيتين لأطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الخاصة.
وبحسب المصادر فإن الوفد الأوروبي حذر من استهداف الإمارات في الحزمة التشريعية المرتقبة للاتحاد الأوروبي بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأكد الوفد الأوروبي عدم رضا الاتحاد على خطوات الإمارات في تطوير إطار عمل فعال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وشملت المناقشات بين الوفدين الأوروبي والإماراتي تفعيل مختلف منصات التعاون الدولي ومبادرات تبادل المعلومات بين الجهات الفنية في دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
الجدير بالذكر، أن تحقيقات أوروبية كشفت خلال الشهر الماضي، عن فشل دولة الإمارات في الالتزام بالمعايير الأوروبية لمكافحة غسيل الأموال بعد أربعة أشهر من إنذار أوروبي شديد اللهجة بإدراج أبوظبي ضمن قائمة الاتحاد الأوروبي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويأتي الفشل الإماراتي في ظل تطابق تقارير عن شبهات تورط مؤسسات وأفراد في الإمارات بجرائم غسيل الأموال والأنشطة المالية غير القانونية.
وخلصت مسودة تحقيقات سرية أجرتها المفوضية الأوروبية اطلع عليها “بزنس ريبورت الإخباري” أن الغالبية العظمى من المعاملات المالية والتجارية والعقارية في الإمارات تقوم على التدفق المستمر للعائدات غير المشروعة الناتجة عن الفساد والجريمة عبر عمليات غسيل الأموال.
وكشفت التحقيقات أن المنظمات والجهات الفاعلة الفاسدة والإجرامية من جميع أنحاء العالم تعمل من خلال إمارة دبي أو انطلاقا منها عبر عمليات غسيل الأموال بما في ذلك شراء العقارات.
وأظهرت التحقيقات أن أمراء الحرب الأفغان ورجال العصابات من روسيا والحكام النيجيريون وغاسلي الأموال الأوروبيون، ومنتهكو العقوبات الإيرانيون، ومهربو الذهب من شرق إفريقيا، جميعهم يجدون دبي مكانًا ملائمًا للعمل وعمليات غسيل الأموال”.
ورصدت مؤسسات أوروبية متخصصة عدم اتخاذ إجراءات جدية في الإمارات بشأن مكافحة غسيل الأموال ما سمح بتفاقم الظاهرة بدلا من ضمان انحسارها بحسب ما تطالب بروكسل.
وأبرزت تلك المؤسسات أن كبار المسئولين في الإمارات يتورطون في جرائم غسيل الأموال وغض النظر عنها.
ويعتقد أن المبالغ الكبيرة من المعاملات النقدية والتحويلات بين الدول في دولة الإمارات وحكامها الأثرياء، بالإضافة إلى محيطها الجغرافي لعدد من البلدان التي تزعزع استقرارها بسبب النزاعات، تجعل الدولة بيئة مثالية لجذب غسيل الأموال.
وفي العاشر من أيار/مايو الماضي وقع 12 عضوا في البرلمان الأوروبي على عريضة موجهة إلى المفوضية الأوروبية تطالب بكبح جماح غسيل الأموال في دولة الإمارات.
ودعا النواب في العريضة المفوضية الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات فورية مثل إدراج دولة الإمارات العربية المتحدة في القائمة السوداء الأوروبية.
وأعرب أعضاء البرلمان الأوروبي عن القلق العميق إزاء التقارير الموثقة بأن ازدهار الإمارات سيما إمارة دبي ليس نتيجة سنوات من التنمية الاقتصادية فحسب، بل أن نجاحه يعود جزئيًا إلى تدفق مستمر للعائدات غير المشروعة المتأتية من الجريمة والفساد.
وطالبت الرسالة المفوضية بـ “النظر في نهج خاص لسياسات مكافحة غسيل الأموال تجاه دولة الإمارات، بالنظر إلى المخاطر الكبيرة الواضحة، حيث تغض الحكومات الإماراتية وكذلك المجتمع الدولي الطرف عنها”.
وهددت المفوضية الأوروبية في شباط/فبراير الماضي بأنها ستضع الإمارات في قائمة الاتحاد الأوروبي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إذا لم تكن قد أحرزت تقدمًا كبيرًا في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بحلول حزيران/يونيو 2021.
ويشار إلى أن الحكومة البريطانية أعلنت في نيسان/أبريل الماضي عن فرض عقوبات على شخصيات في الإمارات بتهم جرائم غسيل الأموال.
وقبل ذلك صنفت وزارة الداخلية ووزارة الخزانة في المملكة المتحدة الإمارات على أنها ولاية قضائية معرضة لغسيل الأموال من قبل الشبكات الإجرامية.
وأكدت السلطات البريطانية على وجود ثغرات حولت الإمارات إلى ملاذ منظمات إجرامية تمارس عملها بأريحية.
وانتقدت السلطات السهولة التي يمكن بها نقل الذهب والنقود عبر البلاد، وتسجيل معاملات مالية مشبوهة.
كما شدد أحدث تقرير حول تقييم المخاطر الوطنية وغسيل الأموال والإرهاب 2020 في بريطانيا، على ضرورة تسليط الضوء والبحث والتحري أكثر في المعاملات المالية المشبوهة التي تتم في الإمارات.