صنعاء تعيد فتح أبوابها بوجه غريفث ومؤشرات تقدم في المفاوضات اليمنية الأمريكية .. هل يتصاعد الدخان الأبيض من مسقط قريبا ؟
ابراهيم الوادعي : بعد قطيعة تقارب العام أعادت صنعاء فتح ابوابها في وجه المبعوث الاممي مارتن غريفث ، حيث استقبله يوم امس عبر شاشة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بعد ايام من استقبال رئيس الوفد الوطني اليمني محمد عبد السلام في مسقط وحديث لغريفث وحديث الأول عن اجواء ايجابية عمت اللقاء شملت مناقشة خطة الانسانية والية تسريعها للولوج الى وقف اطلاق النار وتسوية سياسية شاملة.
بحسب مصادر في صنعاء فإن المبعوث الأممي يحمل هذه المرة في جعبته خطة جديدة تلبي شروط صنعاء للحديث معه واستقباله ، ولديها ضمانات للتنفيذ من قبل الامريكيين الذين يحتفظون بمفاوض في مسقط الى جوار مفاوض صنعاء ، في وقت سابق قال محمد عبد السلام إن عدم استقبال المبعوث من قبل حكومة صنعاء او الاطراف السياسية المرتبطة ناجم عن كونه لا يحمل جديدا ، و اللقاءات معه تحولت الى اشبه بروتين يقوم به قبيل أي احاطة يقدمها الى مجلس الأمن .
خلال العام الفائت اتسمت مواقف غريفث بالانحياز الواضح الى الجانب الامريكي بعد تعيين ادارة الرئيس جو بايدن عين مبعوثا خاصا للملف اليمني – تيم ليندركينغ – وتحول المبعوث الأممي الى مجرد ساع بريد لنقل المواقف الامريكية وعرض وجهات بلده بريطانيا ،وبالمناسبة قبيل وصوله الى صنعاء السبت 29 مايو 2021م التقى المبعوث الامريكي وفق خبر بثته شبكة بي بي سي البريطانية ، ما يرجح انه يحمل موافقة او ضمانات بالالتزام الامريكي للخطة التي عرضها على السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي والقيادة السياسية في صنعاء .
خلال التفاوض غير المباشر مع المبعوث الامريكي عبر الطرف العماني أصرت صنعاء على موقفها القاضي بفصل الملفين الانساني عن السياسي ، وانها قطعا لن تسمح بربط هذا وذاك ، وخرج في حينه السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي علانية ليؤكد ان الاستحقاقات الانسانية للشعب اليمني ليست محلا للتفاوض ، ولن يتم تحويلها الى شيك سياسي يصرف لصالح التحالف أو أي طرف كان .
تصر صنعاء على وقف شامل للعدوان ورفع كامل للحصار قبيل البدء بأي عملية تفاوض سياسي لبلوغ السلام ، لكنها وخلال المفاوضات اظهرت مرونة كبيرة ، وقدمت خطة تقوم على فصل المسارين الانساني عن السياسي ، يشمل ذلك رفع الحظر عن مطار صنعاء والسماح بتدفق الغذاء والوقود دون قيود الى ميناء الحديدة ، والولوج الى مفاوضات تفضي الى وقف إطلاق النار ورفع شامل لحصار قبيل البد بعملية سياسية شاملة تنهي الحرب .
بالتزامن مع وصول غريفث الى صنعاء سجلت غارات التحالف ارتفاعا ملحوظا على مارب حيث تدور المعارك في ضواحي المدينة وعلى مقربة منها ، خلال الاحد شنت طائرات التحالف السعودي الامريكي ما يزيد عن 24 غارة جوية والالاف الغارات شنتها على مارب منذ فبراير الماضي عند اندلاع جولة القتال الأخيرة ، وتفيد المعلومات ان الطائرات السعودية والاماراتية وطائرات ربما اسرائيلية وامريكية تشارك بوتيرة كبيرة في القتال وتقصف حتى الاهداف الصغيرة في ارض المعركة .
مقطع فيديو لم يبث بعد يظهر غارة جوية على احد اطقم قوات هادي بعد تقدمه نحو 20 مترا فقط من موقعه ، ما جعل الطيران الذي لا يكاد يغادر سماء مأرب يستهدفه بصاروخ ويلقى جميع من كانوا من الموالين للتحالف حتفهم في سلسلة اخطاء متكررة فرضها واقع تكثيف الطيران لعملياته في مناطق الاشتباك القريبة ، والمفترض ان تقوم بتك المهمات طائرات حربية ، لطن الخشية من استهدافها يمنع ذلك ويدفع بالتحالف الى استعمال الطائرات الحربية رغم ان ذلك ليس من مهامها وارتفاع كلفة تشغيلها في تلك الظروف .
