اليمن: “نصوم كل يوم من أيام السنة” – بالنسبة للكثيرين رمضان صعب جدا مع قلة الغذاء وارتفاع الأسعار
كيف يستعدّ اليمن لاستقبال شهر رمضان؟ بالنسبة للكثيرين فإن كل يوم من أيّام السنة هو شهر صيام، مع شح الغذاء وغاز الطهو، وارتفاع الأسعار، واستمرار الصراع الذي يزيد من صعوبة الحياة.
وفي اليمن، يحلّ رمضان هذا العام بشكل أصعب مما كان عليه في أي وقت مضى. ويعرب برنامج الأغذية العالمي، أكبر وكالة إنسانية تعمل في البلاد، عن خشيته من أن أكثر 20 مليون شخص لن يستمتعوا بوجبات رمضان المفضلة، بل قد لا يكون لديهم ما يكفي من الغذاء للبقاء على قيد الحياة.
ويعمل برنامج الأغذية العالمي على تغطية الاحتياجات الغذائية الأساسية لأكثر من 10 ملايين شخص شهريا، ويشدد على أهمية الحصول على التمويل والوصول غير المقيّد إلى جميع أنحاء البلاد للوصول إلى جميع اليمنيين المحتاجين.
لكن، كيف تستعد المرأة اليمنية لهذا الشهر؟ فهي ربّة المنزل، هي الأم والشقيقة، ويتطلع الأطفال إليها لتأمين الغذاء، وتوفير بعض من أجواء رمضان. هذه قصص بضع نساء يمنيات وكيف ينظرن لقدوم شهر رمضان:
أفراح: نصوم كل يوم من أيام السنة
أفراح (34 عاما) هي أم لأربعة أطفال. تقول: “رمضان كان أفضل قبل الحرب. يتكون الإفطار من الأرز والدجاج واللبن، أما الآن فلا يأكل أطفالي سوى الخبز والماء”.
قبل حلول شهر رمضان، كانت أفراح تجمع أكبر قدر ممكن من القمامة من الشوارع، والبلاستيك والورق وخردة الخشب، والأغصان، وتستخدمه كوقود لإشعال النار في فرنها الصغير لتخبز، إذ لم يتوفر وقود الطهو لدى أسرتها منذ أكثر من ستة أشهر.
تقول أفراح: “في أول يوم برمضان، لا أملك سوى القليل من الطحين وبيضة واحدة لإطعام أسرتي. سأعدّ الخبز لأولادي وأسلق البيضة، وسأقطع البيضة والخبز قطعا صغيرة. هذه هي الوجبة الوحيدة المتوفرة لدينا”.
أما الطعام الذي تتلقاه من برنامج الأغذية العالمي، فتتقاسمه غالبا مع نساء أخريات، مثل جارتها حُسن. وتضيف قائلة: “نصوم كل يوم من أيام السنة الآن. لا فرق بين شهر رمضان والأشهر الأخرى”.
حُسن: لا أتطلع لقدوم العيد
حُسن البصير (24 عاما) قلقة من قدوم عيد الفطر. فعيد الفطر يعني لحظة احتفال كبيرة وهو وقت تجتمع فيه الأسر وتتقاسم الولائم وتتبادل الهدايا. والكثير من الأشخاص يشترون ملابس جديدة في العيد.
تقول حُسن، الأم لثلاثة أطفال: “لا أريد أن يأتي العيد. ينفطر قلبي عندما يرى أطفالي أطفالا آخرين يرتدون ملابس جديدة للعيد فيما لا يمكنني شراء أي شيء لهم”.
تعاني حُسن من سوء التغذية وتكافح من أجل إرضاع طفلتها ذكريات، التي تبلغ من العمر خمسة أشهر فقط. وفي حين يجب أن تتلقى دعما غذائيا خاصا من برنامج الأغذية العالمي، تقول إنها تجد صعوبة في السفر إلى المراكز الصحية.
وتضيف قائلة: “كل ما أفكر فيه هو من أين سأحصل على الطحين لصنع الخبز، والحطب لإشعال النار”.
ديانا: اليمن مقبرة للأحياء
بالنسبة لديانا عبد الجليل (23 عاما) فإن الإفطار في رمضان يعني اختيارا صعبا: “لن تكون هذه النار كافية للأرز والقهوة. أريد أن أشرب القهوة، لكن صنع الأرز أهم لأنه يجعلنا نشعر بالشبع. هذه الخيارات التي نتخذها الآن”.
تزوجت ديانا في عمر 12 عاما، ولديها طفلان يبلغان من العمر عاما واحدا وعامين. وتقول إنها كانت تحلم بالتعليم وحياة مختلفة تماما. لكن “جاءت الحرب ودمرت كل شيء في قلبي وحطمت كل أحلامي، أعلم أن اليمن مقبرة للأحياء”.
حنان: أتمنى أن أعيش بسلام
حنان كانت في 13 عاما عندما بدأت الحرب، وتبلغ الآن 17 عاما. وقد دُمر منزلها بأول هجمات صاروخية ضربت العاصمة صنعاء في 26 آذار/مارس 2015. وتعيش أسرتها المكوّنة من ستة أفراد في غرفة واحدة مستأجرة.
تقول حنان: “أتمنى لو جاء شهر رمضان في وقت كان لدينا فيه الكثير من الطحين والأرز والغاز. لكن رمضان جاء وما زالت الحرب مستمرة والجوع مستمر. بالنسبة لي، كل ما أتمناه كفتاة يمنية هو أن أعيش بسلام. أن يعود غاز الطهي إلى بلدي وأن تنتهي الحرب. أن يترك الخوف بلدنا ونعيش بسلام”.
خلود تبتكر موقدا للطهو
أجبرت الحرب الوحشية خلود (24 عاما) وعائلتها على الفرار أربع مرات. وأسرتها أصلا من تعز، وهي أم لطفلين وتعيش الآن في صنعاء، حيث يدعم برنامج الأغذية العالمي عددا كبيرا من النازحين داخليا.
تقول خلود: “هذا هو المكان الذي انتهى بي المطاف في حياتي. لقد زرت العديد من الأماكن، وكان لدي عمل، اعتدت أن أكون شخصا ما في الحياة. لكن حياتي الآن هي مجرد صراع يومي لإطعام أطفالي”.
وقد عملت خلود قبل الحرب مساعدة لجرّاح في مستشفى محلي. وكانت لديها أحلام بالوظيفة وبناء أسرة تتمتع بصحة جيدة. “لم أعد أشعر أنني الشخص الذي اعتدت أن أكون قبل أن تضرب الأزمة بلدي، لقد أصبحت شخصا آخر”.
ابتكرت خلود نوعا جديدا من المواقد التي تستخدم وقودا أقل بكثير من مواقد الحطب التقليدية. وقد ساعدت النساء الأخريات في حيّها على تبني تصميمها الذكي، وتؤكد أنه بعد ليلة مظلمة سيأتي فجر جميل فهو حلمها وحلم كثير من الناس.
سلطانة: أشعر بالذنب من أن طفلي سيولد في سجن
رمضان صعب على سلطانة (28 عاما) وهي حامل في شهرها الثامن بطفلها الأول. وتعيش الأم الشابة في بني حشيش، على بُعد حوالي ساعة من العاصمة صنعاء.
تقول: “ارتدت الجامعة، كان لدي أمل كبير أنه بعد التخرّج من الجامعة سأعمل في مدرسة حكومية وأعلم أطفال اليمن. مرت ثلاث سنوات ولم أعمل حتى الآن”.
تزوجت سلطانة قبل تسعة أشهر فقط. وكانت قلقة من أن يضطر زوجها هيثم للقتال في الصراع، فغادر اليمن إلى المملكة العربية السعودية، على أمل العثور على عمل.
لم أكن أتوقع أن أندم على الحمل. اليمن هو أكبر سجن مفتوح في العالم — سلطانة
تقول سلطانة في إشارة إلى الحبوب التي يوزعها برنامج الأغذية العالمي على النساء الحوامل: “أمشي لساعات طويلة في الشمس بحثا عن مراكز صحية توزع الطعام على النساء الحوامل”.
وأضافت تقول إن الحرب تسببت في معاناة شديدة: “لم أكن أتوقع أن أندم على الحمل. اليمن هو أكبر سجن مفتوح في العالم. أشعر بالذنب لأنني سألد طفلا في هذا السجن”.
وتشدد سلطانة على أنها مصممة على تحقيق الاكتفاء الذاتي: “أحب الخضار. لقد زرعت حديقة في وسط منزلي حتى أتمكن من زراعة الخضراوات لنفسي”.
ابتسام تركت المدرسة للاعتناء بأشقائها
ابتسام (18 عاما) تعتني بأشقائها الخمسة، بعد توجه والدها للعمل في السعودية، وأمها مريضة طريحة الفراش. تقول: “لقد مُنعت من إكمال الدراسة. أنا أعرف فقط كيف أقرأ قليلا. عندما بدأت الحرب، توقفت عن الدراسة في المدرسة والآن أعمل طوال اليوم في جمع الحطب لإشعال النار وطهي الطعام وإطعام أشقائي الصغار”.
لكنّها تضيف أن رمضان وقت صعب بالنسبة لها لأنها تتحمل مسؤولية أشقائها: “لا يوجد ما يكفي من الطعام لتقسيمه عليهم”.