التكافل الاجتماعي وسيلة اليمنيين لتخفيف معاناتهم جراء الحرب
تقرير: يحيى جارالله
رغم معاناتهم الإنسانية والمعيشية المتزايدة نتيجة العدوان الأمريكي السعودي، واستمراره في تشديد الحصار على البلد وافتعال الأزمات وتضييق فرص العيش، استقبل اليمنيون شهر رمضان المبارك بحفاوة وروحانية وتكافل مجتمعي منقطع النظير.
هلّ الشهر الفضيل على الشعب اليمني للعام السابع على التوالي والبلد يتعرض لحرب عدوانية دفعت بمئات الآلاف من الأسر إلى تحت خط الفقر، لكنها لم تمنع اليمنيين من ممارسة حياتهم بما فيها من مناسبات دينية ووطنية وعادات اجتماعية حميدة، كان لها دوراً كبيراً في تعزيز صمودهم في وجه التحديات والأزمات المفتعلة من قبل العدوان كجزء من حربه السافرة على اليمن.
فعلى الرغم من تراجع إقبال اليمنيين على ارتياد الأسواق لشراء احتياجات شهر رمضان من المنتجات الغذائية قياسا بسنوات ما قبل العدوان بفعل تفاقم الوضع المعيشي بعد ست سنوات ونيف من الحرب العدوانية والحصار إلا أن التكافل السائد في المحافظات الحرة لعب دوراً مهماً في تعزيز التماسك الاجتماعي، والحيلولة دون وقوع آلاف الأسر الفقيرة والمعدمة في براثن الجوع.
ولأن الطلب على شراء السلع والحصول على الخدمات مرتبط بتوفر مصادر الدخل وفي مقدمتها الرواتب التي قطعها تحالف العدوان عن موظفي الدولة بالتزامن مع انحسار فرص العمل نتيجة توقف غالبية المصانع الإنتاجية والمنشآت الاقتصادية عن العمل وتدهور بيئة الأعمال منذ بداية العدوان أدى كل ذلك إلى فقدان غالبية القوى العاملة لوظائفها ومصادر دخلها وجعلها عاجزة عن شراء الكثير من السلع ليقتصر طلبها على السلع الأساسية والضرورية للبقاء على قيد الحياة.
ومما زاد الوضع سوءاً هو ارتفاع أسعار السلع الغذائية نتيجة التراجع المضطرد لقيمة العملة كنتيجة للحرب التي يتعرض لها الريال اليمني كغيره من مؤسسات وثروات اليمن المهدرة والمنهوبة من قبل العدوان ومرتزقته.
يضاف إلى ذلك فشل الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها في تلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني رغم حصولها على مليارات الدولارات سنوياً تحت مسمى تمويل خطط الاستجابة الإنسانية دون أن يصل منها سوى الفتات بينما يذهب الجزء الأكبر منها لتغطية نفقات المنظمة وأنشطتها البعيدة كل البعد عن معاناة اليمنيين.
وفي ظل ضعف الدور الدولي والأممي وجد اليمنيون أنفسهم أمام واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية فتكا بالبشر ما دفعهم للتكاتف والاعتماد على النفس لإنقاذ مئات الآلاف من الأسر الأكثر تضرراً من تبعات العدوان والحصار انطلاقا من هويتهم الإيمانية وتاريخهم الحضاري وثقافتهم الحافلة بروابط الإخاء والتعاون والإيثار وفعل الخير والتراحم.
شكل التكافل الاجتماعي بين اليمنيين أحد أهم أسرار وأسباب الصمود في مواجهة الحصار وسياسات التجويع والحرب الاقتصادية التي يمارسها تحالف العدوان الأمريكي السعودي ضد الشعب اليمني منذ سبع سنوات.
ففي واحدة من أروع صور التلاحم والتكافل بين أبناء المجتمع اليمني شهدت المدن وعواصم المحافظات في السنوات الأخيرة إنشاء العديد من المخابز الخيرية المدعومة إما من الهيئة العامة للزكاة أو المؤسسات الخيرية والتنموية الفاعلة أو القطاع الخاص والتي تعمل على توزيع الخبز على الأسر الفقيرة والمعدمة مجاناً.
وتعددت أشكال ونماذج التكافل التي شهدتها البلاد على مستوى المحافظات والمديريات والقرى والعزل بقوافل العطاء وحملات الإغاثة للمناطق والفئات المجتمعية الأكثر تضرراً وغير ذلك من المشاريع والأنشطة الإنسانية التي لعبت دوراً مهماً في توفير الاحتياجات الأساسية للأسر الفقيرة والمعدمة والنازحة.
جعل اليمنيون من التكافل الاجتماعي وسيلة دفاع ناجعة تفوق صواريخ وقنابل العدوان بما له من دور في الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، خصوصا بعد أن تحول إلى عمل مؤسسي منظم تبنته الدولة والحكومة في إطار خطط مدروسة تضمن وصوله إلى كافة الشرائح الاجتماعية المستهدفة.
وفي هذا السياق تضمنت الخطط التنفيذية للمرحلتين الأولى والثانية من الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة تنفيذ أنشطة وبرامج على مستوى الوزارات والمحافظات والمديريات لتفعيل علاقة التكافل بين أبناء المجتمع بما يحقق التنمية والأمن وتعزيز صمود الجبهة الداخلية وتحصين البلاد من أي أفكار هدامة تمس النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية أو أي ممارسات تخدم العدوان، فضلاً عن إحياء النظام الاجتماعي التكافلي المعزز للتنمية بما يتوافق مع القيم الأصيلة والهوية الوطنية.
وبفضل التكاتف الرسمي والشعبي استطاع اليمنيون إفشال مخططات العدوان ورهانه على ورقة الحرب الاقتصادية وسياسة التجويع لإخضاعهم واحتلال بلدهم بالتزامن مع استمرارهم في الكفاح والعمل بمختلف المجالات المعززة للصمود ومواجهة العدوان وتحمل تبعاته الخطيرة على الوضع المعيشي والإنساني.