خلال الاشهر الماضية شهدت قوات العملاء في مارب والساحل الغربي انشقاقات كبيرة ، كما قتل الكثير من تلك القيادات في حوادث غامضه لم يكشف عن تفاصيلها حتى اللحظة ، من ابرزهم قائد قوات الأمن المركزي العميد محمد شعلان ، والعميد ناجي الوايلي واخرون ..
وتقول مصادر ميدانية إن المعارك حول المدينة التي تشكل اخر معاقل التحالف وعملائهم المحليين عادت من جديد عقب هدوء احتراما لعيد الفطر المبارك .
وتضيف المصادر أن قوات الجيش واللجان تحرز تقدما باتجاه المدينة التي اضحت بمرأى العين للمهاجمين ، في وقت تعاني فيه قوات المرتزقة الانهاك ، والتخبط والقلق ، واخر ذلك استمرار حظر سير الدراجات النارية في مأرب حتى اشعار اخر وفق اخر قرارات سلطة العرادة العميلة للتحالف .
بقدر ما اضافت معركة مأرب تعقيدا الى المسار التفاوضي في مسقط ، بقدر ما تشكل اليوم رافعة الحل ، مضي صنعاء في المعركة غير ابهة للضغوط وضع الولايات المتحدة امام خيار الاستمرار في التفاوض وتقديم التنازلات ، ربما ما يحمله غريفث هو احدى تلك التنازلات ، لكن الاهم يبقى مرتبطا بتطور معركة مأرب .
الامريكيون ومعهم السعوديون يعترفون بان القوة الجوية والغارات المكثفة وحدها تبقي المدينة صامدة حتى الان ، و لولأ ذلك لكانت سقط في غضون ايام إن لم يكن ساعات .
تطورات معركة مأرب ورفض صنعاء لمجمل الضغوط الدولية عليها وكذلك العروض لوقفها ، قد يكونان سببا رئيسيا للاستجابة الى مطالبها ووصول غريفث الى صنعاء بعد عام من القطيعة معه .
باتريك ثيروس وهي سفير امريكي سابق في عدد من الدول العربية علق زيارة غريفث لصنعاء بالقول : هناك تقدم في المفاوضات و ” الحوثيين ” لديهم مطالب حول الضمانات ، والامريكيون لديهم هذه الضمانات ، واستمرار المعركة في مأرب يقرر الخطوة التالية ونتيجتها ستقرر ما سيكون بعد.
واضاف في حديث للجزيرة : عموما نحن في اتجاه وقف عام لإطلاق النار ، لكن لا اعتقد ان هناك ضغوطا موجودة لوقف المعركة في مأرب ، و” الحوثيين ” في موقف اقوى حاليا وهم يتحكمون حاليا بمسار المفاوضات والجميع ينتظر نتيجة المعركة في مأرب .
قبل يوم من وصول غريفث الى صنعاء قال وزير الخارجية العماني إن وقفا اطلاق النار وتدفق منتظم للمساعدات بوابة لحل سياسي “للأزمة ” في اليمن ، واصفا المباحثات مع المبعوث الامريكي الى اليمن تيموثي ليندر كينغ في مسقط بالجيدة .
تقاطع المعلومات بين الجانبين الامريكي والعماني يظهر ان فصلا للمسارين الانساني والسياسي هو ابرز بنود الخطة التي يحملها غريفث ، خطة بقدر ما تحقق رغبة صنعاء فقد واقفت عليها واشنطن عبر مبعوثها المقيم في مسقط وهي من بيدها العقد الحل في شان استمرار او وقف العدوان على اليمن تقول صنعاء منذ 6 سنوات .
بعد ساعات من الان يعقد المبعوث الاممي مارتن غريفث مؤتمرا صحفيا لدى مغادرته مطار صنعاء ، لا يتوقع ان غريفث يعلن عن مفاجأة ، الدخان الابيض لن يتصاعد من صنعاء بل من مسقط حيث يتواجد موفدا طرفي الحرب الحقيقيين عبد السلام وليندركينغ حيث لعب الوسيط العماني دورا قد يضاف الى ايجابيات موقف عمان تجاه اليمن ويحسب لها مستقبلا مع بروز مؤشرات نهوض يمن قوي في المنطقة .
دائما ما تشهد نهاية الحروب اعنف المعارك ، ودائما ما يكون الغائب الوحيد عن مفاوضات السلام خونة أوطانهم .. هذه حال العملاء في الحروب .. والتاريخ يكرر نفسه..
في اتجاه تلبية شروط صنعاء للحديث معه واستقباله ،
بحسب الانباء الرسمية فإن غريفث ناقش مع السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي