كوفيد-19: تحذير من تأثير “الاكتناز ونهج أنا أولا” على وصول اللقاحات للأفقر والأضعف في العالم

حذرت منظمة الصحة العالمية من أن العالم على شفا فشل أخلاقي كارثي، مع مواصلة بعض البلدان والشركات إعطاء الأولوية للصفقات الثنائية فيما يتعلق بلقاحات كوفيد-19، مما يتسبب برفع أسعارها، وذلك بعد توقيع 44 اتفاقية ثنائية العام الماضي، و12 اتفاقية على الأقل هذا العام.

وفي الاجتماع 148 للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية يوم الاثنين، قال مدير عام المنظمة، د. تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، إنه مع بدء نشر اللقاحات الأولى، فإن وعد الوصول العادل معرّض لخطر جسيم.

وأضاف: “تم الآن إعطاء أكثر من 39 مليون جرعة من اللقاح في 49 دولة على الأقل من الدول مرتفعة الدخل، و25 جرعة فقط في إحدى الدول ذات الدخل المنخفض – ليس 25 مليون جرعة ولا 25 ألف جرعة، بل 25 فقط“.

وتابع د. تيدروس يقول إن تجاوز الصف والقفز إلى مقدمة قائمة الانتظار، خطأ. وأشار إلى أن العالم على شفا فشل أخلاقي كارثي، وسوف يتم دفع ثمن هذا الفشل من خلال الأرواح وسبل كسب العيش في أفقر دول العالم.

اللقاح بالنسبة للبعض “لبنة في جدار عدم المساواة”

على مدار الأشهر التسعة الماضية، عملت مبادرة تـسريع إتاحة أدوات مكافحة كـوفيد-19 ومرفقها المعني بإتاحة اللقاحات على الصعيد العالمي (مرفق كوفاكس) على التمهيد للتوزيع العادل للقاحات ونشرها.

حصلنا على ملياري جرعة من خمسة منتجين، مع خيارات لأكثر من مليار جرعة إضافية، ونهدف إلى بدء التسليم في شباط/فبراير — د. تيدروس

وقال د. تيدروس: “لقد حصلنا على ملياري جرعة من خمسة منتجين، مع خيارات لأكثر من مليار جرعة إضافية، ونهدف إلى بدء التسليم في شباط/فبراير“. لكنه أضاف أن اللقاح سيكفي الجميع إذا عمل العالم كأسرة عالمية واحدة لإيلاء الأولوية للأكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض الشديدة والوفاة، في جميع البلدان.

وقال مدير عام منظمة الصحة العالمية: “إن الظهور الأخير لمتغيّرات الفيروس سريعة الانتشار يجعل طرح اللقاحات بشكل سريع ومنصف أكثر أهمية. لكننا نواجه الآن الخطر الحقيقي المتمثل في أنه حتى عندما تجلب اللقاحات الأمل للبعض، فإنها تصبح لبنة أخرى في جدار عدم المساواة بين من يملكون ومن لا يملكون في العالم“.

وأضاف أن جميع الحكومات تريد إعطاء الأولوية لتطعيم العاملين الصحيين لديها وكبار السن أولا، ولكن ليس من الصواب أن يتم تطعيم البالغين الأصغر سنا والأكثر صحة في البلدان الغنية قبل العاملين الصحيين وكبار السن في البلدان الفقيرة.

تأثر مرفق كوفاكس

أشار المسؤول في منظمة الصحة العالمية إلى مخاوف من تأخير عمليات تسليم كوفاكس بسبب الاكتناز وفوضى السوق والاستجابة غير المنسقة والاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية المستمرة.

وقال: “يزداد الوضع تعقيدا مع إعطاء معظم الشركات المصنعة الأولوية للموافقة التنظيمية في البلدان الغنية حيث تكون الأرباح أعلى، بدلا من تقديم ملفات كاملة إلى منظمة الصحة العالمية“.

وأشار إلى أن هذا النهج القائم على “أنا أولا” لا يقتصر فقط على ترك أفقر الناس وأكثرهم ضعفا في العالم في خطر، بل إنه يهزم الذات أيضا، ويؤدي إلى إطالة أمد الجائحة والقيود اللازمة لاحتوائها والمعاناة الإنسانية والاقتصادية.

World Bank/Henitsoa Rafalia
أحد مراكز الاختبار في مدغشقر., by World Bank/Henitsoa Rafalia

ثلاث طرق لتغيير قواعد اللعبة

إلا أن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أكد أن الوقت لم يفت بعد، ودعا جميع البلدان إلى العمل معا في تضامن، لضمان أن يتم تطعيم العاملين الصحيين وكبار السن في جميع البلدان خلال المائة يوم الأولى من هذا العام. وقال يمكن فعل ذلك من خلال ثلاث طرق:

  1. ندعو الدول التي وقعت اتفاقيات ثنائية وتتحكم في التوريد إلى التحلي بالشفافية بشأن هذه العقود مع كوفاكس، بما في ذلك الكمية والأسعار وتواريخ التسليم.
  2. ندعو منتجي اللقاحات إلى تزويد منظمة الصحة العالمية بالبيانات الكاملة للمراجعة التنظيمية لتسريع الموافقات. كما ندعو المنتجين إلى السماح للدول ذات العقود الثنائية بمشاركة الجرعات مع كوفاكس، وإعطاء الأولوية لتزويد كوفاكس بدلا من الصفقات الثنائية الجديدة.
  3. ندعو جميع البلدان التي تقدم اللقاحات إلى استخدام اللقاحات التي تلبي المعايير الدولية الصارمة للسلامة والفعالية والجودة وتسريع الاستعداد لنشرها.

“عدم المساواة في الصحة”

أشار د. تيدروس إلى أن موضوع يوم الصحة العالمي هذا العام (7 نيسان/أبريل) هو “عدم المساواة في الصحة”. وقال إن التحدي الذي يضعه أمام جميع الدول الأعضاء هو ضمان إعطاء لقاحات كوفيد-19 في كل دولة بحلول هذا التاريخ كرمز للأمل في التغلب على كل من الجائحة وأوجه عدم المساواة التي تكمن في جذور العديد من التحديات الصحية العالمية.

وأضاف قائلا: “بعد مرور عام على أكبر أزمة في عصرنا، لا شك أننا لا نزال نواجه خطرا غير مسبوق. لكن لدينا فرصة غير مسبوقة لجعل الصحة في صميم التنمية، وأساسا لعالم أكثر أمانا وإنصافا“.

قد يعجبك ايضا