جراحة إيطالية.. عالجنا الجميع في اليمن دون تمييز بين العرق والدين والأنتماء
ترجمة /عبدالله مطهر
أرفع يدك إذا كنت قادراً على إنقاذ حياة الناس في اليمن..أرفع يدك إذا كنت لا تفكر بمصيرك في الذهاب إلى بلد تحلق في سمائه طائرات محملة بالقنابل والصواريخ وطائرات محملة بالمساعدات الإنسانية.
أرفع يدك إذا كنت تتحلى بالإنسانية وتحس بآلام الآخرين ومعاناتهم وجراحهم.. أرفع يدك وأذهب مع بعثة طبية إلى بلد ينام سكانه في منازلهم بأمن وسلام فتباغتهم طائرات إقليمية ودولية تقصف وتدمر ملاذهم البعض يتفحم والبعض يصاب بجروح بليغة ثم يأتي المنقذون ينتشلون جثث الأطفال والنساء وكل من لقى حتفه من تحت الأنقاض.. أرفع يدك وأذهب لتنقذ الناجي الوحيد.. فالجراحة الإيطالية “فيديريكا ليزي”، هي واحدة من الأطباء الأجانب القلائل الذي جاءوا إلى بلادنا اليمن من أجل أنقاذ حياة المدنيين اليمنيين، أو بمعنى آخر، ضحايا وجرحى تحالف العدوان السعودي..فبعد عودتها إلى إيطاليا أجرت صحيفة “الفاتوكوتيديانو” الإيطالية معها حوار حيث قالت فيه:
أنا جراحة فقط، التحليلات الجيوسياسية اليست من اختصاصي، ناهيك عن التحليلات العسكرية..لا يسعني إلا أن أسرد مأساة المدنيين اليمنيين ، هم الضحايا الرئيسيون للصراع الدائر في اليمن الذي يتجاهله الآخرين لاسيما من الناحية الإنسانية..عالجنا في مركز الجرحى التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في اليمن الجميع دون تمييز بين العرق والدين والانتماء.. لكن الضحايا الأبرياء هم الذين يتركونك عاجزاً عن الحديث.
وأكدت أن معظم الجرحى وللأسف أيضا من الضحايا وصلوا إلى مستشفانا بسبب تداعيات العمليات العسكرية..جروح من طلقات نارية ، ألغام أرضية ، قصف جوي.. وبالنسبة للقادمين من بلد يسوده السلام مثل إيطاليا، من الصعب أن تبقى بارداً في مواجهة حالات معينة.
وبالنسبة للقصص المأساوية التي حدثت وهي في المستشفى فقد قالت: في ذات يوم عندما كنت مغادرة من المستشفى، وصلت سيارة إسعاف من حي الدريهمي اخرجوا منها رضيع يبلغ من العمر 11 شهراً.. كان الجميع يصرخون بأن إصابته ناجمة عن غارة جوية. لقد فقد الوعي، ومنذ ذلك اليوم فقد ساقه الأيسر.. كانت هناك شظايا في رأسه أيضاً ، وكانت بعضها عميقة.. لم أستطع قول أي شيء لجد الطفل الصغير سوى “أننا فعلنا كل ما بوسعنا ، لكن لا يزال وضعه خطيراً للغاية”.. كان جده جالساً بالقرب مني، فبدأ يبكي ، حتى أنني شعرت بألمه.. هناك أيضا حالات أخرى مؤلمة جداً.
وفي ذات يوم أيضاً كنت في غرفة الطوارئ وفي غرفة العمليات كان هناك عشرات المرضى ، وهي حالة تتكرر للأسف كل يوم تقريباً.. وصل رجل من مديرية الذباب بمحافظة تعز إلى غرفة الطوارئ دهس على لغم أرضي.. وكان قد فقد أحدى ساقيه فقام شخص ما بإعداد ضمادة له.. كانت مثالية من الناحية الفنية لوقف النزيف الشديد.. لكن كان أحد أفكاري في تلك اللحظة أن الناس العاديين لا ينبغي أن يعرفوا كيفية عمل ضمادة وبدلاً من ذلك في الحرب ، أنت مجبر على تعلمها.
وأفادت أنها لم تتعامل مع إصابات وجرحى الحرب فقط، بل مع حالات أخرى.. لكن معدل وفيات الرضع وحديثي الولادة مرتفعة جدا في اليمن.. بالإضافة إلى ذلك هناك حوادث الطرق بسبب الطرق التي تم تدميرها بالكامل وأصبحت مهجورة بسبب الألغام والقصف بالقنابل والصواريخ وقلة التجديد والصيانة.
الطبيبة رأت أن الرقم الإجمالي لدخول المرضى المستشفى التابع للمنظمة سنة 2020 فقط هو أكثر من 6600 مريض على الأقل ، يضاف إليهم ضعف عدد المرضى الذين تم فحصهم ومعاينتهم في غرفة الطوارئ ولم يتم إدخالهم إلى الداخل.. أتذكر موقف وصلت فيه سيارات الإسعاف وعلى متنها حوالي 10 أمراض في نفس الوقت.