التفاصيل الكاملة لرحلة تعذيب مختطفة جنوبية حتى الموت في سجون مأرب
صمت العالم وتواطئ الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، شجع قوات التحالف وميلشيات حزب الإصلاح في محافظة مأرب، التفنن في ارتكاب أبشع الجرائم ضد المدنيين بما فيهم الأطفال والشيوخ والنساء والمسافرين من الحجاج والمرضى والطلاب، حتى وصل بهم الأمر إلى انتهاك أعراض وحرمات النساء المستضعفات من النازحات وحتى من زيجات مرتزقة يمنيين يقاتلون في صفوفهم، من خلال عمليات اقتحام المنازل في وضح النهار، وتعذيبهن حتى الموت كما حدث للمختطفة “صفاء الأمير”، التي لم يشفع لها نسبها كونها سلطانة يمنية، وأبنة وزوجة قادة عسكري بارز قاتل معهم ضد بلاده.
سلطانة جنوبية في مهب الريح
لم يخطر في بال الضحية “صفاء”، بأن الصراعات فيما بين القيادات والجماعات المسلحة الموالية للتحالف سيؤدي بها إلى مصاف “إقبية التعذيب” في زنازين التحالف.
بل أن مجرد تفكيرها لم يتوقع أن أصلها العريق ومكانة أسرتها الرفيعة في المجتمع اليمني لن يشفع لها عند جلاديها، فهي سلطانة يمنية من الجنوب، حفيدة السلطان “محمد صالح الامير الحوشبي” سلطان الحواشب لحج المسيمير، وأبنة العميد “خالد الأمير” مدير دائرة المستودعات في هيئة الإسناد اللوجستي التابع لقوات التحالف، وزوجة “باسم على الصامت” أحد ضباط قوات التحالف من المحسوبين على الإمارات.
الضحية صفاء رحلت من جنوب اليمن برفقة والدها إلى مدينة مأرب، حيث تزوجت في مأرب من أحد الضباط التابعين للواء “صغير بن عزيز” رجل الإمارات الأول بالمحافظة الغنية بالنفط.
تصفية حسابات
صراعات دموية وتبادل للتهم، كانت السمة التي لازمت القيادات العسكرية والجماعات المسلحة التي ارتمت في أحضان دول التحالف، ارتفعت وتيرتها بعد نشوب الأزمة الخليجية وحصار قطر، ما فاقم الشرخ بين الفصائل المسلحة التابعة للسعودية والإمارات وفصيل الإخوان الموالي لقطر وتركيا.
تصارع الأخوة الأعداء في المناطق المحتلة بالمحافظات الجنوبية، وراح ضحيتها الألاف من الضحايا بينهم أبرياء، كانوا عرضه للاغتيالات والقتل والاغتصابات والاختطاف القسري، ليتبادل المتصارعون التهم ضد بعضهم البعض، ووصل الأمر بهم لتحميل كل طرف للأخر حتى مسؤولية الهزائم التي تجرعتها قوات التحالف على يد قوات صنعاء.
وفي مأرب أرتفعت حدة الصراع وتبادل التهم عقب تطهير قوات صنعاء لجبهات نهم والبيضاء والجوف وتضييق الخناق على قوات التحالف داخل مدينة مأرب من ثلاث جهات، وكذا الضربات الصاروخية والطيران المسير الموجعة والتي راح ضحيتها العشرات من كبار ضباط القوات السعودية.
وأمام تصاعد حدة الخلافات فيما بين الجماعات المسلحة المحسوبة على الإمارات والسعودية والمحسوبة على قطر وتركيا وأمام دقة ضربات قوات صنعاء الصاروخية والمسير، والتي طالت تحركات قيادات قوات التحالف والتعزيزات العسكرية في مدينة مأرب، سارعت ميليشيات الإصلاح لاعتقال العديد من القادة والضباط العسكريين المحسوبين على “صغير بن عزيز” واتهامهم بالخيانة، حيث عرضت وسائل الإعلام التابعة للحزب فيلم وثائقي يحمل عنوان “خيوط العمالة” يتحدث عن ما اسموه خلية تجسسيه لقوات صنعاء، ظهر فيها والد وزوج الضحية “صفاء”.
أحلام وردية تتحول لكابوس
لم تدم سعادة السلطانة المغدور بها كثيراً، ومع غروب شمس يوم 5 ديسمبر 2012، وحلول الظلام قامت السلطانة بإصلاح هندامها، ولبست الثوب الأبيض لكونها عروس حديثة، ورششت على ثوبها عطرا من قنينة (شليمار)، ترقباً لاستقبال عودة بعلها وفارس أحلامها.
قرعت أبواب منزلها، ومع كل قرعة كان قلب “صفاء” ينبض نبضة شوق وتلهف للحب القادم خلف الأبواب، وببراءة الملائكة فتحت الضحية الباب، لتهبط الصدمة على مقلة صفاء الذي انقلب لون عينها من الأبيض إلى الأسود من هول العاصفة التي رأتها، حيث لم يكن قارع الباب، حبيباً يحمل في يده وردة، بكل كانوا مسلحون يحملون البنادق ويستقلون عربات ومدرعات عسكرية، حينها أنزلت صفاء أزهارها وقالت بصوت يرتعد وقلب يرتهب من أنتم، فكان الجواب صادماً، بأنهم قوات تابعة للتحالف جاؤوا للقبض عليها.
وقبل أن تسأل صفاء عتاولة التحالف عن الجرم الذي صنعته ليتم اعتقالها، تهافت السجانون على جسد السلطانة الصغيرة بلا رحمو وشفقة وقاموا بتقييدها واقتيادها إلى ظهر مدرعة عسكرية اقتادتها إلى دهاليز سجن الموت في الاستخبارات العسكرية بمدينة مأرب.
أهوال تفوق الخيال
طوال شهرين عجاف عاشت صفاء صراعاً مأسوياً مع “إقبية التعذيب” في زنزانة شديدة البرودة، وشديدة الظلام، ومرس بحقها شتى أنواع العذاب، بل تفنن جلاديها في تعذيبها وانتهاك عرضها امام والدها وامام زوجها.
وتداول العديد من الناشطين وقيادات عسكرية وقبلية موالية للتحالف على مواقع التواصل الاجتماعي روايات مفزعة عما تعرضت له المغدور بها صفاء من شتى أنواع العذاب.
وأكد الناشطون، بأن صفاء تم تعذيبها بالضرب والجلد وحرمانها من ماء الشرب، ومن دخول الحمامات حيث لم يكن يسمح لها بالذهاب للحمام سوى مرة واحدة في اليوم الواحد ولدقائق معدودة مما تسبب في إصابتها بفشل كلوي.
وأضاف الناشطين، بأن زبانية السجن رفضوا إسعاف الضحية، أو حتى تقديم أدوية لها، حيث يحتاج مرضى الفشل الكلوي إلى علاج منتظم للبقاء على قيد الحياة، والذي يتضمن عادة جلستين أسبوعياً. فضلًا عن الأدوية الأساسية الأخرى للحفاظ على نظامهم المناعي.
خروج الروح
لم يتحمل جسد الضحية صفاء ويلات العذاب، ففارقت روحها البريئة جسد صفاء الهزيل والممزق، حينئذ لم يملأ الحزن جدران زنزانة صفاء، بل بالعكس كانت المغدور بها بحاجة إلى موت يريحها من العذاب وإلى عزاء باسم.
لم يكترث الجلادون لموتها وسارعوا إلى رمي جثة الضحية بثلاجة المستشفى العسكري في مدينة مأرب، حيث لم يكن البرد والظلام في ثلاجة الموتى يفرق عن برد وظلام زنزانتها.
وفي ثلاجة الموتى، سئلت الضحية صفاء نفسها، يبدو أنني الأن ميتة، لكن كيف أموت وأنا أوجه رصاصة واحدة إلى صدر أحد ولم أطلق حتى رصاصة على من قتلني ؟! هل أصبح الانتماء للأب والزواج جرماً عقوبته الموت ؟! حينها انحدرت من روحها البريئة دمعة حزن، وأقترب منها أحد الملائكة وهمس في أذنها قائلاً: أنتي لا لم تموتي ياصغيرة .. أنت شهيدة!
مطالبات جنوبية بالثأر